التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

أحداث جنوب اليمن: كيف تسعى السعودية لترسيخ حكم الإرهاب في جنوب شبه الجزيرة العربية؟ 

لم تعد السعودية دولةً تسعى للحرب وتحقيق الإنجازات، بل أصبحت تسعى لزرع بذور الإرهاب وترسيخ واقعه السيء. وقد يطول الحديث حول هذا الموضوع وبالتحديد عند ربط الصراعات في المنطقة لا سيما منذ إندلاع الأزمة السورية وصولاً الى العراق فاليمن اليوم. لكن أحداث الجنوب اليمني الأخيرة تشكل بحد ذاتها نموذجاً للمشروع السعودي الحقيقي في المنطقة والعالم العربي. فكيف يمكن وصف وقائع الجنوب الأخيرة؟ وماذا في القراءة التحليلية لها؟

 

وقائع الجنوب الأخيرة:

منذ فجر الثلاثاء تحصل معارك عنيفة على أسوار قاعدة العند الجوّية ومدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، جنوب اليمن وبغطاء جوّي من التحالف الأمريكي السعودي. كما أن طائرات التحالف شنّت أشد غاراتها على قاعدة العند الجوية، مما أدى إلى اشتعال النيران في أجزاء متعددة منها. وفي سياقٍ متصل أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش، أمس الثلاثاء، أن غارة التحالف الأمريكي السعودي التي أوقعت ٦٥ قتيلاً من المدنيين في مخا بجنوب غرب اليمن، يمكن اعتبارها “جريمة حرب”. وكتب أولي سولفانغ مسؤول حالات الطوارئ لدى المنظمة “مع الغياب الواضح لأي هدف عسكري، يمكن اعتبار هذا الهجوم جريمة حرب”. وتابع سولفانغ أنه زار مكان الهجوم بعد يوم على الغارة ولم يلاحظ أي موقع عسكري بالقرب منه. فقد إستهدفت الغارة حياً سكنياً يُقيم فيه موظفو محطة لتوليد الكهرباء.

 

فيما أشارت مصادر طبية يمنية الى سقوط ٣٥ قتيلاً بينما أكدت وكالة الأنباء اليمنية سبأ بعد يومين أن الحصيلة ٧٠ قتيلاً من المدنيين. وأشارت هيومن رايتس ووتش الى أنها حصلت من مدير محطة الكهرباء جعفر قاسم على قائمة تشمل ٦٥ مدنياً قتلوا في الغارة من بينهم عشرة أطفال. وانتقدت المنظمة ومقرها نيويورك عدم قيام التحالف بالتحقيق إثر الغارة وهجمات أخرى أوقعت ضحايا من المدنيين في اليمن. ويشكل المدنيون القسم الأكبر من الضحايا الـ ٣٧٠٠ الذين سقطوا في العدوان المستمر على اليمن منذ أربعة أشهر، بحسب الأمم المتحدة.

 

قراءة تحليلية:

لا يمكن تحليل الواقع اليمني وبالتحديد ما يجري في جنوب اليمن، دون الرجوع الى الماضي القريب لربطه بالحاضر. لذلك من منطلق الحفاظ على أهمية موضوعية التحليل نقول التالي:

 

– فشلت السعودية في تحقيق كامل أهدافها لا سيما ما سعت له من كسر حركة أنصار الله والإحتضان الشعبي لها، الى جانب إعادة الرئيس هادي الذي هرب مرتين من بلاده، ويقبع حالياً في المنفى مع حكومته المستقيلة، بعيداً عن التحديات السياسية التي تطال اليمن. وهو الأمر الذي يعني أن السعودية كانت ومازالت تسعى للخروج من مأزقها عبر إيجاد مبررٍ لائق. وقد قامت نتيجة فشلها بنشر الخراب والفوضى في اليمن جارها، وهو ما سيُبقي آثاراً سلبيةً على المدى الطويل.

 

– فقد جعلت الرياض اليمن أرضاً خصبة للمتشددين وأعطتهم قدراتٍ عسكرية ولوجستية ومالية، مكنتهم من التوسع والسيطرة. والهدف الأساسي لذلك كان ضرب الحركة الشعبية المعارضة للتدخل السعودي، من خلال نشر الإرهاب عبر محاولة تكرار سيناريو العراق. وهو ما تؤكده أحداث تدمير البنية التحتية لليمن الى جانب ضرب كافة الدفاعات العسكرية في جميع المحافظات، بإستثناء محافظة حضرموت التي تسيطر عليها القاعدة. مما يعني أن الرياض كانت ومازالت تسعى لقهر اليمن دولةً وشعباً وقدرات.

 

– ولأن الشعب اليمني أثبت قدرته على التوحد وقتال الخارج واضعاً أمامه خيار إعطاء الأولوية للمصالح الوطنية، وقام بالإلتفاف حول حركة أنصار الله واللجان الشعبية، أرادت السعودية إقصائه. فهي تسعى اليوم للتقسيم بعد أن فشلت في غزوه وقهره. وهو الأمر الذي يحتوي على العديد من الدلالات السياسية والإستراتيجية الى جانب العديد من الآثار الجيوسياسية.

 

– لذلك نقول إن السعودية هدفت الى تحويل عدن المنطقة المهمة من الناحية الجيوسياسية الى جبهةٍ أساسيةٍ في الحرب، لإخضاع جنوب شبه الجزيرة العربية لحكم الإرهاب، مما يجعل هدف الإرهاب أولويةً لدى الرياض. كما أن للرأسمالية العالمية التي تقودها أمريكا وتعمل ضمن خارطتها السعودية، مصلحةٌ في نشر الإرهاب الذي يؤدي الى جني الملايين من الدولارات من خلال بيع السلاح والتجهيزات والمعدات العسكرية.

 

إن الشعب اليمني أثبت أنه لن يمضي قُدماً في أيٍ من المشاريع التقسيمية أو تلك التي تسعى الدول الأجنبية لفرضها على اليمن وقد تؤدي للإنفصال. وهنا لا نقول إن اليمنيين يمتلكون رؤيةً واحدةً للصراع الداخلي أو الخارجي، بل نقول إنهم أثبتوا تضامنهم ووحدتهم في وجه هذه المشاريع. لذلك يمكن القول إن السعودية بعد أن فشلت في الوسائل والأهداف، وجدت في زرع الإرهاب خيارها.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق