التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 29, 2024

هل ستساعد إيران، السعودية للخروج من مستنقع الیمن؟ 

 هذه هي طبيعة الحروب من قبل الدول المحتلة عندما تغزي بلدا، حيث تحقق إنتصارات مؤقتة في بداية حروبها، لكن سرعان ما تتوقف هذه الإنتصارات وتبدأ مرحلة دفع الثمن ووترك البلاد التي إحتلتها حاملة أذيال الخيبة والهزيمة. حكاية الحرب السعودية ضد الشعب الیمني لا تختلف عن هذه القاعدة، حيث بفضل الائتلاف الدولي الذي شكلته هذه الدولة، لحربها علی الیمنيين، وبعد ذلك القصف الجوي والبحري الذي دخل شهره الخامس، إستطاعت الرياض بالتعاون مع المرتزقة وعناصر القاعده في الیمن، أن تحقق إنتصارات مرحلية هنا وهناك، لكن مشاكل السعوديين في الیمن من المحتمل أن تبدأ، بعد هذه الإنتصارات المؤقتة في عدن ولحج، فماذا سيكون مصير العدوان السعودي في المستقبل، إنتصار خجول أم هزيمة مدوية؟

 

في البداية يجب علینا أن نسأل حتی لو افترضنا جدلا أن السعودية إستطاعت فرض سيطرتها علی مدينة عدن، فهل يعتبر ذلك إنتصارا؟ الإجابة واضحة، فهذا لا يعتبر إنتصارا، لان فارق القوی بين الجيش الیمني وأنصارالله، مقارنة بما يمتلكه الائتلاف السعودي، شاسع جدا، لاسباب عديدة من أهمها سلاح الجو الذي تمتلكه دول هذا الائتلاف خاصة الإمارات والسعودية، اللتين إرتكبتا معظم الدمار والجرائم في الیمن. ومن الواضح جدا أنه ليس فقط الدول التي تعارض سياسات السعودية، لوحدها هي من تقول إن الرياض إرتكبت خطأ إستراتيجيا عبر دخولها مستنقع الیمن، بل حتی الدول التي تسير في فلك السعودية الی حد ما مثل باكستان ومصر تقول ذلك، حيث أن هاتين الدولتين عرفتا مخاطر دخول حرب الیمن ولهذا رفضتا إرسال قواتها البرية لليمن. فإذا كانت مصر وباكستان بما تمتلكه من جيوش تفوق قدراتها، عدة مرات قوی الجيش السعودي، خشيت من مغبة دخول أرض الیمن، عندها نعرف كم سيكون الثمن الذي ستدفعه السعودية باهضا في المستقبل بسبب حربها علی هذه الدولة. 

 

وأما حول الخسائر التي تكبدتها السعودية في حرب الیمن، صدرت تقارير تتحدث عن مقتل المئات من الجنود والضباط السعوديين، ياتي علی رأسهم الفريق “محمد الشعلان” قائد القوات الجوية السعودية وعشرات الضباط حاملي الرتب العالیة، بالاضافة الی تدمير ٩٨ موقعا عسكريا سعوديا في نجران وجيزان وظهران وعسير، فضلا عن أسر العشرات من الجنود السعوديين وتدمير المئات من المعدات والالیات العسكرية، وغيرها من خسائر، تكبدتها السعودية علی يد الجيش الیمني وأنصار الله. بحيث وصلت هذه الخسائر الی درجة اضطرت العديد من وسائل الإعلام السعودية من ضمنها صحيفة الشرق الاوسط، الإعتراف بها. حيث نشرت الشرق الاوسط مقالا للكاتب سلمان الدوسري تحت عنوان «خسائر عاصفة الحزم»، یقول فیه حول خسائر السعودية في أول سطر من مقاله: “لا توجد حرب في الدنيا بلا خسائر(…) و«عاصفة الحزم» شأنها شأن غيرها من الحروب”، وهذا دليل واضح علی أن الإعلام السعودي نفسه بات يعترف بخسائر السعودية الفادحة في هذه الحرب.

 

إضافة الی ذلك، من المتوقع جدا أن السعودية ستواجه معارضة شرسة من قبل العديد من تيارات الحراك الجنوبي بسبب رفضها لمنصور هادي المدعوم سعوديا. بحيث حتی لو إفترضنا أن بعض التيارات الجنوبية تقاتل الیوم ضد قوات الجيش الیمني وحركة أنصارالله، فان هذه التيارات لا تريد حربا دائمة ومستمرة مع هاتين الجهتين. وبناء علی هذا فانه لا يوجد شك أن التيارات التي إختلفت مع حركة أنصار الله والجيش الیمني في هذه المرحلة، ستجلس علی طاولة حوار في المستقبل مع بعضها البعض لتحل خلافاتها، للحفاظ علی وحدة وسلامة أرض الیمن، وهذا سيؤدي الی إحتراق ورقة السعودية الرابحة حالیا وهي إستغلال الخلافات الیمنية الحالیة، لتبرير العدوان علی اليمن. إذن فان لم نقل إن السعودية ستفقد جميع حلفائها الحالیين في الیمن، فانها ستخسر الكثير منهم مستقبلا، بعد حل خلافاتهم مع الجيش وأنصارالله وهذا سيؤدي الی رفع تكلفة الحرب بالنسبة الی السعوديين، وكذلك إدخالهم في حرب إستنزافية طويلة الأمد ترافقها العديد من الخسائر البشرية. 

 

كما علینا أن لاننسى أن عدوان السعودية علی الیمنيين سيكون حاضرا في ذاكرتهم، بسبب المجازر الفظيعة التي إرتكبها السعوديون وقتلهم لآلاف الأبرياء من النساء والاطفال، فهذه أيضا ستكون إحدى النتائج السلبية التاريخية لحرب الیمن بالنسبة للسعودية. 

 

وختاما، إذاما كانت السعودية قد دخلت حرب الیمن متسرعة دون إستراتيجية واضحة ودون أن تصغي الی تحذيرات دول المنطقة الاخری مثل إيران إزاء مغبة هذه الحرب، فإنها الیوم باتت تدرك أخطائها بنفسها، لذا علی الرياض أن تترك تعجرفها وأنانيتها وتبحث عن مخرج ينقذها وينقذ الشعب الیمني، للحيلولة دون إراقة المزيد من الدماء، عندها ستجد أن إيران أول من سيتعاون معها لإنقاذها من مستنقع الیمن. وإذاما حصل هذا التعاون بين إيران والسعودية لإنهاء أزمة الیمن، فإنها ستكون دون شك، إنطلاقة لمزيد من التعاون لإنهاء الأزمات الاخری في المنطقة، تأتي علی رأسها أزمتا سوريا والعراق.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق