التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

عادت الإنفجارات من جديد.. هل يختلف «الملاعمر» عن «الملا أختر»؟ 

 لم تمض سوی أيام معدودة علی تاكيد نبأ وفاة الملا عمر زعيم حركة طالبان الافغانية، وتعيين الملا أختر منصور زعیما جديدا لها، حتی عاودت الحركة من جديد سياسة العنف والقتل والتفجيرات ضد القوات الأمنية والمدنيين. حيث تبددت الآمال مرة اخری، فيما يخص عودة الأمن والإستقرار الی أفغانستان التي مزقتها أعمال العنف والحروب. وظن الشعب الأفغاني بعد إعلام موت زعيم طالبان السابق الملا عمر، أن هذه الحركة ستغير من طابعها العنفي وتتجه نحو الحلول السياسية لوقف اراقة المزيد من الدماء في البلاد، لكن التفجيرات الاخيرة التي تبنتها الحركة تؤكد أنها غير مستعدة لوقف العنف والقتال ضد الشعب الأفغاني وحكومته. فما هي الاسباب وراء ذلك؟ هل تسعی طالبان الی “عرض عضلاتها” لكسب إمتيازات جديدة من مفاوضاتها القادمة مع الحكومة الافغانية، أم أنها لا تؤمن بالعملية السياسية مطلقا وتريد الاستمرار بالعنف؟ 

 

حيث ترافقت الإنفجارات الأخيرة التي هزت كابل العاصمة الأفغانية وحصدت أرواح العشرات من القوات الأمنية، فضلا عن جرح عشرات آخرين، والتي كانت الاعنف منذ ٢٠٠٩ حتی الیوم، ترافقت مع العديد من التحليلات من قبل المتابعين للشأن الأفغاني، قال عنها البعض، إنها تأتي من قبل طالبان لتؤكد الحركة أن موت زعيمها السابق الملا عمر لم يؤثر علی قدرتها وستظل لاعبا رئیسیا في زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، في حال لم توافق الحكومة الأفغانية علی سياساتها وإشراكها في الحكم وفقا للصيغة التي تؤمن بها الحرکة.  

 

ومن جهة ثانية رأى البعض الآخر من المحللين أن قيام طالبان بمثل هذه التفجيرات ناجم عن مساعيها، لكسب مجال أوسع للمناورة خلال جولة المفاوضات المرتقبة مع الحكومة الافغانية خلال الفترة القادمة، وذلك لإرغامها علی إعطاء الحركة ما تريد من امتيازات. بينما يعتقد قسم آخر من المتابعين أن مثل هذه السياسات الإرهابية التي صدرت من قبل حركة طالبان ضد القوات الأمنية، ستضعف ثقة الحكومة الأفغانية بجدية طالبان حول المفاوضات السياسية، ومن المحتمل أن تؤدي الی إنهيار هذه المفاوضات قبل بدءها. 

 

بالاضافة الی هذا يعتقد الكثير أن الملا أختر منصور زعيم طالبان الجديد، حاول عبر قيام الحركة التي يتزعمها، ومن خلال تنفيذ تفجيرات داخل العاصمة الأفغانية، أن يقول للحكومة الأفغانية وتنظيم داعش الإرهابي علی حد سواء، إن الحركة لازالت قوية حتی بعد موت زعيمها السابق، وذلك بسبب المخاوف التي ترافق حركة طالبان، بعد إعلان داعش نيته التغلغل الی داخل أفغانستان. وليس من المستبعد أن تهدف حركة طالبان من وراء أعمال العنف التي نفذتها مؤخرا في أفغانستان خاصة العاصمة كابل، إلى القول بأن المفاوضات مع الحكومة الأفغانية لا تعني توقف العنف، وأن هذا العنف سيستمر حتی في حال بدء المفاوضات، ما لم تتحقق الأهداف التي تبحث عنها الحركة. 

 

بالاضافة الی جميع العوامل التي تم التطرق الیها يمكن القول إن ضعف الحكومة الأفغانية في المجال الأمني، سهّل وبشكل كبير الطريق أمام حركة طالبان لتقوم بتفجيرات داخل كابل ومدن اخری. لكن ضعف الحكومة الأفغانية في الأساس يعود سببه لعدم قيام واشنطن بتعزيز قدرات هذه الحكومة، خلال تواجد القوات الأمريكية داخل الأرضي الافغانية. بالرغم من أن البيت الأبيض أعلن أن مستشارة الأمن القومي في واشنطن سوزان رايس أجرت اتصالا هاتفيا مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، عبّرت من خلاله عن دعم واشنطن لحكومة أفغانستان، لكن هنالك من شكك بمثل هذه السياسة الأمريكية وإعتبرها تأتي لتخفيف غضب الشعب والحكومة الأفغانية بسبب عدم تقديم مساعدات كافية من قبل واشنطن، لتتمكن الحكومة الأفغانية من مواجهة عنف حركة طالبان. 

 

ووفقا لتقرير صدر قبل أيام عن بعثة الامم المتحدة انه بين الاول من كانون الثاني و٣٠ حزيران قتل ١٥٩٢ شخصا واصيب ٣٣٢٩ بسبب اعمال العنف التي شهدتها أفغانستان. ويعتقد عبدالهادي خالد الخبير الأفغاني في مجال قضايا الأمن في تصريحات نقلتها عنه بعض وسائل الإعلام أن “سلسلة الاعتداءات التي ضربت البلاد مؤخرا، تعتبر تكتيكاً تستخدمه القيادة الجديدة لطالبان لتؤكد انها مازالت عملانية”. 

 

واخيرا، بالرغم من جميع المجازر التي إرتكبتها حركة طالبان خلال السنوات الماضية ضد المدنيين والقوی الأمنية، مدت الحكومة الأفغانية يدها مرارا وتكرارا لحركة طالبان، لإحلال السلام في البلاد عبر إجراء مفاوضات بناءة، زمن تولي الحركة من قبل الملا عمر حتی إعلان نبأ موته قبل أيام. ونظرا لسياسة الخراب والدمار التي تبنتها طالبان في البلاد، خلال الاعوام الماضية، فانه علی هذه الحركة الآن الإستفادة من الفرصة للوصول الی حلول سلمية مع الحكومة الأفغانية، لإعادة بناء أفغانستان من جديد، لا أن تتبنی سياسة إراقة الدماء والدمار من جدید. وفي حال إستمرت طالبان بسياسة تبني الإنفجارات، فلا شك أن موت الملا عمر ومجيء الملا أختر منصور لم يغير شيئاً علی أرض الواقع، وعندها یصبح لا فرق بين الاثنين.

المصدر / الوقت 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق