التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

البروفسور أديكر: إيران قوة عظمى جديدة في المنطقة 

 لايزال الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة السداسية الدولية (أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) يحظى بإهتمام المراقبين والمحللين والمتخصصين بالشأن النووي لما له من أهمية استثنائية على الصعيدين الاقليمي والدولي. 

 

وتوقع الكثير من المتخصصين بينهم البروفسور (فلكان أديكر) المستشار السابق لثلاثة رؤساء جمهورية في تركيا في شؤون الطاقة بين عامي (١٩٩٨ و٢٠١٠) ان تصبح إيران قوة عظمى جديدة في المنطقة بعد توقيعها الاتفاق النووي مع مجموعة (٥+١).

 

وقال أديكر في مقابلة مع صحيفة (تودي زمان) التركية ان أمريكا وافقت على إبرام هذا الاتفاق للحيلولة دون حصول تحالف استراتيجي في المنطقة بين إيران وروسيا والصين، مشيراً إلى ان إيران تملك ١٨ بالمئة من احتياطي الغاز الطبيعي في العالم ما يؤهلها لأن تكون إحدى أكبر الدول المصدرة للغاز في العالم، خصوصاً وإن الاتفاق النووي تضمن رفع الحظر عنها في مجال الطاقة.

 

ووصف البروفسور أديكر الاتفاق النووي بين إيران والغرب بأنه أنموذج مؤثر لحل الأزمات الاقليمية والدولية بصورة سلمية، داعياً جميع دول المنطقة والعالم إلى أن تحذو حذو إيران، معرباً في الوقت ذاته عن اعتقاده بأن روسيا وإيران قادرتان لوحدهما على تأسيس (أوبك غازي) لما تملكانه من إحتياطي ضخم في هذا المجال. 

 

وأضاف ان إیران ستشکل الخیار البدیل عن روسیا لتغطیة حاجات الإتحاد الأوروبي للغاز التي تضررت كثيراً بسبب تدهور العلاقات بين الغرب وموسكو على خلفية الأزمة الأوكرانية. 

 

في سياق متصل أكد محللون غربیون أن إيران كدولة قوية في منطقة الشرق الأوسط يمكنها أن تؤدي دوراً مؤثراً وبنّاءً في حل أزماتها ومن بينها الأزمة السورية، مطالبين كافة الدول بجعل الاتفاق النووي بين طهران والغرب مثالاً لحل سائر قضايا العالم عبر المفاوضات السلمية. 

 

وتجدر الاشارة إلى ان السيناتور الأمريكي (جون ماكين) اعتبر في وقت سابق ان الاتفاق النووي الذي وقعته بلاده مع طهران سيحوِّل الأخيرة إلى أكبر قوة في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن مليارات الدولارات الإيرانية التي سيفرج عنها نتيجة هذا الاتفاق ستمكن طهران من تعزيز قدراتها في شتى المجالات ما سيجعلها الدولة الأولى في المنطقة.

 

وفي وقت سابق أكد الصحفي البريطاني الشهير “روبرت فيسك” في مقال نشرته صحيفة “الاندبندنت” أن إيران برزت بعد توقيعها الاتفاق النووي كقوة عظمى في الشرق الأوسط، مشدداً على أن هذا الاتفاق مثّل في الحقيقة اعترافاً صريحاً وواضحاً من قبل جميع الدول الكبرى بقوة إيران كونها لم تتنازل عن حقوقها النووية من جهة، وحافظت على ثوابتها وخطوطها الحمراء من جهة اخرى، اضافة إلى ما حققته من تقدم كبير في مختلف المجالات رغم الحظر الشامل الذي فُرض عليها طيلة اكثر من عقد من الزمان على خلفية الأزمة النووية مع الغرب. 

 

وأشار فيسك إلى أن الاتفاق النووي سيحرر اقتصاد إيران من القيود المرهقة التي كانت تطوقه في السابق بسبب الحظر، وسيمكنها ذلك من إنتاج نفطها إلى ثلاثة أضعاف ما تنتجه اليوم، وهذا سيتيح لها بكل تأكيد فرصاً كافية لتحقيق تقدم أكبر في مختلف المجالات.

 

ويعتقد المراقبون أن إيران ليست فقط مشروعاً نووياً، بل هي تراكم مزيد من القوة والنفوذ مكّنها من أن تتعامل كقوة إقليمية عظمى وسط الدول المحيطة بها. 

 

كما يعتقد هؤلاء المراقبون بأن الاتفاق النووي بين طهران والسداسية الدولية أكد في الحقيقة نهاية حقبة المشروع الغربي للتخويف من إيران (إيران فوبيا) ومحاولات عزلها عن محيطها الاقليمي والدولي، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن إيران تملك خصوصيات قلما تملكها دولة اخرى في العالم، من قبيل موقعها الاستراتيجي في الشرق الاوسط، والذي جعل منها حلقة الوصل بين الدول الغربية وآسيا الوسطى والبحار والمحيطات، اضافة إلى امتلاكها للطاقات والامكانات البشرية والثروات الطبيعية الهائلة. والأهم من كل ذلك هو ما تتمتع به إيران من أمن واستقرار كبيرين، ما يشكل عاملاً مشجعا مهماً آخر لجميع الدول ومن بينها الدول الغربية لاستثمار رؤوس الاموال فيها. 

 

ولا يمكن لأحد أن ينكر أن تطور قدرات إيران النووية السلمية قد دفعت العديد من الدول الغربية وخاصة أمريكا الى مراجعة سياستها في هذا الملف وغيره. فهذه الدول أدركت جيداً أن أساليبها في محاصرة إيران جاءت بنتائج عكسية، الأمر الذي دعاها الى إختيار الحوار مع طهران، اضافة الى وجود أسباب أخرى تتخطى خصوصية هذا الملف وتخضع لحسابات الربح والخسارة والتي برزت من خلالها الحاجة للتفاوض مع إيران أملاً في الحصول على مشاركتها في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

 

والجميع يعلم جيداً بأن إيران واعية ومستوعبة للأحداث وكيفية صناعتها في المنطقة، ولديها معرفة بمشاكلها وسبل مواجهتها، ومن أجل ذلك برزت الحاجة الدولية الى التعامل معها كقوة فاعلة ومؤثرة في المنطقة.

 

وبهذه السياسة الحكيمة والمتينة تمكنت طهران من الخروج من قرارات الفصل السابع للأمم المتحدة بشكل سلمي والغاء الحظر المفروض عليها وهو انجاز عظيم أفشل جميع المخططات التي كانت تستهدفها من جانب، وأقنع من جانب آخر العالم أجمع بحقها النووي الذي انتزعته انتزاعاً عبر محادثات ماراثونية أثبتت من خلالها أيضاً بأنها لن تشكل خطراً على المنطقة والعالم. 

 

وأخيراً لابد من التأكيد على أن إيران التي واجهت وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن الكثير من التحديات، استطاعت بفضل سياستها العقلائية والمتزنة ان تحقق معظم اهدافها التي جعلت منها رقماً صعباً في المنطقة والعالم لا يمكن تجاوزه او تجاهله في أي حال من الأحوال.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق