الجامعة العربية… طريق الألف ميل يبدأ بخطوة
تتسارع الأحداث والانتهاكات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، فمنذ بداية العام الجاري إلى الوقت الراهن ارتكب متشددون إسرائيليون ما يقارب ١١ ألف انتهاكاً تجاه الفلسطينيين، وكان آخر هذه الانتهاكات محاولة مستوطنين رفع علم الكيان الإسرائيلي على قبة المسجد الأقصى، وغير ذلك الكثير من التجاوزات والتعديات التي وصلت إلى أشنع الحدود وأقساها متجليةً بحرق عائلة “الدوابشة”، الحادثة التي شهدناها منذ مدة.
الإنتهاكات الإسرائيلية لاقت سخطاً كبيراً في الشارع العربي، فالشعوب العربية والإسلامية كافة ترفض جرائم الكيان الإسرائيلي، وكذلك فإن الجامعة العربية أبرزت تنديدها بهذه الجرائم، حيث أدان نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الجريمة التي نفذها مستوطنون إسرائيليون والمتمثلة في إشعال النيران في منزل “الدوابشة”، وعلى هذا النهج أدانت الجامعة تكرار محاولات المتشددين الإسرائيليين رفع العلم الإسرائيلي فوق قبة المسجد الأقصى إذ أكد السفير محمد صبيح، الأمين العام المساعد لدى الجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة، أن الاعتداءات على المسجد الأقصى تكاد تكون يومية واصفاً إياها بـ “الطغيان الإسرائيلي الكبير”، وحذر صبيح من اعتداءات جديدة قد تحصل.
تنديدات الجامعة العربية تمثل بداية خطوة إيجابية لردع الكيان الإسرائيلي ووضع حدٍ للجرائم التي يرتكبها، ولكن هذه الإدانات يجب أن تترجم على أرض الواقع، فالتجارب أثبتت أن هذا الكيان لا يرتدع بالإدانات الكلامية فقط، وهذا ما أكده صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث أشار في وقت سابق إلى أن “إقرار السلطات الإسرائيلية بناء ٨٨٨ وحدة استيطانية جديدة في الضفة، يُعتبر بمثابة رد على موقف الاتحاد الأوروبي الرافض للاستيطان، وموقف أمريكا الرافض أيضاً لهدم قرية سوسيا الواقعة جنوبي الخليل بالضفة الغربية المحتلة”.
أي أن الكيان الإسرائيلي لا يتجاهل الإدانات فحسب، بل يصعد سلوكه العدواني، ولهذا على الجامعة اتخاذ خطوات عملية وجدية في هذا المجال، إذ يتوجب عليها رفع الانتهاكات المتكررة إلى مجلس الأمن الدولي والسعي لاستصدار قرارات دولية تعاقب الكيان الإسرائيلي اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، والجامعة العربية قادرة على اتخاذ هكذا إجراءات، وخاصةً أن هناك دولاً عربيةً تتمتع بنفوذٍ دولي لا بأس به بسبب غناها النفطي والمادي.
وكذلك على الجامعة السعي لنيل تأييد عربي وغربي للحقوق الفلسطينية المشروعة كاملة، وإلزام الدول العربية بمقاطعة الكيان الإسرائيلي بشكل كاملٍ وإغلاق سفاراته في الدول التي تتواجد فيها، ومن أهم الخطوات في مجال ردع هذا الكيان ووضع حدٍ لممارساته فتح الحدود والمعابر الأردنية والمصرية مع قطاع غزة، اضافةً إلى إيصال ما يحتاجه أهالي القطاع لحماية أنفسهم وتأمين متطلبات حياتهم، فالمقاومة أثبتت عبر التاريخ أنها الوسيلة الوحيدة لقهر هذا الكيان وكسر شوكته، وهذا ما أكدته الاعتداءات على قطاع غزة والتي كُسرت خلالها شوكة الكيان الإسرائيلي بسبب صمود الأهالي واستبسالهم، وهذا يبرز دور أهمية فك الحصار ودعم حركات المقاومة في غزة.
ويمكن للجامعة العربية أن تلعب دوراً هاماً في حل وإنهاء نزاعات وأزمات الدول العربية وتوحيد هذه الدول، وهذا الأمر يمكن أن يشكل قلقاً كبيراً لدى قادة الكيان الإسرائيلي الذي طالما كان يسعى إلى تشتيت وتفكيك دول المنطقة والدول العربية والإسلامية ليصبح هو الأقوى في المنطقة، ولهذا فإنه يعمل الآن على تفتيت هذه الدول وإدخالها في صراعٍ مع الإرهاب، الأمر الذي يجب على الجامعة العربية أن تسعى إلى إنهائه لتستعيد كامل الدول العربية عافيتها وقوتها وليصبح لها رهبة وهيبة عند القادة الإسرائيليين.
خطوات كثيرة متعددة يجب على الجامعة العربية العمل بجد لتحقيقها وتنفيذها لحماية الشعب الفلسطيني وإنهاء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليه، ومن بين هذه الخطوات تمثل الإدانات التي أطلقتها الجامعة العربية الخطوة الأولى على طريق الألف ميل، هذه الخطوة تحتاج إلى خطوات كثيرة لنيل الغاية وتحقيق الهدف، وإلا فإنها ستبقى حبراً على ورق وكلاماً يُضرب به عرض الحائط.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق