التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

تفجير سترة: مسرحية الإرهاب المخابراتي 

“مسرحية سترة” عبارة تلخص واقع الحادثة الأخيرة في منطقة سترة البحرينية، والتي سعت من خلالها الحكومة البحرينية لضرب عصفورين بحجر واحد الأول داخلي والآخر خارجي. التفجير الإرهابي الذي إقتصرت ضحاياه على مرتزقة آل خليفة حاول توريط المعارضة البحرينية وإتهامها بالإرهاب والعمالة للخارج من ناحية، وإتهام طهران بدعم الإرهاب في سياق الحملة التي تقودها السعودية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد الإتفاق النووي بين طهران والدول الست من ناحية أخرى.

 

لقد مهّدت المخابرات البحرينية لمسرحية تفجير سترة بالإعلان قبل أيام وبالتحديد ليل السبت الأحد عن إحباط محاولة تهريب أسلحة قادمة من إيران عن طريق البحر، بينها مواد متفجرة، ليستكمل السيناريو بعد أقل من 48 ساعة عبر التفجير الذي أدى إلى مقتل شخصين وإصابة ثلاثة من رجال الشرطة بجروح بليغة كلّهم من المرتزقة، لتتفجر معها العلاقات بين طهران والمنامة من جديد، بعد أن إتهمت الداخلية البحرينية إيران بالوقوف وراء الهجوم .  وحتى تكتمل حبكة المخابرات، ذكر البيان الرسمي لوزارة الداخلية البحرينية أن المتفجرات المستخدمة في التفجير، كانت من نوع المتفجرات ذاته الذي صادرته قوات الأمن في الآونة الأخيرة بعد تهريبه من إيران .

 

لا نودّ الدخول حالياً في تبرئة طهران التي يدرك النظام البحريني نفسه أنها بريئة من التفجير الأخير في سترة كبرائة الذئب من دم يوسف (ع)، تماماً كما يدرك الفاعل الحقيقي. وفي مقابل الإتهامات الخليفيّة ندّدت الخارجية الإيرانية بالعمل الارهابي الذي وقع في جزيرة سترة، كما أكدت المتحدثة باسم الخارجية مرضية افخم أن الارهاب والتطرف هما التحدي الرئيس للمنطقة، ومن الضروري ان تضع جميع دول المنطقة، مكافحة مصادر هذا التهديد في صدر اولوية سياساتها الامنية، رافضةً الإدعاءات الواهية من النظام البحريني تجاه طهران.

 

لكن الأمر الغريب أن النظام البحريني لم يكلّف نفسه ولو ظاهرياً بالبحث عن الأدلة التي تثبت تورط طهران، كما أنه لم يطرح فرضية وقوف تنظيم داعش الإرهابي الذي كان قد هدد في وقت سابق بضرب البحرين واستهدافها بالعمليات الانتحارية والعبوات الناسفة، مع علمنا المسبق أن أهداف هذا التنظيم هي بيوت الله، ولكن ربّما تكتمل مسرحية المخابرات البحرينية اذاما وضعت نظرية داعش، وبالتالي تزعم أنها وصلت إلى النتيجة المعروفة مسبقاً أي طهران بعد “البحث والتدقيق”.

 

تأتي إتهامات البحرين التي إستدعت سفير طهران في المنامة وسلمته مذكرة إحتجاج، في وقت تتم فيه نقاشات حول تطبيق الإتفاق النووي بين طهران والدول الست، ولا يمكن فصلها عن المساعي التي تبذلها السعودية الراعي الرسمي للحكومة الخليفية حاليا، لحشد الرأي العام العالمي ضد طهران، علّها تنجح بذلك في تعطيل الإتفاق النووي من داخل الكونغرس الأمريكي بعد أن فشلت من خلال الأموال النفطية بمنع حدوث الإتفاق. وبالتالي يكون الدور الوظيفي للحكومة البحرينية في كيل الإتهامات المكرّرة ضد طهران بمثابة الخادم للحليف السعودي الذي أرسل قوات درع الجزيرة لقمع التظاهرات السلمية في هذا البلد.

السؤال الذي يطرح نفسه أيضاً، كيف يمكن لطهران أن تقدم على هذه الخطوة الخطيرة في هذه الظروف الإقليمية والدولية مع إدراكها المسبق أنها ستكون المتضرّر الأكبر من ذلك؟ ورغم كافّة الإدعاءات السابقة للحكومة البحرينية تجاه طهران لم يثبت تورّط ايران أبداً بهذه الأعمال الإرهابية لا في البحرين ولا في غيرها من الدول.

 

كذلك تسعى الحكومة البحرينية من خلال هذه الخطوة لضرب المعارضة السلمية في الداخل عبر إتهامها بالإرهاب من ناحية وبالعمالة للخارج من ناحية أخرى، خاصةً أن العديد من المصادر السياسية تذهب إلى أن النظام البحريني يلجأ في الفترة الأخيرة إلى “تفجير الوضع الداخلي” بعد ضغوط تعرض لها من جانب بعض الحلفاء لإجراء إنهاء للملف الأمني، والدخول في حلول سياسيّة للأوضاع المتدهورة في البلاد. وبالتالي حاولت الحكومة البحرينية الهروب من هذه الضغوط التي تطالبها بإنهاء الأزمة عبر الزج بإيران في الأحداث الداخلية معتمدةً سياسة الهروب إلى الأمام.

 

لم تتّعظ الحكومة البحرينية حتى يومنا هذا من طيلة سنوات الثورة السلمية للشعب البحريني، ربّما كان من الأجدى لها أن تتعاطى بواقعية مع المطالب المحقة لهذا الشعب، وكما لم تنجح كافّة المؤامرات السابقة في توريط الثورة بأعمال إرهابية للإنقضاض عليها تحت غطاء المجتمع الدولي، لن تنجح هذه المؤامرة الخليفية أيضاً لأن قيادة الثورة البحرينية وكما عهدناها، ستتعاطى بحكمة مع هذه المخططات وأي مخططات جديدة للوصول إلى مطالبها المحقّة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق