بعد نجاح وساطتها في الملف النووي.. هل ستنجح عُمان في إنهاء الأزمة السورية؟
صار مشهوداً لسلطنة عُمان أنها دولة تريد الخير والأمن والإستقرار والرخاء لدول المنطقة، بعد مساعيها التي تكللت بالنجاح لحل الأزمة النووية بين إيران ومجموعة دول “٥+١”، حيث تسعی الیوم هذه الدولة مجدداً عبر قيادتها الحكيمة المتمثلة بجلالة السلطان قابوس بن سعيد، الی حل أهم أزمة في العالم وهي الأزمة السورية. وعلی الدول الإقليمية التي لها دور مهم في القضية السورية مثل إيران والسعودية وتركيا وكذلك الدول الغربية خاصة أمريكا بالاضافة الی روسيا، أن تتعاون مع مساعي سلطنة عمان، للوصول الی حل مُرضٍ لانهاء الأزمة السورية. فماذا سیکون موقف هذه الدول، تجاه مساعي العمانیین الخیرة، لوقف إراقة الدماء في سوریا، التعاون أو صب الزیت علی النار؟
وفي هذا السياق حلّ وليد المعلم ضيفاً علی سلطنة عمان خلال الأيام الماضية تلبية لدعوة رسمية وجهت الیه من قبل الحكومة العمانية. وهدفت الزيارة كما سربت الجهات المطلعة، الی بحث سبل إيجاد صيغة مشتركة توافق علیها جميع الأطراف المؤيدة والمعارضة للحكومة السورية، لإخراج البلاد من أزمتها. حيث أكد وليد المعلم وزير خارجية سوريا ونظيره العماني يوسف بن علوي خلال لقائهما في مسقط، أن «الوقت حان لتضافر الجهود البناءة لوضع حد للأزمة في سوريا على أساس تلبية تطلعات السوريين لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السورية».
وفي حال قررت الرياض وقف دعمها للجماعات المسلحة والتعاون مع الجهات التي تؤمن بالحل السياسي مثل إيران وروسيا، فاننا سنشهد نجاح وساطة سلطنة عُمان، كما نجحت في المحادثات النووية بين إيران والسداسية الدولية قبل أسابيع.
وبناء علی هذا فانه يجب علی الدول التي تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة، الرضوخ الی الحل السياسي لإنهاء الأزمة في سوريا، وأن تعي جيدا أن هذا الأمر صار بعد مضي أكثر من أربعة أعوام علی بدء الحرب علی سوريا، مستحيلا، ولا يمكن أن توافق إيران وروسيا علی إزاحة رئيس منتخب من قبل معظم الشعب السوري. بل في المقابل الصحيح هو أن تطالب هذه الجهات (مثل السعودية وقطر وتركيا) بالقضاء علی الإرهابيين في سوريا، ولانعني المعارضة السورية، التي تؤمن بالحل السياسي لإنهاء الازمة في البلاد، بدل مطالبتهم برحيل الرئيس الأسد.
والسؤال الذي بات مطروحا هو، الی متی تريد الدول الداعمة للجماعات المسلحة، الإستمرار بهذا الدعم، بعد أن فشلت مخططاتها للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، والتي جربت جميع الخطط للوصول الی هذه الغاية؟ الیوم، باتت الأزمة السورية بؤرة لتصدير الإرهاب الی العالم، بدءً من دول المنطقة وصولا الی فرنسا في أوروبا، حيث بقاء هذه الأزمة صار في غير صالح أحد. وعلی ما يبدو حتی السيد فيصل القاسم، الذي قدم برامج نارية ضد النظام السوري وداعميه خلال الاربع سنوات الماضية، عبر منبر قناة الجزيرة، بات يؤمن الیوم بعدم جدوی الحلول العسكرية وأن الحل لإيصال سوريا الی بر الأمان، هو توقف الحرب من قبل الجميع وإنقاذ المجتمع السوري ممن يؤمن بسياسة النحر والذبح والقتل. حيث تحدث فيصل القاسم في مقال له تحت عنوان «سوريا لكل السوريين… وإلا» يقول فيها: «سوريا الجديدة يجب أن تكون لكل السوريين دون أي استثناء عرقي أو مذهبي أو مناطقي أو طائفي أو قبلي» وهذا بالطبع كلام عقلاني ويجب أخذه بعين الإعتبار من قبل الجميع.
عاجلا أم آجلا سينتهي الصراع في سوريا، وسيعيد السوريون بناء ما خربته الحرب التي مزقت البلاد. لكن كلما كان التوصل الی حل ينهي الصراع سريعا، كلما كان الضرر أقل وساعد ذلك علی حقن دماء السوريين. ومن تشرد من الشعب السوري الی الدول الأخری، بات يحنُّ الی العودة الی بلاده، ومن فقد بيته وأبنائه في الحرب الطاحنة أيضا بات يدعو الی وقف الحرب، وبناءً علی قاعدة أن الشعب السوري هو الأولی بتقرير مصير بلاده، فعلی الدول الداعمة للحكومة السورية من جهة، والدول الداعمة للجماعات المسلحة من جهة ثانية، أن تصغي الی مبادرة سلطنة عمان وتتعاون معها لانهاء الأزمة السورية.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق