التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

بالشعب والمرجعية .. يد العبادي أقوى من الحديد 

دعوة السيد السيستاني لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ليكون “أكثر جرأة وشجاعة في خطواته الاصلاحية” ، كشفت عن جسامة المهمة التي تنتظر العبادي ، والمتمثلة بإصلاح نظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية ، ومنخور بالفساد والمحسوبية .

المرجعية الدينية تعرف جيدا ان العبادي سيفتح على نفسه ابواب جهنم ، اذا ما تعرض “بسوء” الى الاقطاعيات الضخمة التي اقامتها الاحزاب والتنظيمات المشاركة في العملية السياسية ، داخل الحكومة والنظام برمته ، وهي ملكيتها خاصة ، وليس للشعب او الدولة سلطان عليها ، لذلك اعلنت المرجعية وبشكل صريح و واضح عن تاييدها للعبادي ، ليضرب بيد من حديد على من يعبث بأموال الشعب…وان يشير إلى من يعرقل مسيرة الإصلاح أيا كان وفي أي موقع كان.

هذا التاييد اللافت من السيد السيستاني للعبادي ، يعكس ايضا خطورة المسؤولية التي القاها الشعب والمرجعية على كاهل رئيس الوزراء العراقي ، فالمطلوب منه وفقا لدعوة المرجعية العليا ان لا يكتفي ببعض الخطوات الثانوية التي أعلن عنها مؤخرا ، بل ان يجتث الفساد من جذوره ، وان يأخذ الكفاءة والجدارة فقط كخلفية لكل مسؤول عندما يسند اليه منصبا ما.

صحيح ان المطالب الشعبية ودعوة المرجعية قوبلت بترحيب من قبل الاحزاب والفعاليات السياسية جميعا ، الا ان هذا الترحيب جاء تحت ضغط الشارع وهيبة المرجعية ، ولم يكن ترحيبا عن طيب خاطر ، او اعتقاد حقيقي لمكافحة الفساد ، ويمكن فهم “الجمل الاستدراكية” في البيانات الصادرة عن هذه الجهات ، التي اعلن بعضها عن انزعاجها لعدم استشارة العبادي لها في التوجيهات الاولية التي اعلن عنها ، وهناك من اعلن عن تخوفه من ظهور دكتاتورية “جديدة” ، واخرى شككت في قدرة العبادي في تنفيذ الاصلاحات ، لانه ، كما ترى ، لين العريكة ، وهذه الصفة هي التي كانت وراء اختياره رئيسا للوزراء!!.

لكن التوجيهات التي اصدرها العبادي والغى بمقتضاها جميع مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس مجلس الوزراء ، وقلص إعداد الحمايات لكل المسؤولين بضمنهم الرئاسات الثلاث والنواب والدرجات الخاصة، وابعد جميع المناصب العليا من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومدراء عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية ، وأمر بتولي لجنة مهنية إختيار المرشحين على ضوء معاييرالكفاءة والنزاهة ، اثبتت ان الرجل ليس كما صوره البعض ، لاسباب طائفية وقومية وسياسية وحزبية وحتى شخصية ، ضعيفا لا يملك القدرة على الضرب بيد من حديد.

العبادي لم يكتف بهذه التوجيهات بل ألغى المخصصات الاستثنائية لجميع الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم، و وجه بترشيق الوزارات والهيئات لرفع الكفاءة في العمل الحكومي وتخفيض النفقات ، واكد على فتح ملفات الفساد السابقة والحالية باشراف لجنة “من اين لك هذا”.

اظهر العبادي خلال اقل من 24 ساعة على دعوة المرجعية الدينية لمكافحة الفساد والمفسدين ، شجاعة يحسد عليها ، والدور الان على البرلمانيين لإظهار شجاعتهم وجرأتهم ، وان يصادقوا على الحزمة الاولى من الاصلاحات ، وان يثبتوا للشعب والمرجعية صدقهم واخلاصهم ووطنيتهم وحرصهم على الصالح العام وبعدهم عن الفساد ، قبل ان يكونوا وجها لوجه امام الشعب.

من الواضح جدا ان الفاسدين المندسين ، عبر نظام المحاصصة الطائفية المنخور ، في هيكلية الدولة ، لن يقفوا مكتوفي الايدي ، وسيعلنون حربا شعواء على العبادي ، متهمينه بـ”الطائفية والدكتاتورية والاستئثار وحب الانتقام و…” ، لذلك على العبادي ان يعمل على اسكات اصوات البعثيين والطائفيين ، عبر تطهير البيت “الشيعي” اولا بل وحتى البيت “الحزبي” ، وان لا يخاف في الله لومة لائم ، وعليه ان يلتقط اللحظة التاريخية التي لم ولن تتكرر ، فهو يحظى بدعم اعظم قوتين في العراق الشعب والمرجعية الدينية ، وهذا الدعم يجعل من يديه اقوى من الحديد ، فلينزل بها على رؤوس الفاسدين ، مهما اختفوا وراء يافطات طويلة عريضة ، وعندها سيدخل تاريخ العراق من اوسع ابوابه ، كما دخله نصير الفقراء الزعيم الخالد عبدالكريم قاسم.

منيب السائح

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق