التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

المغامرة التركية في سوريا والعراق .. أسباب وتداعيات 

بعد تفاقم مشاكل حزب العدالة والتنمية التركي في الداخل وتأثير ذلك على السياسات الخارجية التركية اختارت انقرة الهجوم على العراق وسوريا بذريعة مكافحة الارهاب وذلك للهروب نحو الأمام بعدما كانت انقرة تدعي في السابق انها تتبع سياسة ازالة التوترات مع الدول الجارة، وقد ادخل الهجوم التركي هذا منطقة الشرق الاوسط في صراع جديد ومتعدد الجوانب ما يطرح تساؤلات حول اهداف تركيا وتداعيات هذا العدوان. 

 

 فقد شنت تركيا منذ اكثر من اسبوع غارات على مواقع حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل العراقية كما اغارت الطائرات التركية على مواقع لتنظيم داعش الارهابي على الحدود مع سوريا وشنت انقرة حملة اعتقالات واسعة طالت حتى الان ٨٥٠ عنصرا، ولهذه الخطوات التركية اسباب نأتي على ذكر بعض منها:

ان سبب الهجمات على سوريا والعراق هو سبب تركي داخلي رغم الضجيج الذي يفتعله اردوغان وداود اوغلو، ان حزب العدالة والتنمية الذي هزم في انتخابات شهر يونيو الماضي لم يستطع حتى الان تشكيل حكومة وان حزب الشعوب الديمقراطي (كردي) قد اعلن انه لن يتحالف مع حزب العدالة والتنمية من اجل تشكيل الحكومة ولذلك بادر حكام انقرة الى الربط بين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني وشنوا الحرب على حزب العمال الذي اعلن بدوره انتهاء الهدنة مع انقرة وهذا يعني ان اردوغان وحزبه باشروا في السعي لاطلاق عملية انتخابية جديدة في تركيا كما باشر الاعلام التركي الايحاء بان حزب الشعوب الديمقراطي هو العدو الاول لتنظيم داعش وذلك بهدف اشعال حرب بينهما.  

 

ان اردوغان ومن خلال هذه الهجمات يريد ايضا استقطاب اصوات الاحزاب القومية التركية في الانتخابات المبكرة القادمة وهي احزاب طالب قادتها المحاكم التركية بحل حزب الشعوب الديمقراطي بذريعة مواقفه القريبة جدا من حزب العمال الكردستاني، واذا استطاع اردوغان حل حزب الشعوب الديمقراطي فعندئذ يصبح بامكانه ان يفوز مجددا في الانتخابات التركية ويعيد حزب العدالة والتنمية الى الحكم كحزب حاكم وحيد.  

 

ويريد اردوغان ايضا من خلال ضرب داعش ان يعزز مكانة المعارضين السوريين الذين يتخذون من اسطنبول مركزا لهم ويرغب اردوغان في اظهار هؤلاء كمعارضين معتدلين وهكذا يراهن على انضمام نحو مليوني لاجئ سوري موجودين في تركيا الى الجيش الحر والائتلاف السوري المعارض. 

  

وكانت تركيا تستخدم داعش لتنفيذ مآربها لكن هزيمة هذا التنظيم في عین العرب ومن ثم في تل ابيض قد غيرت المعادلات واصبحت الاوضاع مأساوية لانقرة بسبب تقدم الوحدات الكردية في سوريا واحتمال الربط بين المناطق الكردية في سوريا وهكذا وصلت السياسة التركية في سوريا الى الطريق المسدود واختار اردوغان ان يضرب الاكراد ليحول دون تقويتهم في مقابل داعش الذي تعتبر تركيا انه يمكن الرهان عليه في المدى القصير ضد حكومة بشار الاسد.  

 

اما في العراق فإن السياسة التركية هي السياسة الغربية نفسها والتي تدعو الى تقسيم العراق وتمزيقه ولذلك فإن انقرة تعتبر غاراتها على مواقع حزب العمال الكردستاني في العراق بأنها تضرب السيادة العراقية وتخدم سياسة اضعاف العراق وتفتيته.  

 

ان القانون الدولي يمنع انتهاك سيادة اي دولة من الدول الاعضاء في الامم المتحدة ويحمل المسؤولية على الدولة المنتهكة لسيادة الآخرين والاهم من هذا كله ان مثل هذه الهجمات التي تقوم بها تركيا تتعارض مع سياسة تحسين العلاقات مع دول الجوار التي اعلن داود اوغلو اتباعها.  

 

الهجوم التركي على العراق وسوريا مغاير ليس فقط للقوانين الدولية وميثاق الامم المتحدة بل يدل على حقيقة أخرى وهي ان الدولة التي لاتستطيع حل مشاكلها الداخلية والاعتراف بحقوق الاقليتين العلوية والكردية فانها لاتستطيع حل المشاكل والقضايا الاقليمية، وهذا الهجوم التركي لم يأت في اطار مكافحة ومحاربة الارهاب بل من اجل اضعاف الحكومة السورية وحلفائها الاكراد لكن تفوق القوات الكردية السورية على باقي الجماعات المسلحة في الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا واتخاذ الاكراد لسياسة مستقلة ودعمهم لحكومة الوحدة الوطنية في سوريا سيحبط المخططات التركية في سوريا، اما في داخل تركيا فإن حل حزب الشعوب الديمقراطي يعني تهميش ربع سكان تركيا ما يؤدي الى ايجاد موجة جديدة من العنف وتراجع الاقتصاد التركي الذي يرتكز على السياحة الخارجية.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق