التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

أمريكا وسياستها المتقلبة… العلاقات مع الأكراد في مهب الريح 

 لعل أحد أهم الإنجازات التي حققها محور المقاومة والممانعة في المنطقة حتى الان ويسجل لها، هو أنها كشفت للعالم أجمع زيف إدعاء بعض الحكومات الغربية وبعض الأنظمة الحاكمة في منطقتنا حول مفاهيم المبادئ والقيم التي عملوا على نشرها والمرتكزة في الظاهر على حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب ونشر السلام والأمن وتطبيق المواثيق الدولية والعهود والإلتزامات اتجاه شعوب منطقتنا العربية والإسلامية، والمستبطنة في الحقيقة على تحقيق منافعها السلطوية الإستعمارية بهدف نهب ثروات الشعوب وممتلكاتهم والقضاء على حضاراتهم وفكرهم وأصالتهم. هو المنهج والمسلك السياسي الذي ارتسمت به سياسة بعض الحكومات الغربية وعلى رأسهم أمريكا. ومحور المقاومة والممانعة انطلق من رؤيته الواضحة حول مطامع هذه الحكومات في منطقتنا فكان خياره الصائب دوما منتجا وفاعلا ومحققا للإنتصارات فأفشل الكثير من المخططات الإستعمارية الغربية ولا زال يتصدى لهذه المخططات.

 

سياسة أمريكية متقلبة ركيزتها المنافع والمكاسب والتوسع

من منطلق المنهجية السياسية للحكومات الغربية وبالتحديد أمريكا صاحبة الإنتفاع الأكبر في عالمنا العربي والإسلامي نرى أن سياستها اتجاه الجهات السياسية الفاعلة في المنطقة والجماعات والأحزاب المؤثرة وقضاياها اتسمت في كثير من الأحيان بالتقلبية، ليكون مرد هذه السياسة التقلبية إلى تقلب المنافع والمصالح، والصفقات التي تنشأها والتي تشهد بطبيعة الحال تبدلا وتغيرا مع مرور الزمن. هذه السياسة التقلبية الأمريكية فضلا عن الغربية برزت بشكل واضح وملموس اتجاه الأكراد والتي شهدت صعودا وهبوطا في مستوى العلاقات معهم، فمن دعمهم ومدهم بالسلاح ووعدهم بتشكيل دولة وإقناعهم أن ذلك يأتي في صلب السياسة الأمريكية إلى مواجهتهم ومحاربتهم بأيدي الأنظمة والحكومات في منطقتنا. إذن هذه السياسة اتجاه الأكراد لا ترتكز إلى مبادئ ومعايير ثابتة، بل معايير متقلبة قوامها المنفعة والصفقات المربحة التي هي الهدف ولا شيء آخر.

 

تاريخ في السياسة الأمريكية اتجاه الاكراد

المتتبع لتاريخ السياسة الأمريكية اتجاه الأكراد والتي بدأت أولى ملامحها في بداية الأربعينيات من القرن الماضي إلى يومنا هذا يرى فيها السياسة التي ارتكزت على المصلحة والمنفعة من دعم الأكراد لإعتبارات عديدة، فهي وأمام التوسع الشيوعي للإتحاد السوفياتي في الاربعينيات دفع بامريكا إلى دعم الجماعات العرقية والدينية التي تطمح لدور أبرز وخصوصا أكراد العراق آنذاك بهدف الوقوف بوجه التوسع الشيوعي في العراق من خلال خلق المشاكل والإضطرابات انطلاقا من هذه الجماعات، هذا الدعم والذي بدأ بشكل مساعدات انسانية ومالية وصل إلى مستواه الرسمي في العام ١٩٧٢ للميلاد وبالتالي مكن امريكا من إحداث نوع من الرقابة غير المباشرة لها في منطقة الشرق الاوسط.  

 

وفي أوائل التسعينات إلى مطلع القرن الحالي ومع بروز حرب الخليج من جهة واضطراب العلاقات الأمريكية التركية بسبب رفض تركيا المشاركة في الحرب على العراق عام ٢٠٠٣، عوامل إضافية رفعت من مستوى العلاقات الكردية الامريكية، هذه العلاقات التي كان قوامها إستفادة أمريكا من الاكراد لإضعاف الخصوم وإحداث الإضطرابات بالتهديد بالإنفصال أضيف إليها عامل الإستفادة من نفطها من خلال العقود النفطية مع ما صار يعرف بإقليم كردستان العراق. هذا الملخص الموجز والمقتضب لتاريخ السياسة الامريكية اتجاه الملف الكردي والعلاقات معهم توضح أن الهدف لم يكن في اي وقت قوامه المبادئ الثابتة الراسخة بل منافع ومصالح آنية مضطربة.

 

العلاقة الامريكية الكردية في مهب الريح

هذه العلاقات الامريكية الكردية معرضة في اي وقت للهبوط إلى مستويات قد تصبح هدفا أمريكيا لضربها تحت مسميات الإرهاب والجماعات المسلحة والمخلة، وهي وإن اتجهت لذلك فلن يكون بشكل مباشر بل بالوكالة حيث تفوض الأمر لانظمة مستفيدة ايضا من اي صفقة قد تجري في المنطقة صغيرة كانت او كبيرة، المهم أن لا تتعارض والمنافع الامريكية، وقد بدأت تبرز خلال الأسابيع الأخيرة الماضية بوادر لذلك من خلال الحزب الاردوغاني الحاكم في تركيا إلى تشديد الضغوطات على حزب الشعوب الديمقراطي إلى استهداف الاكراد في شمال العراق بهدف اضعافهم بعد الإنتصارات والإنجازات التي حققوها ميدانيا بوجه جماعات التكفير، هذا إلى اتخاذ ضرب تنظيم داعش الإرهابي من قبل تركيا حجة لضرب اكراد سوريا والعمليات في ذلك سائرة على قدم وساق وهو ليس بالأمر الجديد.

 

فبعد فشل الجماعات التكفيرية في كوباني ومناطق كردية سورية اخرى في تحقيق اي هدف، دخل حزب اردوغان مباشرة على خط المواجهة، كل هذا يمكن تفسيره بشكل واضح من خلال ما اعلنته وسائل الإعلام التركية خلال الايام القليلة الماضية واكده مسؤول عسكري أمريكي من سماح تركيا لأمريكا باستخدام قاعدة انجرليكا التركية الجوية العسكرية فضلا عن قواعد عسكرية أخرى على الأراضي التركية. هذا وكردستان العراق يواجه أزمة رئاسية حادة تزيد الطين بلة. إذن الاكراد في سوريا والعراق هم الضحية ناهيك عن اكراد تركيا وما يطالهم من تفجيرات تتخذ منها حجة للتدخل اكثر في الشأن السوري والعراقي.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق