التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

التعاون الاردني البحريني.. هل هو تعاون أمني أو تعاون قمعي؟ 

 في عالم الیوم، التعاون الأمني بين مختلف الدول لمكافحة الجريمة المنظمة، يعتبر أمرا طبيعيا، بل حتی ضروري ولا اشكال فيه. لكن التعاون الأمني مع جهة أجنبية خاصة إذا جاء لغرض قمع انتفاضة شعبية سلمية، فانه لیس فقط یفقد معناه الحقيقي، ويصبح مثیرا للسخرية، بل أنه يثير سخط الشعب المستهدف، ویؤدي الی تأجيج نيران الإحتجاجات في البلاد. وفي هذا السياق أعلنت البحرين قبل أيام أنها ستزيد من تعاونها الامني مع النظام الاردني، دون أن تكشف عن غايات هذا التعاون، فاصبح الكثير يسأل هل أن البحرين تواجه خطرا أجنبيا حيث تحتاج الی هذا التعاون، أم أنه ياتي لغرض قمع الإحتجاجات السلمية في البلاد؟  

 

وفي هذه الأثناء وخلال الاعوام الاربعة الماضية لقد ارسلت الدول الخليجية خاصة السعودية قواتها الأمنية بهدف قمع المعارضة الشعبية البحرينية منذ بداية ظهورها في عام ٢٠١١، وأسفر هذا التعاون بين المنامة وما يسمی بدرع الجزيرة الی استشهاد العشرات من البحرينيين خلال هذه الفترة، دون أن تتوقف الإحتجاجات الشعبية في البحرين التي تطالب بتشكيل حكومة منبثقة من الشعب البحريني، لا أكثر. وفي هذا السياق التقی يوم الاثنين الماضي وزير الداخلية البحريني «راشد بن عبدالله آل خليفة» مع المدير العام لقوات الدرك الأردنية «حسين محمد الحواتمه»، بهدف تنمية العلاقات الثنائية في المجال الأمني كما اعلنت المنامة وعمان، وذلك إستمراراً للتعاون السابق بين البلدين لمواجهة المعارضة الشعبية في البحرين، كما تؤكد أحزاب المعارضة البحرينية، التي تطالب باصلاحات سياسية في البلاد من أهمها، الحد من انفراد عائلة آل خليفة بالحکم والتي تحكم البلاد منذ مئات السنين بمفردها ودون الرجوع الی رأي الشعب البحريني، من خلال نظام ملكي، كالذي يحكم في السعودية. 

 

التعاون الأمني بين الاردن والبحرين الذي يدعي البلدان أنه لغرض تدريب القوات الأمنية البحرينية، يعود تاريخه الی عدة أعوام، حيث قالت وزيرة الإعلام البحرينية، «سميرة رجب» العام الماضي إن «الدرك الأردني موجود في البحرين بناءً على اتفاقيات أمنية موقعة بين البحرين والأردن. لم نطلب العون من أجنبي، طلبناه من العرب». اضافة الی هذا الإعتراف الصریح من قبل البحرین بوجود الدرك الاردني في البحرین، قال المتحدث باسم الحكومة الأردنية، «محمد المومني»، إن قوات الدرك الأردنية المتواجدة في البحرين هي لغايات التدريب، وتتقاضى مستحقات مالیة بموجب اتفاقيات تعاون ثنائية مع المنامة. 

 

وفي هذا السياق كشف النائب الأردني محمد القطاطشة العام الماضي ايضا عن التحاق نحو ٢٥٠٠ من منتسبي الأجهزة الأمنية الأردنية المتقاعدين، بالقوات الأمنية البحرينية من خلال عقود تعاون مشترك تم توقيعها مع الجانب البحريني، بالرغم من أنه أكد أن التحاق هؤلاء الافراد بالقوات الأمنية البحرينية صدر وفقا لقرار شخصي من قبلهم دون أن يرتبط بالجهات الرسمية في الاردن، حسب زعمه. 

 

الی ذلك نشر موقع المرآة البحريني العام الماضي، تقريرا حول أسماء ٤٩٩ عنصراً من قوات الدرك الاردني التي تعمل داخل البحرين، مؤكدا أن الحكومة البحرينية تدفع لهم شهريا مخصصا مالیا يبلغ ٧٠٠ الف دينار بحريني أي ما يعادل ١.٨ مليون دولار امريكي. 

 

وعلی ما يبدو فانه بعد دخول السعودية في حرب الیمن ومواجهتها مقاومة شرسة من قبل الشعب الیمني، فان السعودية باتت لم تستطع مساعدة النظام البحريني كثيرا في المجال الأمني لضرب المعارضة البحرينية بسبب مشاكلها في الیمن، ولهذا فكر النظام البحريني أن يوسع من علاقاته الأمنية مع الاردن لسد الفراغ الذي نجم بسبب انشغال الریاض في عدوانها علی اليمن. 

 

ویری المراقبون أنه علی الحكومة البحرينية بدل الإستعانة بالدرك الأردني لقمع الاحتجاجات الشعبية، فتح المجال السياسي أمام الشعب البحريني للمشاركة الفاعلة في مستقبل البلاد وتشكيل الحكومة والبرلمان عبر الانتخابات النزيهة، لأن هذه هي الآلیة الوحيدة التي يمكن أن توقف الحراك الشعبي في البلاد، إن أراد النظام البحريني الخلاص من التظاهرات السلمية والإحتجاجات الشعبية. حيث أن اللجوء الی القوات الأجنبية لقمع المطالبات الشعبية من قبل الحكومة البحرينية، سيؤدي في نهاية المطاف الی تأجيج الإحتجاجات بدل القضاء علیها، والتجربة تثبت ذلك في العديد من دول العالم. 

 

النظام البحريني جرب أسالیب مختلفة من أجل القضاء علی الثورة البحرينية بدءاً من التحريض الطائفي علیها، مرورا بتصفية القيادات الميدانية، وصولا الی سجن القيادات السياسية كما هو حاصل الیوم مع الشيخ علي سلمان الأمين العام لجمعية الوفاق الإسلامية، حیث فشلت جميع هذه الأسالیب، ومن المؤكد أن اللجوء الی مزيد من التعاون الأمني الأجنبي من قبل البحرين مع النظام الاردني، سيفشل في سحق ثورة الشعب البحريني. 

 

وختاما، بات واضحا أن الشعب البحريني صار لم يعانِ القمع من قبل حكومته فحسب، بل أصبح هذا الشعب يعاني القمع من قبل القوات الأمنية المتعاونة مع النظام البحريني أيضاً ويأتي علی رأسها القوات الأمنية السعودية والاردنية. والتجربة تقول للنظام البحريني إن القمع الشعبي فشل قبل هذا في العراق زمن النظام البائد ومصر وتونس وليبيا والیمن ودول اخری، فالمثل يقول إن من جرب المجرب حلّت به الندامة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق