الأزمة السورية وازدياد التطرف في دول آسيا الوسطى
يوما بعد يوم تزداد وتيرة انضمام مواطني دول آسيا الوسطى من الرجال والنساء الى الجماعات الارهابية ومنها تنظيم داعش في الشرق الاوسط، ويعاني هؤلاء في بلدانهم من الفقر الاقتصادي والتهميش السياسي والتضييق المذهبي والطائفي وقد سافر نحو ٤ آلاف من هؤلاء الى الشرق الاوسط خلال السنوات الثلاث الماضية كما انهم يشكلون خطرا ايضا على بلدانهم الاصلية في حال الرجوع اليها.
ويتم معظم عملية جذب واستقطاب المتطرفين في دول آسيا الوسطى في المساجد كما تلعب مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي دورا بارزا في هذا المجال ايضا وان معظم الذين تم جذبهم واستقطابهم حتى الان هم من القومية الاوزبكية وهناك قلق بات يساور روسيا والصين ايضا تجاه هذه العملية في آسيا الوسطى التي تعتبر بيئة ملائمة لتربية المقاتلين الاجانب وان حل هذه المشكلة يحتاج الى اصلاح اساليب عمل اجهزة الشرطة والتعامل بمرونة اكبر مع النشاطات الدينية.
ويستغل تنظيم داعش الإرهابي الفقر المتفشي في آسيا الوسطى لجذب العناصر والموالين ونرى انه ينشر اعلانات لجذب الممرضين والمهندسين والمعلمين ونجد ان انصار داعش متواجدون في المناطق الغربية والجنوبية من هذا البلد كما ان داعش يجذب العناصر من كل انحاء طاجيكستان وخاصة محافظتي سغد وختلان.
ويستقطب داعش عناصره من بين كل الفئات فهناك الحلاق الذي يبلغ من العمر ٧٠ عاما وهناك التجار والنساء والعائلات التي تعتقد بان مستقبل اولادها هو افضل اذا انتموا لداعش وكذلك الطلاب والطالبات الجامعيات الذين تركوا الدراسة معتقدين ان داعش هو النهج البديل والمناسب لحياتهم في فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
کما يستقطب داعش معظم عناصره من آسيا الوسطى وتركيا وروسيا لكن هذا الاستقطاب والجذب يتم ايضا من بين الشباب الذين ذهبوا الى المدارس الدينية في السعودية ومصر وبنغلادش، وتعتبر تركيا المحطة الاخيرة قبل دخول هذه العناصر الى سوريا، وتعتبر كلفة تذاكر الطائرات من دول آسيا الوسطى وروسيا الى تركيا عالية ويستعين البعض بالدعم المالي الذي يقدمه حماة داعش الاثرياء وتسمح تركيا بدخول مواطني كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمنستان الى اراضيها من دون تاشيرات دخول كما ان الاوزبكيين يمكنهم الحصول على تأشيرة دخول لمدة ٣٠ يوما عند وصولهم الى المطارات التركية.
وتكون شبكات التواصل الاجتماعي أداة هامة لجذب العناصر وتكون هذه الشبكات صغيرة وسرية في آسيا الوسطى وتنتشر في الاوساط المذهبية وهناك شبكات لايمكن معرفة نشاطاتها لكنها تلعب دورا مؤكدا في جذب النساء والرجال وجعلهم متطرفين وارسالهم الى سوريا.
وتسببت الازمة السورية بعودة نشاطات جماعة “حركة اوزبكستان الاسلامية” والتي اعلنت دعمها في سبتمبر ٢٠١٤ لتنظيم داعش الإرهابي كما القت السلطات الطاجيكية القبض على عدد كبير من اعضاء جماعة انصارالله التي كانت ناشطة في مجال استقطاب وارسال المتطرفين الى سوريا.
وتعتبر عملية جذب العناصر من آسيا الوسطى لتنظيم داعش أسهل من عملية جذب هؤلاء من افغانستان وباكستان والشعار الاهم الذي يرفعه داعمو داعش هو الخلافة الاسلامية حيث يؤكد هؤلاء ان سوريا باتت هي الأصل والمبدأ في هذه المعركة.
وتعتقد حكومات دول آسيا الوسطى ان عودة من يسمون بـ”الجهاديون المدربون” من سوريا تشكل خطرا بسبب ميول هؤلاء لتأسيس الخلافة الاسلامية في بلدانهم الاصلية ايضا وتشدد حكومات دول آسيا الوسطى الاجراءات الامنية ضد هؤلاء لكن يمكن ان يؤدي هذا الامر الى مردود عكسي ومن الافضل لهذه الحكومات ان تعمل على استقطاب هؤلاء العائدين من الحرب السورية واعادة تأهيلهم وتنظيف ادمغتهم من الافكار المتطرفة كما تفعل الدنمارك واندونيسيا على سبيل المثال.
وتشدد دول آسيا الوسطى قوانينها لمعاقبة مواطنيها المنتمين الى الجماعات المتطرفة ويعتقد بعض الخبراء ان هذه القوانين هي في الاصل لمنع عودة المتطرفين الى بلدانهم الاصلية في وقت كان ينبغي على هذه الدول ان تعالج جذور القضية وتنهي العوامل التي تدفع مواطني هذه الدول نحو الانتماء الى الجماعات المتطرفة كما ينبغي عليها ايضا ان تساعد على تنظيف ادمغة هؤلاء المتطرفين العائدين من سوريا.
وربما تكون دول آسيا الوسطى محظوظة لأن سوريا بعيدة عنها وهذا هو سبب عدم وقوع الهجمات الارهابية حتى الآن في داخل هذه الدول لكن خطر الجماعات الارهابية على هذه الدول لازال في بدايته ولذلك ينبغي على دول آسيا الوسطى ان تعي مخاطر الجماعات المسلحة بشكل اكبر وتتخذ الاجراءات الاحترازية.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق