الطرح العراقي: كيف يمكن إستثمار ورقة الإتفاق الإيرانية لمصلحة العالم العربي والإسلامي؟
جعل الإتفاق النووي العديد من الدول تُعيد حساباتها لا سيما على الصعيدين الإقليمي والعالمي. ومن بين هذه الدول التي ستتأثر بنتائج الإتفاق حتماً، هو العراق. فقد خرج نائب الرئيس العراقي إياد علاوي منذ أيام، ليتحدث عن أهمية الإتفاق وما سيعود على المنطقة من منعٍ لإنتشار السلاح النووي. لكنه وبناءاً لذلك بادر لطرح أولويةٍ تعتبر مهمةً فيما يخص موضوع الأمن القومي للإقليم. مما يُعيد النقاش في السياسات المتبعة لدى الأنظمة العربية وبالتحديد. فماذا في تصريحات علاوي الأخيرة؟ وما هي دلالاتها السياسية؟
تصريحات علاوي الأخيرة:
قال نائب الرئيس العراقي إياد علاوي إن الإتفاق النووي الأخير بين إيران والمجموعة الدولية ٥ + ١ لابد وأن يصب في منع انتشار أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمة ذلك السلاح النووي. محذراً من أنه لا بد من الإستفادة من الإتفاق فيما يخص موضوع الأمن الإقليمي والذي أصبح أكثر من ضروري في مرحلة خطيرة من تاريخ المنطقة. وأشار علاوي، في تصريحٍ صحفي منذ يومين، الى أن هناك فرصة تاريخية مهمة للدول الإقليمية، في أن تبحث بشكل جدي في موضوع الأمن الإقليمي وضمان سلامة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واعتماد تبادل المصالح كأساس وأن تعتمد المنطقة على حماية نفسها وليس على قوى خارجية.
وأوضح علاوي قائلاً إنه من هذا المنطق “فأنا أدعو قادة الاعتدال في بلداننا العربية وفي مقدمتها جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، والمملكة الاردنية الهاشمية ودول مجلس التعاون الخليجي والمغرب لوضع خارطة طريق للمضي قدماً لتحقيق الأمن الإقليمي وعرض ذلك على مؤتمر إقليمي يضم الدول الإسلامية في المنطقة ودول الجوار غير العربية في أفريقيا”. وشدد على أن “الوقت قد حان لأن يأخذ القادة العرب المبادرة بتبني هذا التوجه بوضع النقاط على الحروف في القضاء على قوى التطرف والإرهاب وإيقاف التدخلات في الشؤون الداخلية واحترام السيادة واللجوء إلى الحوار والحلول السلمية بين الدول”.
الدلالات والنتائج:
يعتبر الطرح العراقي مهماً لأسبابٍ عديدة لا بد من ذكرها على الشكل التالي:
– لقد رأى العالم العربي بعد الإتفاق النووي أنه يمكن للدبلوماسية التي تقوم على مبادئ ثابتة، أن تنجح وتتغلب على العالم بأسره، عندما تكون محقةً في مطالبها. وهو النموذج الذي قدمه الإيراني خلال المفاوضات.
– لذلك فإن العالم العربي اليوم، وجد في رضوخ الأنظمة العربية والخليجية لسنواتٍ طوال في خدمة السياسة الأمريكية، أمراً لا شك أنه سيجعل الشعوب العربية تعي حقيقة أن سياسة الرضوخ هذه كانت السبب في كل الحروب والفوضى التي مزقت الكيان العربي وأرست معالم الإستعمار الغربي والإسرائيلي.
– وهنا يأتي الطرح العراقي ليكون في أهميته محاولةً لرسم خارطة طريقٍ جديدة في التعاطي السياسي الإستراتيجي للدول العربية، تقوم على وضع أولويات الشعوب ومصالح الدول في المقدمة، ومنع التدخل القائم بشؤون الدول الأخرى. الى جانب أنها يمكن أن تثمر في جعل الدول العربية محوراً يستطيع ولأول مرةٍ أن يقول كلمته إقليمياً ودولياً.
لا شك أن الطرح العراقي يأتي من منطلق القوة لا الضعف. هذه القوة التي أعطاها الإتفاق النووي للعديد من الدول. لكن الطرح الذي ما يزال في مستواه النظري، يحتاج للعمل الدؤوب الى جانب الكثير من السياسات التي تطال المجالات الإعلامية والثقافية والفكرية، التي أصبحت بسبب سياسات الأنظمة سبباً أساسياً في خراب العالم العربي والإسلامي. كما أنه لا بد من العمل من أجل زيادة التفاعل بين الدول لتجنيب المجتمعات الصراعات العرقية والدينية وتفشي الإرهاب، وقيام مشروعٍ يؤمِّن ما تسعى له الشعوب كافة. لذلك فإن تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة وتعاظم النفوذ الإيراني، يعتبر من تجليات الواقع الجديد الذي تعيشه المنطقة اليوم. وبالتالي فقد أعطى هذا الواقع الفرصة للجميع من أجل أن يقرروا مكانهم في السياسة الإقليمية والدولية.
إن الطرح العراقي يجب أن يرتقي الى مستوى التطبيق، لأنه سيجعل الأنظمة تُعيد حساباتها في وقت تسنح الفرصة فيه، للعمل من أجل إستثمار نتائج الإتفاق النووي الذي يمكن أن يعود على الدول والشعوب بالنتائج الإيجابية. فاليوم أصبحت المسؤولية أكبر، وزادت التحديات، وعلى الأطراف أن تجعل مصالح شعوبها في مقدمة أولوياتها، في وقتٍ أعطت فيه إيران ورقة قوةٍ للجميع.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق