التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

حين يضيع الكونغرس بين طرفيه: لأن إيران القوية أصبحت واقعاً مفروضاً 

يعيش العالم اليوم نظرةً جديدة للصراعات بعد الحدث الأبرز الذي شكل منعطفاً في التاريخ السياسي المعاصر، أي الإتفاق النووي مع إيران. ولأن أمريكا تعتبر رأس الطرف المفاوض لإيران، تعيش واقعاً سياسياً داخلياً يتمثل بالخلاف الحاد الناشئ بين الديمقراطيين والجمهوريين حول تصويت الكونغرس على الإتفاق. فماذا في آخر مجريات الخلاف؟ وماذا لو لم يُمرِّر الكونغرس الإتفاق؟

 

تقرير حول الكونغرس والإتفاق النووي:

على الرغم من المعارضة الشرسة للجمهوريين، تزداد ثقة إدارة الرئيس أوباما، في الحصول على ما يكفي من دعم النواب داخل الكونغرس لضمان إقرار الإتفاق النووي مع إيران. وصرَّحت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيستخدم حق النقض الفيتو، في حال مرر الجمهوريون “قراراً بعدم الموافقة” لعرقلة الإتفاق النووي. ويحتاج الجمهوريون، على الأقل، لأن يصوت معهم من الديمقراطيين ٤٤ عضواً في مجلس النواب و١٣ في مجلس الشيوخ ليتمكنوا من تحدي أوباما بتحقيق نسبة الثلثين المطلوبة لتجاوز إجراء الرفض من قبل الرئيس . وخلال الأسبوعين الماضيين أوفدت الإدارة الأمريكية مسؤولين كباراً لحضور جلسات استماع واجتماعات خاصة في الكونغرس للترويج للإتفاق، الذي يقول أوباما إنه “ليس مثالياً لكنه الطريقة المناسبة لمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية”. وحتى الآن لم يعلن أي عضو ديمقراطي في مجلس الشيوخ معارضته رسمياً للإتفاق رغم أن كثيرين منهم لم يعلنوا موقفاً، في المقابل يؤيد عدد قليل من القادة المؤثرين الإتفاق أحدهم ديك ديربين وهو ثاني أكثر الأعضاء الديمقراطيين تأثيراً . وسيعود مجلسا النواب والشيوخ للإنعقاد في الثامن من أيلول، وسيكون أمام الأعضاء فرصة حتى ١٧ من الشهر نفسه لقبول أو رفض الإتفاق .

 

قراءة تحليلية: عواقب رفض الإتفاق بموضوعية:

كتبت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مقالاً تحليلياً للكاتب نيكولاس كريستوف تحدث فيه عن عواقب رفض الإتفاق النووي مع إيران تحت عنوان: (Nicholas Kristof – Why the Naysayers Are Wrong About the Iran Deal ) وهنا نذكر رأي الكاتب مع التحليل، لنُشير للتالي: 

– رأى الكاتب أن عدم تصويت الكونغرس على الإتفاق أو الوصول الى رفضه بالنتيجة، سيؤدي الى عواقب وخيمة. وقد أشار الكاتب الى هذه العواقب، واصفاً إياها بحدثين عظيمين يتمثلان في انهيار إجراءات العواقب والحظر الإقتصادي، الى جانب إحياء البرنامج النووي الإيراني، مشيراً الى أن ذلك حصل عام ٢٠٠٣ عندما تجاهل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، مقترحات إيران حينها.

– وفي التحليل یمکن القول إنه قد يكون في رأي بعض المحللين لا سيما كما يقول الجمهوريون، أن أمريكا لم تحقق أهدافها من الإتفاق من خلال تحصيل التفتيش الشامل للمنشآت النووية الإيرانية، إلا أن المدافعين عن الإتفاق يؤكدون أن عمليات التفتيش المنصوص عليها في الإتفاقية، يمكن أن تردع إيران، ويمنعها من الوصول الى السلاح النووي لفترة ١٠ سنواتٍ كحدٍ أدنى. لذلك فإن رفض الإتفاق يعني عودة إيران للعمل كما تشاء مما يُعيد خطر إمتلاك إيران للسلاح النووي.

– ومن ناحيةٍ أخرى فلا بد من الإشارة إلى أن أصل الإختلاف يعود الى أن إيران هي الطرف الذي انتصر. فجميع الأطراف الغربية، الى جانب الطرفين الأمريكيين يؤمنون أن مكاسب إيران أكبر من مكاسب الغرب. لكن الديمقراطيين أو الطرف المؤيد للإتفاق، يؤمنون بأن التنازل مع إيران كطرفٍ عاقلٍ في المنطقة، هو أولى وأفضل في الظروف الراهنة، من الجموح نحو خيارات القوة، إيماناً منهم أن القوة لم ولن تنفع مع طهران. فيما يؤمن الطرف الآخر المتشدد لا سيما الجمهوريين واللوبي الصهيوني، أنه لا حل مع إيران، وأنه إن تعاونت إيران خلال هذه المرحلة من الإتفاق، فإنهم لا يثقون بالطرف الإيراني لأنه ماكر في السياسة بحسب قراءتهم للتجربة. 

– وهنا نقول إنه بين الرأيين لا يمكن إيجاد قاسمٍ مشترك. وبالتالي فلا بد من إنتظار الأيام المقبلة لمعرفة ما ستؤول اليه الأمور. وهو ما سيؤدي الى خلافات حادة بين الطرفين في المستقبل أياً كانت النتيجة، أي برفض الإتفاق أو قبوله. إلا في حال رضخ الطرف المقابل للواقع المفروض وهو الأمر الذي تحكمه الظروف حينها. 

إن الحديث عن قبول الإتفاق أو رفضه، يؤكد أن إيران ما زالت في نفس موقفها مقابل الكيان الإسرائيلي. وهو الأمر الذي يحاول البعض في الغرب والعالم العربي الترويج لعكسه. لكن المشكلة مع طهران اليوم، ليس الإتفاق، بل أنها أصبحت واقعاً مفروضاً لا يمكن التغاضي عنه. فإما التعامل معه بإحترام، أو فإن لقلة الإحترام السياسية أو الدبلوماسية ثمنٌ باهظ، لأن إيران أصبحت قوية.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق