التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

تقييم موقف وأداء المرجعية في العراق 

 منذ الیوم الأول الذي غزت فيه القوات الأمريكية العراق عام ٢٠٠٣ وصولا الی إعلان دولة داعش المشؤومة، كانت ولازالت “المرجعية الدینیة العليا” صماماً لأمان ووحدة العراق، مرة من خلال منع حدوث حرب طائفية في البلاد وأخری من خلال فتوی تدعو فيها للجهاد الكفائي لمحاربة داعش الذي استباح جميع المحرمات. فيا تری ما هو سر نجاح المرجعية الدينية في العراق؟ هل هو وعي الشارع العراقي سنة وشيعة في الإستجابة لنداءاتها، أم أن وعي المرجعية هو الذي أنقذ العراق رغم كل ما جرت علیه من مأساة، أم وعي کلا الجهتين؟

ليس دفاعا عن مكانة المرجعية الشامخة في العراق، لكن من باب الإنصاف يجب أن نعترف أن المرجعية الدينية، بعد أن اتضحت مواقفها الوطنية ووقوفها علی مسافة واحدة إزاء جميع العراقيين، محل ثقة لجمیع أبناء العراق. حيث كلنا نعلم كيف إستدركت المرجعية العلیا الأمر، عند ما شن الإرهاب الأعمی هجومه الدموي علی العراق العام الماضي، وإحتل محافظة الموصل بالكامل، حيث بادرت المرجعية آنذاك الی دعوة الشعب العراقي للتطوع والإنضمام الی صفوف الجيش والقوات المسلحة، دفاعا عن أرض العراق، دون النظر الی أن الأرض التي تم إحتلالها من قبل داعش، يسكنها المسيحيون أو الشيعة أو السنة أو الكرد. هذا الموقف الرائع لا يدع مجالا للشك بأن المرجعية في العراق لا تفرق بين أبناء وأرض هذا الوطن. ولذلك رأينا كيف لبّى الملايين من العراقيين نداء المرجعية حتی كانت الأعداد أكثر من إمكانيات الجيش لإستيعابهم بالكامل.

وبناء علی هذا النداء من قبل المرجعية تم تشكيل الحشد الشعبي، الذي إستطاع عبر جهوده الخالصة ومساندته لقوات الجيش العراقي الباسل، أن يلحق الهزائم بداعش، الهزيمة تلو الهزيمة. حيث عرفت المرجعية أن الجيش لوحده ليس بوسعه مواجهة الإرهاب ومن المحتمل في حال عدم مساندته من قبل الجماهير، سترتكب الجماعات الإرهابية مجازر فظيعة بحق الجيش، الذي أنهكته الأيام بفعل مغامرات صدام ضد دول الجوار، وكذلك العمليات الإرهابية التي واجهها العراق بعد الغزو الأمريكي عام ٢٠٠٣.

وإستجابةً لهذه النظرة البعيدة من قبل المرجعية، شارك المئات من طلاب الجامعات مؤخرا في دورات لتأهیلهم كسب فنون القتال في العدید من الجامعات خلال عطلة الصيف. حيث كتب موقع السومرية نيوز «بعد دعوة المرجعية الدينية الى الطلبة واساتذة الجامعات الى الاستفادة من العطلة الصيفية والتدرب على استخدام السلاح، بدأ عدد من هؤلاء الطلاب والاساتذة بالتدرب على السلاح والقتال في الجامعات، حيث(..)تدرب ٢٥٠ طالبا واستاذا في كلية الطب التابعة للجامعة العراقية بمنطقة الاعظمية شمال بغداد».

لاشك أن دعوة طلاب وأساتذة الجامعات من قبل المرجعية للتدرب علی استخدام السلاح، تعتبر خطوة ذكية للغاية نظرا للمکانة السامية التي یکتسبها طلبة الجامعات في المجتمع العراقي، حيث هذه الفئة من الطلاب والأساتذة، تضم جميع مكونات الشعب العراقي ولم تختصر علی طائفة او مذهب محددين. وبالاضافة الی هذا يعكس تجاوب طلاب الجامعات مع هذه الدعوة، مكانة المرجعية الشامخة في نفوس المجتمع العراقي. حيث كما قال وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، ان «فتوى الجهاد الكفائي للمرجعية الدينية الشريفة حفظت وحدة العراق وأجهضت مخططات التقسيم».

وجاءت دعوة المرجعية العلیا في العراق المتمثلة بـ «سماحة المرجع الديني الاعلی السيد علی الحسيني السيستاني» حفظه الله، لتشكيل الحشد الشعبي لغرض الدفاع عن سيادة العراق وشعبه الذي تعرض لمذابح بشعة علی يد تنظيم داعش الإرهابي، لا لممارسة الطائفية والمذهبية كما يزعم المتربصون بالعراق وأهله. حيث أصدر مكتب السيد السيستاني في تاريخ الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر عام ١٤٣٦ هـ (٢٠١٤م)، نصائح للجيش العراقي ولاعضاء الحشد الشعبي تحت عنوان «نصائح وتوجيهات للمقاتلين في ساحات الجهاد»، تتشكل من ٢٠ بنداً، تحدد مواصفات الجهاد الصحيح بشكل دقيق، يتعجب المتابع من قراءة هذه البنود التي تؤكد علی ضرورة الانصياع الی انضباط خاص حتی في محاربة الإرهابيين. حيث يقول السيد السيستاني عبر أحد هذه البنود العشرينية علی موقعه الرسمي، «فالله الله في النفوس، فلا يُستحلّن التعرّض لها بغير ما أحلّه الله تعالى في حال من الاحوال، فما أعظم الخطيئة في قتل النفوس البريئة وما أعظم الحسنة بوقايتها وإحيائها، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه، وإنّ لقتل النفس البريئة آثاراً خطيرة في هذه الحياة وما بعدها» محذرا بذلك القوات التي تقاتل الإرهابيين من سفك قطرة دم واحدة دون حق.

فمهما كثرت الإتهامات من قبل أعداء العراق، ضد المرجعية العلیا، بسبب حرصها وسهرها علی أمن وإستقرار العراق، والتي بددت خططها مؤامرات داعش والمحتلين من الأمريكان، واوصلت العراق الی بر الأمان، ورغم جميع المؤامرات التي تعرضت لها هذه الدولة خاصة بعد عام ٢٠٠٣، ستظل المرجعية الدينية العلیا بوعيها ووعي العراقيين، منارة يهتدي بهديها الشعب العراقي، في حربه وسلمه.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق