قناة السويس الجديدة … خطوة اولى في مواجهة التحديات الاقتصادية
كان الاعلان عن مشروع قناة السويس الجديدة بمثابة البشرة السارة للشعب المصري، فهو حسبما يرى كثيرون مشروع قومي جديد يلتف حوله الشعب المصرى، ويجمع السواعد المصرية ويوحد الهدف ويقوي العزيمة والإرادة ويحمل آفاق الخير المستقبلي لأبناء هذه الأرض. ومع الاعلان عن بدء المشروع هرولت السواعد المصرية نحو بناء مستقبل مصري خالص وبإشارة البدء إلتفّ المصريون حول مشروع وطني قومي آملين ان يجلب لمصر الخير والانفراج خاصة على الصعيد الاقتصادي. فهل سيكون المشروع الجديد عند محط امال المصريين؟ وما هي النتائج الايجابية التي قد يحصدها؟ وهل سينعكس الوضع الاقتصادي على الوضع السياسي والامني في البلاد؟
بايجاز المشروع هو “مشروع حفر القناة الجديدة” يختص بتطوير قناة السويس كممر ملاحي، من خلال إنشاء تفريعة جديدة موزاية للقناة الحالية بطول ٣٤ كم، بالاضافة الى تعميق وتوسيع المجرى الملاحي الحالي بطول ٧٢ كم، والهدف من هذه القناة هو تقليص الفترة الزمنية لعبور السفن. وتتوقع الحكومة زيادة عائدات قناة السويس عام ٢٠٢٣ لتصل إلى ١٣.٢ مليار دولار، مقارنة بالعائد الحالي، ٥.٣ مليارات، وذلك بسبب زيادة القدرة الاستيعابية لقناة السويس من خلال العبور المزدوج للسفن على طول المجرى الملاحي، وتقليل زمن انتظار السفن، وزيادة عددها وحمولتها، واختصار وقت العبور.
وحسب ما هو مقرر، لن يقتصر المشروع على تطوير الممر المائي فحسب بل هناك “مشروع تنمية محور قناة السويس” يعني تطوير المنطقة كلها تنمية شاملة، وتحويل الممر الملاحي إلى مركز أعمال عالمي متكامل يعتمد على خدمات النقل البحري، من إصلاح سفن، وتموينها بالوقود، وخدمات الإنقاذ والصيانة، ونظافة السفن، وخدمات شحن وتفريغ. كما ويرتبط مشروع قناة السويس بإنشاء ٤٢ مشروعا جديدا تنتمي إلى فئة المشروعات الكبرى كتطوير الطرق وتحويلها إلى طرق حرة، بالإضافة إلى إنشاء نفقين للربط بين ضفتي القناة شرقا وغربا وكذلك الربط بين قطاعي القناة الشرقي والغربي. بالاضافة الى منتجعات سياحية على طول القناة، إلى جانب منطقة ترانزيت للسفن ومخرج للسفن الجديدة مما سيؤدي إلى خلق مجتمعات سكنية وزراعية وصناعية جديدة.
عانى الشعب المصري الامرين على الصعيد الاقتصادي والامني في السنوات الاربع الماضية وجاء افتتاح القناة الجديدة ليثلج قلوب المصريين ويضع نصب اعينهم آمالاً بتحسين اوضاعهم المعيشية. افتتح الرئيس المصري القناة الجديدة في حفل حضره المئات من قادة الدول وقام الرئيس المصري خلال حفل الافتتاح بالتوقيع على وثيقة بدء تشغيل القناة معلنا افتتاحها رسميا امام حركة الملاحة العالمية، وبهذا التوقيع يكون الرئيس المصري قد وقع على بدء التحدي لاثبات جدوى المشروع الجديد واهميته الاستراتيجية لمصر.هذا المشروع الذي يلتف حوله المصريون ويترقبون نتائجه الإيجابية لتحسين الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل ما أعلنه المسؤولون في مصر من تصريحات رسمية عن الأهمية الاقتصادية المأمولة لهذا المشروع والتي تفتح آفاق الأحلام والطموحات على مصراعيها أمام المصريين.
وبالعودة الى الأهمية الاقتصادية المأمولة للمشروع الجديد، فإن المشروع سيساهم باعادة تفعيل التجارة العالمية بعد الركود الذي تعانيه منذ سنة ٢٠٠٨، ومن المتوقع ان تتضاعف إيرادات الخزينة المصرية من هذا الممر الملاحى الحيوى للتجارة الدولية، فزيادة عدد السفن يعني عائدات اكبر من العملات العالمية، مما سيؤدي الى ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، وسد احتياجات الدولة من العملة الصعبة، مما من شانه تخفيف التضخم الذي تعاني منه مصر منذ زمن بعيد. كذلك ستضع القناة الجديدة مصر على خريطة الاستثمار العالمي، وزيادة ثقة المؤسسات الدولية المالية في الاقتصاد المصري. فقد نشهد في الاشهر القليلة القادمة تدفق الشركات العالمية للاستثمار في مصر في شتى المجالات.
وفي السياق نفسه ان المشروع الجديد سيفتح آفاقا كبيرة لفرص عمل، بداية من توفير مليون فرصة عمل في نفس المشروع، من عمال في مجال النقل والتصليح والجمارك وغيره، بالإضافة إلى مشروعات المزارع السمكية التي ستمتد على طول ١٢٠ كيلومترًا على جانبي القناة، بجانب مشروعات أخرى لتطوير الموانئ وتحلية مياه البحر ومشروعات عديدة أخرى تهدف الى بناء مصر بشكل متكامل وجزء من بناء اقتصاد قوي يحقق مستقبلًا أفضل لأبناء الشعب المصري.
والسياحة كذلك سيكون لها نصيب من المشروع الجديد عبر الترويج غير المباشر، خاصة وان مصر فيها العديد من المعالم السياحية التي تستجلب السياح من جميع انحاء العالم. بالاضافة الى المنشآت السياحية الجديدة المقرر انشاؤها على جانبي القناة. وتنشيط السياحة يعتمد بالدرجة الاولى على اقتصاد جيد، وهذا ما يرجوه المصريون من القناة الجديدة، وبالدرجة الثانية على استقرار امني يجهد المصريون على توفيره.
في حين أن التاثير الفعلي لافتتاح قناة السويس الجديدة على الازدهار الاقتصادي في مصر ليس واضحا ولا يزال ضمن التكهنات والامال، الا ان الدعم الاعلامي والترويج لهذا المشروع يدل على رغبة الحكومة المصرية في تذليل العقبات والصعوبات، وسعيها الى بذل كل الجهود لتحسين الوضع الاقتصادي، مما من شانه ان ينعكس ايجابا لجهة الاستقرار السياسي والامني.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق