التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

فابيوس في طهران: زيارة سياسية بنكهة إقتصادية 

بدأت ملامح الخطوة الفرنسية التي أعقبت الإتفاق النووي بين طهران والدول الـ٦ تطفو على السطح، حيث من المقرّر أن يتوجه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس يوم غد الأربعاء الى طهران في زيارة إقتصادية يلتقي خلالها نظيره الايراني محمد جواد ظريف والرئيس حسن روحاني .

خطوة فابيوس التي تعتبر الأولى على طريق تطبيع العلاقات الفرنسية – الايرانية، حتى أن وزير الخارجية الفرنسي أعرب عن رغبته أن يكون أول مسؤول فرنسي رفيع المستوى يزور ايران بعد التوصل الى اتفاق فيينا حول الملف النووي الايراني ممهداً الطريق امام زيارة وفد من ارباب العمل وممثلي كبار الشركات الفرنسية المقررة في ايلول المقبل، وبالتالي يصبح أول وزير خارجية فرنسي يزور طهران بعد ١٣ عاماً، حيث كانت آخر زيارة قام بها وزير خارجية فرنسي الى ايران للوزير دومينيك دو فيلبان عام ٢٠٠٣.

الوزير الفرنسي الذي وجد حالياً أن “كل شروط الزيارة باتت مجتمعة”، سيناقش مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف كافّة المواضيع الساخنة على الساحة الإقليمية، الوضع السوري، العدوان السعودي على اليمن، ولن تخلُ الزيارة من تعبيد الطريق أمام العلاقات الإقتصادية التي توليها فرنسا أهمية كبيرة في الآونة الأخيرة بسبب أزمته الإقتصادية.

في المقابل أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس الاثنين أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لإيران ستكون اختبارا لطهران بعد توقيع الاتفاق التاريخي حول البرنامج النووي الإيراني . وأضاف أن الطريقة التي سيتم استقبال فابيوس بها ستكون بمثابة “تقييم لتصرف إيران”، في إشارة إلى الهجمات التي تعرض لها فابيوس مؤخرا بسبب مواقفه الحازمة والمعرقلة خلال المفاوضات التي أدت إلى اتفاق فيينا .

لم تخف طهران إنزعاجها من المواقف السابقة لفرنسا خصوصاً في الفترة الأخيرة من المفاوضات، بعد التقارب الفرنسي-السعودي الذي حصل إثر الصفقات العسكرية بمليارات الدولارات، إلا أنها ترى اليوم، بعد الإتفاق الأخير، انه بالإمكان تجاوزها من خلال النية الحسنة (ظاهرياً على الأقل)، التي قد تطوي صفحة فرنسا السوداء في التعاطي مع كافّة الملفات التي تخصّ طهران، لاسيّما النووية.

 

وفي مراجعة بسيطة يمكن ملاحظة الآتي :

أولاً: لم تنحصر المواقف الفرنسية التي أثارت إمتعاض طهران بالمفاوضات النووية، بل إتخذت إدارة الرئيس هولاند مواقف “تخريبية” في العديد من الملفات الإقليمية حيث تعتبر فرنسا إحدى أبرز الدول الداعمة للمعارضة السورية المسلحة، كما أنها خالفت بشدّة كافّة الطروحات الإيرانية والروسية لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية. كذلك لم تتوان فرنسا عن تأييدها للعدوانين الإسرائيلي والسعودي على غزة واليمن، فضلاً عن ترويجها لسياسة “الإسلام فوبيا” في السنوات الأخيرة، وخصوصاً بعد حادثة شارل أبيدو.

ثانياً: قد يكون إعتبار الجانب الإقتصادي هدفاً وحيداً للزيارة، رغم إستحواذه على حصة الأسد، أمراً مجانباً للحقيقة، إذ تحاول فرنسا أيضاً إضافةً إلى معالجة أزمتها الإقتصادية عبر الصفقات العسكرية والمشاريع الإستثمارية، تحاول إستعادة دورها السياسي في المنطقة والعالم. فرنسا التي كانت أبرز الفاعلين على الساحة الإقليمية حتى أواخر القرن الماضي، باتت حالياً بسبب سياستها العدائية تجاه دول المنطقة عموماً والمسلمين على وجه الخصوص طرفاً منبوذاً وغير فاعل في المعادلات الشرق أوسطية.

ثالثاً: لا ريب في أن الإتفاق النووي كان بمثابة المدخل الذي سيعبر منه هولاند إلى طهران، لأن المواقف الفرنسية تشير إلى إنفتاح إقتصادي على كافّة دول العالم بسبب الازمة الإقتصادية. ويمكن الإشارة هنا إلى الصفقات العسكرية التي أبرمتها باريس مع الرياض والإمارات، وكذلك الزيارات المكوكية التي قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى القارة السمراء بدءاً من أنغولا وإنتهاءاً بنيجيريا وما بينهما.

رابعاً: تستفيد باريس من الاوضاع المتأزمة إقليمياً، لاسيّما بإعتبارها مصدّراً رئيسياً للأسلحة التي تستخدم حالياً في المنطقة سوءاً في العدوان السعودي على اليمن، او الحملات العسكرية التي تشنّها الحكومة المصرية ضد الجماعات الإرهابية في سيناء، أو حتى تلك التي تستخدمها المعارضة السورية المسلحة. 

خامساً: لا يمكن لفرنسا الترويج لصفقات عسكرية مع طهران، تارةً بسبب الحظر الدولي على التسليح، وأخرى بسبب تقدّم الصناعات العسكرية الإيرانية والإكتفاء الذاتي في هذا المجال.

سادساً: لا شك في أن العلاقات الإقتصادية والمشاريع الإستثمارية الفرنسية في طهران لن تكون بعيدةً عن واقع العلاقات السياسية بين البلدين، لذلك لا نتوقع أن تسمح ايران لرجال الأعمال الفرنسيين بالإرتماء في أحضانها فيما لو بقيت العلاقات السياسية متوتّرة، وبالتالي قد تعطي إيران إمتيازات أكبر لدول أخرى تربطها علاقة جيّدة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. 

سابعاً: من المتوقع أن يحمل وزير الخارجية الفرنسي رسائل دبلوماسيّة إلى طهران من الطرف اليمني، ومن خلفه السعودي، حيث اعتبرت مصادر دبلوماسية فرنسية أن باريس تريد أن تجس النبض في طهران وأن ترى ماإذا كانت إيران تنوي أن تلعب دورا إيجابيا للمساعدة في تبريد الأزمات وإيجاد حلول سياسية لها (حسب تعبیر المصادر)، خاصةً أن فابيوس إلتقى وزير الخارجية اليمني المستقيل رياض ياسين قبل يومين فقط من الزيارة.  

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق