التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

واشنطن تدق ناقوس الخطر بعد خفض بكين سعر صرف (اليوان) 

بعد صدور سلسلة من البيانات الاقتصادية الضعيفة خفضت الصين قيمة عملتها (اليوان) لتسجل بذلك أقل مستوى لها في نحو 3 أعوام، وهي خطوة اعتبرها المراقبون بأنها تأتي في إطار إصلاحات تستهدف تحرير السوق .

 

وبحسب بيان المركزي الصيني، بلغ الخفض قرابة 2%، ووصفت بكين القرار بأنه استثنائي استناداً لأسلوب جديد لإدارة سعر الصرف يعبر بشكل أفضل عن العوامل في السوق، لكن اقتصاديين ذكروا أن التوقيت يؤكد أن الهدف دعم الصادرات .

 

وأظهرت بيانات وزارة التجارة الصينية تراجع صادرات الصين بنسبة 8.3% في يوليو، بفعل ضعف الطلب من 3 من أكبر الشركاء التجاريين في أوروبا وأمريكا واليابان .

 

ورجح خبراء اقتصاديون أن تهدف هذه الخطوة لتخفيف الضغط على أداء صادرات الصين الضعيف في الأشهر الأخيرة، وتقليص الضغوط الانكماشية الآتية من الخارج .

 

وقال المركزي الصيني ان سعر الصرف الحقيقي لليوان لا يزال قوياً نسبياً أمام العملات العالمية المختلفة ولا ينسجم مع توقعات السوق، ومن الضروري تحسين متوسط السعر لتلبية احتياجات السوق .

 

وتجدر الإشارة إلى أن (اليوان) قد تحرك في نطاق ضيق للغاية منذ مارس/آذار ولم يزد عن 0.3%، فيما سجل أقل مستوى منذ سبتمبر/ ايلول 2012 في التعاملات الفورية المبكرة خلال الايام الماضية.

 

وتباطأ ثاني أكبر اقتصاد في العالم بشكل ملحوظ العام الحالي، ويعتقد بعض الاقتصاديين أن وتيرة النمو تقل كثيراً عن المعدل المستهدف للعام الجاري عند 7%، وفي حال تحقيق المعدل المستهدف سيكون الأقل في الصين في 25 عاماً .

 

وتتحكم الصين في سعر صرف (اليوان) من خلال متوسط السعر الذي يمكن أن يتحرك بنسبة 2% يومياً. وذكر بنك الشعب الصيني، إنه سيحدد متوسط السعر استناداً لأسعار المتعاملين في السوق، وسعر الإغلاق في اليوم السابق .

 

وفي السابق كان البنك يحدد متوسط السعر استناداً لمعادلة تضم سلة من العملات، ولكنه لم يكشف النقاب قط عن كيفية حسابها، ويعتقد كثيرون أن متوسط السعر كان في الواقع يُستغل في حالات كثيرة لتوجيه السوق بما يتفق مع أهداف السياسات الموضوعة .

 

وفي ظل النظام الجديد سيكون لقوى السوق قدرة أكبر على خفض قيمة (اليوان) في الأسابيع المقبلة، ولكن ستظل بكين صاحبة اليد الطولى في تحديد متوسط السعر في ظل النفوذ الهائلة لبنوك الدولة في التعاملات اليومية على (اليوان) .

 

وقد ردت أمريكا بحذر كبير على خفض سعر العملة الصينية الذي يمكن ان يضر بصادراتها لكنه يلبي جزئيا مطالبها المتعلقة بسعر صرف (اليوان)، في محاولة لتحقيق توازن وصف بالصعب .

 

ولم يعلق البيت الأبيض ووزارة الخزانة الأمريكية على الفور على الإعلان المفاجئ للمصرف المركزي الصيني بخفض قيمة العملة حوالي 2 بالمئة مقابل الدولار . ومن المعروف ان السلطات الأمريكية لاتفوت فرصة من اجل اتهام بكين بالإبقاء على سعر عملتها منخفضاً عمداً من اجل تعزيز القدرة التنافسية لمنتجاتها في الخارج .

 

ويرى خبراء أن واشنطن تفضل ضبط النفس وتنتظر على الأرجح معرفة المزيد عن أبعاد القرار الصيني . ويقول (نيكولاس لاردي) الخبير في شؤون الصين في معهد بترسن بواشنطن “ما زال من المبكر معرفة ما إذا كنا ندخل مرحلة دائمة لخفض سعر صرف العملة يمكن ان يكون لها تأثير حقيقي على الصادرات الأمريكية” .

 

وفي وقت سابق نفت السلطات الصينية أن يكون قرارها يهدف إلى تحفيز صادراتها وأكدت انها تريد تحرير استخدام (اليوان) بشكل أكبر باعتباره ما زال مضبوطا بشكل وثيق اليوم .

 

وقال (روبرت كان) من مجلس العلاقات الخارجية إن التأثير المباشر على الصادرات الأمريكية سيكون محدوداً على المدى القصير، لكنه أضاف: إذا كان ذلك بداية لتوجه أشمل لخفض سعر الصرف، فسيكون في ذلك مشكلة لأن الأمر سيكون محاولة من الصين للتقدم على شركائها التجاريين الرئيسيين، ولا تحتاج أمريكا لذلك، فمنذ سنوات طويلة تعاني من عجز كبير في مبادلاتها مع الصين (أكثر من 31 مليار دولار في يونيو/ حزيران).

 

وبشكل عام، تعاني الصادرات الأمريكية من ارتفاع سعر الدولار مقابل اليورو وهو توجه يمكن أن يتعزز مع تطبيع السياسة النقدية المقبل في أمريكا. وفي ظل هذه الأجواء المضطربة يبدو ان خفض سعر صرف العملة الصينية بات يُتخذ ذريعة من قبل معارضي القوة الصينية في عالم السياسة الأمريكية مع بدء الحملة للانتخابات الرئاسية الأمريكية .

 

وقال (كيفن كارمايكل) من مؤسسة (سنتر فور انترناشيونال غوفرنانس اينوفيشن) أن بكين أعطت ذخائر جديدة لخصومها في أسوأ وقت ممكن، فيما سارع المرشح للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري (دونالد ترامب) إلى إدانة القرار الصيني، معتبراً أنه خُفِّض بشكل كبير وسيكون الأمر مدمراً للاقتصاد الامريكي.

 

وفي الواقع يمكن أن يكون القرار الصيني مرتبطا بالمشاكل الاقتصادية الصينية أكثر مما هو بالخصم الأمريكي، خصوصاً مع رغبة بكين في إدراج (اليوان) في نادي العملات المرجعية في العالم. ويرى الخبراء ان القرار الصيني لن يؤدي إلى حرب عملات فوراً، لكنه يزيد من الغموض في وقت ما زال فيه الاقتصاد العالمي هشاً.

 

وتطمح بكين الى توسيع استخدام عملتها خارج حدودها بإدراجها في حقوق السحب الخاصة(الوحدة الحسابية لصندوق النقد الدولي) التي تتشكل حالياً من أربع عملات هي الدولار واليورو والجنيه والين .

 

ويقول (ديريك سيزرز) الاقتصادي في مركز (امريكان انتربرايز اينستيتيوت) إن البنك المركزي الصيني يريد إقناع صندوق النقد الدولي بأن الرينمينبي (الاسم الآخر للعملة الصينية) يمكن أن تكون عملة احتياط .

 

وكما أشرنا سابقاً وفي محاولة منها لإعطاء بعض الضمانات أكدت بكين عند خفض سعر صرف عملتها أن هذا القرار استثنائي وان قيمة (اليوان) باتت مرتبطة بالعرض والطلب في الأسواق وتقلبات العملات الأجنبية الرئيسية . 

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق