الماسونية في الكويت.. واقع وتداعيات
برز في الآونة الأخيرة الحديث عن دور ريادي لكويتيين في الحركة الماسونية، حيث اكّد رئيس “محفل نور الحكمة الماسوني” اللبناني سليم عبيد أن هناك نحو ١٥٠٠ كويتي يترددون على المحافل الماسونية في لبنان .
تفتح تصريحات عبيد هذه لصحيفة “الرأي” الكويتية، العديد من التساؤلات حول النتائج المترتبة على دخول الشباب الكويتي في هذه التنظيمات التي لا يقل خطرها عن تنظيم داعش الإرهابي وغيره من التنظيمات التكفيرية، خاصةً أن عدداً من الكويتيين وصل إلى المرتبة ٣٣ وهي أعلى درجة في عالم الماسونية الغامض.
تأكيد عبيد على أن ضم الماسونيين الكويتيين يكون عبر التواصل مع شخص ماسوني أو من خلال التواصل مباشرةً مع أحد المحافل الماسونية، ووصفهم بـ “أنهم إخوة صادقون لا يبتعدون كثيراً عن محافلهم كي يستمروا بالتواصل مع إخوانهم”، يدفعنا لطرح العديد من التساؤلات في هذا الإطار: فما هي الماسونية ومحافلها؟ وما هي تداعيات هذا الأمر على الداخل الكويتي؟ وماذا عن نشاطاتها في الكويت؟
الماسونية وجذورها:
الماسونية لغة معناها البناءون الأحرار ذات جذور يهودية صرفة، سواءً من الناحية الفكرية أو من حيث الوسائل والاهداف وفلسفة التفكير. وتهدف الحركة التي تتخذ النفعية أساساً لتحقيق أغراضها لتكوين حكومة لا دينية عالمية، بهدف ضمان سيطرة اليهود على العالم عبر الدعوة إلى الإلحاد والإباحية والفساد، متسترةً بشعارات خداعة (الحرية ـ الإخاء ـ المساواة ـ الإنسانية).
لا يختلف إثنان على وقوف الحركة الماسونية وراء الحركات الهدامة للأديان والأخلاق، حيث نجحت الماسونية من خلال نفوذها إلى جمعية الإتحاد والترقي في تركيا في القضاء على الخلافة الإسلامية، وكذلك حاول اليهود عن طريق هذه الحركة الحصول على أراضي فلسطين من خلال طلب تقدّموا به إلى السلطان عبد الحميد الثاني الذي رفض الأمر، وقد أثبتت هذه الحركة تجسسها لصالح الكيان الإسرائيلي في مصر، ما دفع بالحكومة إلى إغلاق المحافل الماسونية في القاهرة عام ١٩٦٥م.
واما المحافل الماسونية التي تقيمها الحركة بشكل دوري في مختلف دول العالم، فهي عبارة عن حلقات للتجمع والتخطيط والتكليف بالمهام، تمهيداً لتأسيس جمهورية ديمقراطية عالمية ـ كما يدعون ـ وتتخذ النفعية أساساً لتحقيق أغراضها في تكوين حكومة لا دينية عالمية .
اذاً، تخدم الماسونية الصهيونية ومشاريعها، لكنها تظهر خلاف ما تبطن، فالماسونيون لا يظهرون الإلحاد للعديد من أبناء المسلمين والمسيحيين وإنما يقولون لهم ابقوا على معتقداتكم، كما أنهم لا يظهرون خدماتهم للكيان الإسرائيلي وبالتالي هم يركزون على طبقات معينة في المجتمعات التي يستهدفونها، لأنهم لا يستفيدون من العامة بل يتم التركيز على شخصيات معينة ذات تأثير فاعل، لذلك جعلوا نظامهم سريا للغاية إلا فيما ندر.
التواجد والتداعيات
لا شك في أن حديث عبيد حول فعالية المكون الكويتي في الماسونية يدفعنا للتساؤل عن فعالية أفراد المنظمة الكويتيين في داخل البلاد فضلاً عن المنطقة، حيث لا يمكن لهم أن يصلوا إلى المرتبة ٣٣ دون أن يترتب عليهم إنشاء خلايا سريّة في بلدهم، وبما أن المجتمع الكويتي، وكذلك المجتمع الخليجي يرفض أو لا يتقبّل الأفكار التي تتبناها الماسونية، يبدو أنهم ينشطون سريّاً في الداخل الكويتي، فلا أعتقد أن يظهر حالياً أي شخص في الدول الخليجية يعلن تبني الأفكار الماسونية نظراً لأن المجتمع هناك غير قابل لتقبّل هذه الأفكار والمعتقدات فضلاً عن تبنيها، كما أن إعلان عبيد يؤكد هذه النتيجة فعندما يقول “شغل بالي عدم وجود محفل ماسوني رسمي وعلني في الكويت وأطالب بمحافل في كل بيت”، يعني وجود نشاطات سريّة حالية ونيّة في المستقبل للنشاطات العلنية.
لم يكن إعلان عبيد عن نشاط الكويتيين في المنظمة في حديثه مع صحيفة كويتية، بكلمات رنّانة وجذابة، بعيداً عن سياسة الماسونية في جذب الشباب الكويتي، اذاً تعتبر المقابلة التي نشرتها صحيفة الرأي بمثابة دعوة للعضوية في مثل هذه المحافل وطريقة الانضمام لها، فاذا كان الشباب الكويتي مدركاً لحقيقة الماسونية، وجاهلاً لسبل التواصل معهم، بات بالإمكان حالياً التواصل معهم، كما أن العبارات الرنانة التي إستخدمها عبيد سواءً بنفيه إلحاد أعضاء المنظمة أو علاقتهم مع الصهيونية ستكون بمثابة الحافز الذي قد يوقع الشباب الكويتي في براثن هذه المنظمة الخطيرة.
لايقل الخطر الماسوني أهمية عن الخطر الداعشي، ففي حين يعتبر خطر الأخير ظاهرياً وثقافته تدميرية غير قابلة للحياة فضلاً عن وقوف أغلب دول العالم في مواجهته، يعتبر خطر الأول أي الماسونية باطنياً، أي لايدركه الجميع وخاصةً الفئة الشابّة في المجتمعات حيث يستهدف الدين والهوية والوطن ويعمل لأجندة صهيونية، فضلاً عن كونه مدعوماً من أغلب دول العالم. لذلك يتوجب حالياً على الحكومة والشعب الكويتي الذين أظهروا لُحمة غير مسبوقة في المنطقة إزاء الإستهداف الذي قام به تنظيم داعش الإرهابي في مسجد الإمام الصادق(ع)، يتوجّب عليهم إبراز التعاون واللحمة نفسها إزاء هجمة الماسونية على البلاد.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق