التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

السعي الاسرائيلي لتزكية الصراع بين أذربيجان وأرمينيا… أهداف وخلفيات! 

تعود جذور الأزمة بين جمهورية اذربيجان وأرمينيا الى عشرينيات القرن الماضي. حيث كانت الدولتان تابعتين للاتحاد السوفيتي الذي وبرئاسة ستالين ومن اجل إحكام سيطرته على تلك البلاد التي لم تكن تدين بالولاء الكامل لروسيا قام باقتطاع منطقة ناجورنو قرة باغ ذات الاغلبية الارمنية وضمها الى اذربيجان وأعطاها حكماً ذاتياً بالاضافة الى تركه إقليم ناختشيفان معزولا داخل الاراضي الأرمنية، مما أدى الى نشوب عدة حروب بين الطرفين. واستمر التوتر بين البلدين حتى بعد نيلهما استقلالهما بعيد انهيار الاتحاد السوفيتي عام ١٩٩١. ورغم اتفاق الهدنة الذي تم التوصل اليه عام ١٩٩٤ برعاية مجموعة منسك نسبة الى عاصمة بيلاروسيا التي تم التفاوض فيها على الهدنة فبين الحين والاخر يتجدد التوتر بين البلدين وذلك لان جذور الازمة ثقافية ودينية وأكبر من أن تمحى من اذهان ابناء البلدين الجارين بهذه السهولة، وسط سعي اوروبي روسي حثيث لانهاء هذه الازمة بأقل خسائر ممكنة. وفي المقابل هناك مساع من اطراف اخرى لتعميق الخلاف بين البلدين وعلى رأس هذه الاطراف الکيان الاسرائيلي الذي يعتبر اذربيجان الحليف الاستراتيجي الاول له في القوقاز.

 

الکيان الاسرائيلي وخلفيات تبني الموقف الاذري! 

نقلا عن وكالة الانباء الاذرية الرسمية اذرتاج فقد وافقت القناة الاولى الاسرائيلية على بث برنامج وثائقي آذري يحكي عن مجزرة الأرمن بحق الآذريين عام ١٩٩٢ في مدينة خوجالي والتي راح ضحيتها ما يزيد عن ٦٠٠ آذري. ويعتبر هذا الامر سابقة اسرائيلية يجب التأمل في أهدافها وأبعادها. حيث تربط اذربيجان بالکيان الاسرائيلي روابط عسكرية وامنية قوية جلها غير علني. وتعتبر اذربيجان بالنسبة الى الکيان الاسرائيلي بوابته الى بلاد القوقاز وذلك لموقع اذربيجان الاستراتيجي في تلك المنطقة بالاضافة الى أهميتها لناحية قربها من ايران وروسيا. والعارف بالکيان الاسرائيلي يعلم بأن كل خطوة يقوم بها ليست عبثية وانما عن سابق اصرار وتصميم ولأهداف مدروسة.    

والمراقب للشأنين الاذري الاسرائيلي يلاحظ خلال السنوات الاخيرة تطورا في العلاقات بشكل مضطرد وعلى كافة الاصعدة. فاقتصاديا يستثمر الکيان الاسرائيلي داخل اذربيجان في مجالات الطاقة حيث ان الکيان من المستوردين الرئيسيين للنفط والغاز الاذري، بالاضافة الى استثمارات في مجالات عسكرية وصفقات تسلح بمليارات الدولارات درت على الکيان الاسرائيلي ارباحاً هائلة، هذا مع استعانة اذربيجان بخبرات الاسرائيليين في مجال التدريب الامني والعسكري وخاصة في مراقبة نشاطات الحركات الاسلامية المخالفة لتوجهات الحكومة الاذرية، وهذا يؤمن للاسرائيليين السيطرة على القرار الامني الاذري. وفي نفس السياق ومن اجل السيطرة الاقتصادية تؤكد تقارير عن استثمارات اسرائيلية في مجالات الاتصالات والصناعات الطبية والكيميائية والاجهزة الالكترونية والمنزلية. وكل ذلك بهدف واحد هو الهيمنة الكاملة على القرار الاذري وتثبيت وضع الحكومة في الداخل. 

وفي هذا الواقع من العلاقات المميزة بين البلدين يجد الکيان الاسرائيلي نفسه مضطراً الى تبني الموقف الآذري من الازمة مع ارمينيا، مما يقوي النفوذ الاسرائيلي لدى الحكومة الآذرية ويمهد لمقبولية الکيان الاسرائيلي لدى الشعب الآذري. اضافة الى أن ضمان بقاء اذربيجان في الحضن الامريكي الاسرائيلي وما يشكله من نجاح كبير للکيان في السيطرة على بلد اكثريته من المسلمين الشيعة الذين تربطهم روابط دينية وعرقية بالداخل الايراني المعادي للکيان الاسرائيلي. ومن اجل إحكام قبضته على تلك الدولة يسعى الکيان الاسرائيلي الى تأجيج الصراع بين الاذريين والارمن وذلك لصرف نظرهم عن العداوة المتجذرة بين المسلمين والکيان، وهذا ما يحذر منه علماء دين آذريون. وفي نفس السياق يعلم الکيان الاسرائيلي ان الشعب الاذري بدأ يعي خطورة ارتباط حكومته المشبوه بهذا الکيان، والعداوة للکيان الاسرائيلي آخذة بالتنامي وقد نزلت تظاهرات خلال الايام الماضية تندد بالجرائم الاسرائيلية ضد الفلسطينيين وخاصة جريمة احراق الرضيع الفلسطيني دوابشة. مما يؤكد أن من أهداف الکيان الاسرائيلي من بث الوثائقي الآذري في هذا التوقيت بالخصوص انما هو امتصاص حالة الغضب الشعبية الآذرية.  

وفي نفس السياق وتحقيقا للاهداف الاسرائيلية والامريكية، تراهن الاخيرة على استمرار علاقاتها المميزة والاستراتيجية بباكو للجم النفوذ الايراني هناك. النفوذ الذي يأتي طبيعيا في ظل الروابط الدينية والقومية التاريخية بين الشعبين الاذري والايراني والذي تسعى ايران الى تقويته واعادة اذربيجان الى حضن الامة الاسلامية. ومن وراء الکيان الاسرائيلي تأتي امريكا التي تعتبر اذربيجان منظقة نفوذ لها في القوقاز والخاصرة التي تستطيع من خلالها مضايقة روسيا الخصم الاقوى لها عالميا.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق