القائد العسكري الملا أختر منصور زعيم طالبان الجديد خلفاً للملا محمد عمر: الحركة إلى أين؟
بعد تأكيد وفاة الملا عمر زعيم حركة طالبان الأفغانية عن ٥٢ عاماً في ظروف غامضة قبل سنتين، إنتخبت طالبان القائد العسكري الميداني في الحركة الملا أختر محمد منصور زعيماً جديداً لها. وكانت مصادر أفغانية أكدت أنّ هناك ٣ قادة بارزين مرشحين لخلافة الملا عمر وهم نجله الملا سردار يعقوب، الذي تخرج في مدرسة دينية في مدينة كراتشي الباكستانية، الملا ذاكر قيوم، المعتقل السابق في سجن غوانتانامو ومدير العمليات العسكرية الحالية في أفغانستان والملا أختر منصور. وبعد الإجتماع الخاص لإنتخاب خلف لعمر قال أحد القياديين اللذين حضرا الاجتماع الذي عقد مساء أمس الأربعاء “انتخب مجلس الشورى الذي عقد خارج كويتا بالإجماع الملا منصور أميراً جديداً لطالبان. وسيصدر مجلس الشورى بياناً قريباً.” وقالت مصادر إنه تمّ اختيار سراج الدين حقاني، زعيم شبكة “حقاني”، نائباً لزعيم “طالبان” الجديد.
وكان الملا محمد عمر الذي أسس طالبان في قندهار صيف ١٩٩٤ بعد انهيار النظام الشيوعي في أفغانستان في نيسان ١٩٩٢، قد تمكن من جمع عدد من القادة الميدانيين من فصائل مختلفة حوله ونجحوا في السيطرة على قندهار ومن ثم هلمند وزابل وهيرات قبل أن يصلوا إلى كابول في أيلول ١٩٩٦ ويسيطروا على أكثر من ٩٠ في المئة من الأراضي الأفغانية.
وقد ذاع صيت عمر الذي ولد عام ١٩٥٤ بمدينة ترنكوت عاصمة ولاية أورزغان، بعد سيطرة الحركة على مختلف مناطق أفغانستان، وانقطعت أخباره بعد دخول القوات الأمريكية إلى أفغانستان. واختارته حركة طالبان الأفغانية أميرا لها في آب ١٩٩٤، وبعد وصول الحركة إلى مشارف كابل، عقد اجتماع عام للعلماء شارك فيه حوالي ١٥٠٠ شخص في أواخر آذار وأوائل نيسان ١٩٩٦، وانتخب بالإجماع أميراً لحركة طالبان ولقب بـ”أمير المؤمنين”.
من هو الملا أختر منصور خليفة عمر؟
الملا منصور هو القائد العسكري لطالبان وتولى الحركة الميدانية وهو يعتبر من الرافضين للحوار مع الحكومة الأفغانية، وتمكن من مغادرة الأراضي الباكستانية قبل فترة وجيزة بعد تعهد إسلام آباد لكابول بإحضار وفد من طالبان للحوار. وأصدر أختر أوامر لكل قيادات طالبان بالخروج من الأراضي الباكستانية خشية وقوعها تحت تأثير الاستخبارات الباكستانية ودفعها إلى القبول بتسوية مع كابول.
وأوردت صحيفة “هيرالد تريبيون” تقريراً عرضت فيه تفاصيل متعلقة بالزعيم الجديد. فأشارت إلى أنّ منصور كان حاكم طالبان على ولاية قندهار حتى أيار ٢٠٠٧. وهو كان قد عيّن وزيرا للطيران في عهد نظام طالبان في أفغانستان، وبعد سقوط حكومة طالبان بخمس سنوات، أعيد إلى أفغانستان بعد إعتقاله في باكستان. وهو يُعرف بضلوعه بأنشطة تجارة المخدرات حيث كان ناشطاً في أقاليم خوست وبكتيا وبكتيكا في أفغانستان حتى أيار ٢٠٠٧. وبحسب الأمم المتحدة، شارك الملا منصور بأنشطة معادية للحكومة الأفغانية، لاسيما تجنيد الأفراد لصالح طالبان لقتال الحكومة الأفغانية والقوة الدولية للمساعدة الأمنية.
وقد تولى أختر منصور بحسب الأمم المتحدة موقع نائب رئيس مجلس الشورى الأعلى لطالبان حتى منتصف العام ٢٠٠٩. ويعمل عضوا في مجلس قيادة طالبان وكُلف بتولي رئاسة الشؤون العسكرية في مجلس غِردي جَنغل التابع للحركة قبل تعيينه نائباً لملا محمد عمر في آذار ٢٠١٠.
ويضيف التقرير أنّ أختر كان مسؤولاً بصفة مباشرة عن أنشطة طالبان في أربعة أقاليم في جنوب أفغانستان، وعُين رئيساً لمجلس الشورى المدني لحركة طالبان في أوائل ٢٠١٠.
وبحسب “هيرالد تريبيون”، فقد كانت المنافسة داخل مجلس شورى طالبان لإختيار خليفة للملا عمر، قد انحصرت بين الملا منصور والملا برادار أخاند. وتقول الصحيفة إن “موقع منصور قد شابه ضعف داخل أوساط طالبان مؤخراً بسبب نشره أخباراً حول وفاة الملا عمر”. ومن ناحيتها ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في نيسان العام الماضي أن “الملا عبد القيوم زاكر، وهو قيادي عسكري متشدد في طالبان، تنحى من منصبه”، رابطة ذلك بسوء العلاقة بينه وبين قياديين آخرين في الحركة، أكثر “اعتدالاً”، ما يدل على النفوذ الذي كان يتمتع به الزعيم الجديد.
وغداة الإعلان عن وفاة الملا عمر أعلنت باكستان إرجاء الجولة الثانية من محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان. وكان مسؤولون في كابول ذكروا في وقت سابق أنه “خلال هذه المفاوضات المقررة ابتداء من يوم غد الجمعة ستبدأ الحكومة الأفغانية التفاوض على وقف لإطلاق النار مع طالبان”.
من جهتها، أعلنت حركة طالبان في بيان باللغة الانكليزية نشرته على موقعها الالكتروني أنها لم تتبلغ بعقد جولة جديدة من محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية الأسبوع الحالي مؤكدة ان “مكتبها السياسي لم يتبلغ بالعملية “، وهو ما اعتبر انسحاباً من قبلها من محادثات السلام، في حين لم تصدر أي تعليق حول تأكيد كابول وفاة زعيمها عمر.
ويرى بعض المحللين أنّ تعيين الملا اختر منصور زعيماً لحركة طالبان قد يؤدي إلى حدوث انشقاقات داخل صفوف الحركة وانضمامهم لداعش خصوصاً أن طالبان تعتبر داعش خلافة إسلامية، وتأكيداً على ذلك ما أعلنه أحد القادة في طالبان يدعى “مير ويس” بأن مقاتليه قد ينضمون إلى داعش الذي يعرفهم وتربطهم اتصالات بهم.
فطالبان تمرّ بمرحلة جديدة في ظل أوضاعٍ داخلية غير مستقرة، وأجواء خارجية ليست بعيدة عن أحداثها وارتباطاتها خاصة مع تمدد داعش الذي قد يستميل بعضاً من قادتها بعد رحيل عمر. فالأيام القادمة كفيلة بتوضيح المشهد على مستوى محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية والمرحلة القادمة في مستقبل الحركة.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق