ماذا تريد تركيا من العراق؟
عبدالرضا الساعدي
بعد مواقفها المباشرة ،الصريحة والمعادية لسوريا خلال السنوات الماضية وقطع علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع الحكومة هناك ، وتدخلها غير الطبيعي في دعم الجماعات الإرهابية بمشاركة دول أخرى معروفة في نهجها المعادي لهذا البلد ، ليحل الخراب والدمار على شعب سوريا الجميل .. يبقى موقفها من العراق مثيرا للغرابة والغموض والتساؤلات المستمرة .. ماذا تريد تركيا من العراق .. ؟ فرغم العلاقات الدبلوماسية الظاهرة للعيان وكأنها معتدلة وطبيعية ، ورغم العلاقات التجارية والاقتصادية البارزة والمهمة لتركيا حيث يعد العراق ثاني أكبر سوق لصادرات تركيا بعد ألمانيا”، بحسب رأي الاقتصاديين الأتراك أنفسهم مبينين أن “قيمة الصادرات التركية السنوية للعراق تصل إلى 12 مليار دولار”.
ترى .. أين المشكلة ؟
فثمة بين الحين والآخر ، تدخلا وتجاوزا سياسيا وعسكريا على العراق ، حيث أدان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، مؤخرا ، الهجمات التي تشنها الطائرات التركية على مواقع للأكراد شمال العراق، واصفا أيها بأنها تصعيد خطير وغير مقبول واعتداء سافر من أنقرة على السيادة العراقية.. داعيا تركيا إلى احترام علاقة حسن الجوار بين البلدين وعدم التصعيد واللجوء إلى التفاهم بين البلدين الجارين في حل المشاكل.
ولكن تركيا لا تعرف لغة التفاهم مع جيرانها ، ولا تعير بالا لما يحدث في البلد حيث الحرب على داعش يشكل المهمة الرئيسة من بين مهام العراق المصيرية ، بينما الجارة تركيا التي فتحت الباب على مصراعيه لدخول وحوش داعش من كل حدب وصوب وتسهيل مهماتها لكي تعبث بأمن البلد واستقراره وقتل شعبه وتهجيرهم ، تعلن للعالم الساعة بأنها في حرب على الإرهاب ! .. ورغم كل التجاوزات والتدخلات السابقة والحالية من قبل الجارة تركيا ضدنا ، ظل العراق ومازال متمسكا بالدبلوماسية ومبادئ حسن الجوار بين البلدين كي لا تزداد الأمور تعقيدا ، بينما المنطقة مشتعلة بلهيب الحرب على داعش وأخواتها ..
تركيا اليوم تلعب لعبة خطيرة ربما ، وفق صفقات سرية ومعلنة ،في آن معا، مع الدول الكبرى للتدخل في شؤون العراق وسوريا والعالم العربي أجمع ، ولكنها بالتأكيد ليست في صالح تركيا مستقبلا ، لأن الظروف الحالية زائلة لا محالة وسيكون لنا وقفة أخرى مغايرة بعد حين من الزمن مع هذا البلد وذاك ، كلّ حسب موقفه وسياساته خلال مرحلة مهمة من حياة الشعب والدولة ..
التدخل التركي اليوم في الأراضي العراقية تحت غطاء محاربة داعش ، هي نكتة غير مضحكة بالمرة ، بل لها أغراض أخرى لا صلة لها بما تدعيه أبدا .. وتدلل أن هذا البلد الجار بحاجة لمن يذكره من هم العراقيين إن نسي ، فرجالنا الذين يدحرون داعش القادم من البوابات التركية المشبوهة ، قادرون على دحر من يتآمر عليه بالسر والعلن سياسيا وعسكريا ، وعلى تركيا أن تفكر كثيرا بمصالحها كثيرا قبل أن تنجر طويلا في متاهات لعبتها الخطيرة في العراق وسوريا ، فسيأتي اليوم الذي تتذوق فيه تركيا طعم الخراب الذي زرعته وصدرته لشعبنا ولشعوب مناطقنا المسالمة ،الآمنة والمستقرة ..
طباعة الخبر
ارسال الخبر الى صديق
في الافتتاحية