التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

قانون الإطعام القسري: الإفلاس الإسرائيلي في وجه الأسير الفلسطيني الصامد 

 حتى إضرابه عن الطعام لم يعجب الإسرائيليين. حتى وهو مكبّل الأيدي في السجن أربك قادتهم ومسؤوليهم. فالصبر والتحمل دفعهم للقلق والإحراج. وهو خلف القضبان لم يستسلم للجلاد بل أعلنها ثورة ولو بالأمعاء الخاوية. إنّه الأسير الفلسطيني، رمز العزة والصمود.

 

ففي خطوةٍ لا تعبر إلا عن عجز الکيان الإسرائيلي بضرب عزيمة الأسرى وإسكات صوت المظلوم والتغطية على عمليات التعذيب داخل السجون، أقرّ الكنيست الإسرائيلي الخميس الماضي التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام. وبعد نقاش برلماني من المعارضة والتأييد داخل الكنيست ووقوف الائتلاف اليميني بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في صدارة المؤيدين، تم إقرار القانون بموافقة ٤٦ عضواً ومعارضة ٤٠ عضواً في الكنيست المؤلف من ١٢٠ مقعداً.

 

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أقرت مشروع القانون منتصف الشهر الماضي، والذي يتيح لسلطات السجون إطعام الأسرى المضربين عن الطعام بالقوة “كي لا تتعرض حياتهم للخطر”. وبعد اعتبار الإضراب عن الطعام سلاحاً يؤرق الإسرائيليين قال وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان إنه “على غرار محاولات مقاطعة إسرائيل والطعن في شرعيتها، فإن الإضرابات عن الطعام التي ينفذها إرهابيون مسجونون أصبحت أداة لتهديد إسرائيل.” 

 

وتشريع القانون يعود إلى يونيو/حزيران من عام ٢٠١٤، عندما صوّت عليه الكنيست الإسرائيلي على خلفية إضراب جماعي عن الطعام قام به أسرى فلسطينيون في السجون الإسرائيلية، لكن البرلمان حُلّ قبل أن تنتهي آلية إقرار المشروع. ويقول الكيان الإسرائيلي إنه يشعر بالإرباك والقلق من ردود الفعل تجاه تراجع الحالة الصحية للأسرى المضربين عن الطعام ويخشى أن يؤدي ذلك إلى وفاتهم ويفجر موجات من الاحتجاج في الضفة الغربية والقدس الشرقية. 

ويُذكر أنّ توصيات سابقة صدرت عن عضو لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة روبرت كوفيل، بضرورة تراجع الإدارة الأمريكية عن تبني قانون التغذية القسرية وتطبيقه على معتقلي غوانتنامو، كونه عملاً وحشياً وسلوكاً همجياً يمنعه القانون الدولي.

 

وفي السياق عينه يسمح قانون التغذية القسرية لقوات مصلحة السجون الإسرائيلية وطاقمها الطبي بقتل المزيد من المعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام، كما حدث عندما لجأت مصلحة السجون الإسرائيلية للتغذية القسرية “الزوندا” بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجن نفحة عام ١٩٨٠، وأدى ذلك إلى استشهاد ٣ أسرى هم راسم حلاوة الذي استشهد في ٢٠ تموز ١٩٨٠، وعلي الجعفري الذي استشهد في ٢٤ تموز ١٩٨٠، وإسحق مراغة الذي استشهد عام ١٩٨٣ في سجن بئر السبع متأثراً بما تعرض له أثناء الإضراب.

 

وحثت الرابطة الطبية الإسرائيلية الأطباء الإسرائيليين على عدم الامتثال للقانون، وهي تعتبر التغذية القسرية شكلاً من أشكال التعذيب وتراه ينطوي على مخاطر من الناحية الطبية. وأكدت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان أن الأطباء لن يشاركوا في تنفيذ هذا القانون، وسيواصلون النضال من أجل إلغائه. وهاجمت المنظمة القانون بشدة، وقالت في بيان “إن الكنيست أقرّ قانوناً مخجلاً كشف عن الوجه الحقيقي غير الديمقراطي لأعضاء الكنيست، الذين أيدوا هذا القانون الذي يمسّ بأخلاق المهنة لأهداف سياسية، كما كان متعارف عليه في الأنظمة الظلامية”.

 

وأعلن نقيب الأطباء في الكيان الإسرائيلي الدكتور ليونيد ايدلمان، أن النقابة تعتبر القانون بمثابة التعذيب وهي ستقف في المحكمة العليا الإسرائيلية ضد قانون إطعام الأسرى المضربين بالقوة. وأضاف ايدلمان “إن القانون نقطة سوداء في كتاب قوانين إسرائيل، فهو مضر ولا حاجة له”. وأكد أن “الأطباء سيواصلون العمل حسب أخلاق المهنة الطبية التي تمنعهم من المشاركة في التعدّي، وأن الإطعام القسري هو تعذيب حسب المفاهيم الطبية”.

 

وأشار مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الصحة، داينيوس بوراس، أنّ التغذية القسرية للمعتقلين المضربين عن الطعام لا تمتثل تحت أي ظرف من الظروف لمعايير حقوق الإنسان”، مضيفاً أن “الموافقة الواضحة هي جزء لا يتجزأ في إعمال الحق في الصحة”.

ولم يسبق أن شهد العالم قانوناً مماثلاً وهو مخالف لكل الاعراف والمواثيق الدولية، ومحرم إجتماعياً وإنسانياً وثقافياً وسياسياً وقانونياً، وهو يعبر عن أبشع أشكال الحقد والعنصرية. فمن جانبه، حذر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع الكيان الإسرائيلي من العمل بقانون التغذية القسرية وفرضه وتطبيقه على الأسرى المضربين عن الطعام، خصوصاً بعد مصادقة الهيئة العامة للكنيست الاسرائيلي عليه وتصويت اكثر من نصف الاعضاء على إقراره، ومطالبة العديد منهم بضرورة الإسراع في إنفاذه. وإعتبر قراقع أنّ مشروع هذا القانون هو تشريع بالقتل بحق الأسرى، وسابقة خطيرة جداً، لافتاً إلى أن الموت بات يهدد حياة كافة الأسرى المضربين أو الذين سيخوضون لاحقا أي إضراب عن الطعام، وفي حال تم العمل به يكون الكيان الإسرائيلي قد أخذ قراراً نهائياً بقتل أي أسير يخوض هذه التجربة. 

 

ووصف مدير مركز أسرى فلسطين فؤاد الخفش، فرض قانون التغذية القسرية على الأسرى المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية وصفةً جاهزة للقتل، نظراً لتهديده حياة جميع الأسرى. وأكّد أن دافع الكيان الإسرائيلي وراء إقرار هذا القانون يرجع لعجزه عن الوصول إلى حلول ترضيه مع الأسرى المضربين عن الطعام، خاصةً بعد فشله في سياسة الضغط والترهيب التي ينتهجها بشكل يومي بحقهم. 

ويأتي هذا القانون في ظل الانتصارات التي يحققها الأسرى المضربون عن الطعام في سجون الكيان ومن بينهم الأسير المحرر خضر عدنان قائد معركة الامعاء الخاوية الذي أجبر الكيان الإسرائيلي مرتين على إطلاق سراحه بعد أن خاض أطول إضراب مفتوح عن الطعام. ويُذكر أنه ومنذ العام ١٩٦٧ استشهد أكثر من ٢٠٧ أسيراً ومعتقلاً فلسطينياً في سجون الكيان، ٧٤ منهم استشهدوا نتيجة القتل العمد، ٧٣ استشهدوا تحت التعذيب أثناء التحقيق و٥٤ نتيجة الإهمال الطبي المتعمد وبمشاركة الجهات الطبية التابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق