تطورات العراق: فرصة ذهبية للوحدة ولم الشمل
وضعت إصلاحات العبادي العراق على جادّة الصواب، لينطلق معها قطار البلاد نحو بناء “عراق قوي موحد” يفضي إلى الأمن والإستقرار والتقدم الذي إفتقده الشعب العراقي مع إستلام حزب البعث، واستكمل لاحقاً مع الإحتلال الأمريكي الذي يحاول العودة حالياً تحت ذريعة تنظيم داعش الإرهابي.
لا شك في أن مطالب الشعب العراقي محقّة سواءً بتحسين الخدمات الاساسية مثل الكهرباء ومياه الشرب والسكن والخدمات الطبية أو مكافحة الفساد، وقد ساهمت توصيات المرجعية الدينية العليا في العراق بـ”مكافحة الفساد وتحسين عملية تقديم الخدمات للشعب” بفرض واقع جديد يحتّم على حكومة العبادي الإلتفات إلى المطالب الشعبية بالتوازي مع مواجهة تنظيم داعش الإرهابي لدحره من الأراضي العراقية.
يتوجب على حكومة العبادي حالياً الدخول في المرحلة التنفيذية للإصلاحات التي حصلت على إجماع رسمي وشعبي، وبالتالي قطع الطريق على كافة المتآمرين، وهم كثر، لبناء عراق قوي عصي على التقسيم، مكافح للفساد، هازم للتنظيمات التكفيرية، ومستعد لمواجهة أي معتدٍ يسعى لضرب البلاد.
ويمكننا القول إن العبادي نجح من خلال هذه الإصلاحات في تحويل التهديد إلى فرصة، لأن الظروف السابقة لم تكن تسمح بل تمنع الجميع من التعاطي بحزم مع المفسدين أو حتى المتواطئين على البلاد نتيجة للتركيبة الطائفية والعرقية للبلاد. ولكن العبادي إستلم اليوم تفويضاً تاماً من الدولة والشعب وتحت غطاء المرجعية الدينية لمكافحة الفساد والعمل على بناء عراق يليق بأهله المقاومين الشرفاء الذين قدّموا ولازالوا يقدّمون الغالي والنفيس دفاعاً عن عزّتهم وكرامتهم، فضلاً عن كون إصلاحاته تشكل بنيانا إستراتيجياً مهماً للعلاقة بين الشعب والحكومة والمرجعية الدينية في المرحلة اللاحقة.
لقد أبلى العبادي حسناً عندما طالب بإخراج المواقع العليا في البلاد من المحاصصات السياسية والطائفية بحيث تتم على اساس النزاهة والكفاءة، وكذلك دعوته لدمج وحذف لبعض الوزارات والهيئات وتحديد مستشاري الرئاسات الثلاث، إضافةً إلى الإصلاحات المالية ومكافحة الفساد عبر تفعيل دور مجلس مكافحة الفساد واطلاق حملة “من أين لك هذا” بالتعاون مع القضاء وتحسين الخدمات التي تصدح بها حناجر الشعب العراقي. إن إصلاحات العبادي تحمي العراق الذي يمر حالياً بمرحلة خطيرة، فإخراج المواقع العليا في البلاد من المحاصصات السياسية والطائفية بحيث تتم على اساس النزاهة والكفاءة تحد كثيراً من الممارسات الفتنوية التي يمارسها العديد من المتآمرين في الداخل والخارج، كما أن مكافحة الفساد والإصلاحات الإقتصادية باتت اليوم حاجة ملحّة للعراق بعد إنخفاض أسعار النفط بسبب المؤامرة السعودية تجاه طهران وموسكو، ولا ريب في أن تحسين الخدمات من أهم المطالب التي ينادي بها الشعب العراقي.
لم ترق إصلاحات العبادي للعديد من الطامعين بالعراق وأهله، خاصةً أن بعض الجهات المشبوهة حاولت استغلال الاحتجاجات الشعبية المطلبية لتنفيذ مؤامراتها والمطالبة بإسقاط الحكومة الحالية، ولكن من خلال الإصلاحات والإلتزام بأوامر المرجعية الدينية يمكن إجتياز هذه المرحلة الصعبة خاصةً اذاما توفر الوئام والانسجام بين مختلف التيارات السياسية من أجل تفويت الفرصة على كافة المتربصين بالعراق، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه رغم كون الإصلاحات وتأمين الخدمات للشعب العراقي تقع على عاتق الحكومة بشكل أساسي، إلا أن هذا الأمر لا يلغي دور جميع المكونات السياسية في مؤازرة الحكومة في المرحلة المقبلة، بإعتبار أن هذه الإصلاحات تصب في صالح العراق بأكمله، وتؤمن مصالح إستراتيجية تشمل الجميع أبرزها: الوئام بين كافة الكتل السياسية العراقية، مؤازرة الجيش والحشد الشعبي والعشائر العراقية في مواجهة داعش الإرهابي لدحره من البلاد، قطع الطريق على الإبتزاز الداخلي والمؤامرات الخارجية، منع تقسيم العراق، الحد من التفجيرات الإرهابية، تعزيز العلاقات الخارجية لبغداد وتنمية القطاعين الإقتصادي والخدماتي في البلاد.
إن ما تشهده الساحة العراقية اليوم يشكل فرصة ذهبية للعبور بهذا البلد إلى شطآن النصر والأمان والإستقرار، وبالتالي قطع الطريق على كافّة المتآمرين سواءً عبر التقسيم، أو دعم الجماعات التكفيرية، أو إثارة الفتنة الطائفية. وإن إصلاحات العبادي التي جاءت بناءً على توصيات المرجعية الدينية تشكّل الحجر الأساس لبناء عراق قوي وفاعل في المعادلات الإقليمية، يقفز فوق كل العقبات والمؤامرات.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق