إلى أنظار وزيرة الصحة : بين غصّتي الإهمال والنواة فقد هذا الطفل الحياة
عبدالرضا الساعدي
بعد 7 سنوات من الانتظار والصبر والتوسل إلى الله تعالى كي يمنحه نعمة الولد وبهجته في هذه الدنيا ، استجاب له الرب الكريم فجاء ابنه (حسين حيدر خلف ) إلى هذا الوجود ، وليكحل عيون أبويه بربيع حياته وفرح وجوده ونمائه بين أهله يوما بعد يوم ، حتى بلغ من العمر سنة و7 أشهر .. ولكن حانت ساعة المصيبة والمحنة السوداء في حياة هذه العائلة الطيبة حينما ابتلع الطفل (حسين) نواة تمر صغيرة على وجبة الغداء فدخلت جهازه التنفسي ، وعندها سارعوا لإرساله إلى مستشفى الصدر في مركز مدينة العمارة ، وهو المستشفى الرئيسي الوحيد في هذه المدينة الذي يستقبل حالات مثل هذه ، ويعود تأسيس هذا المستشفى إلى العام 1986م.
في هذه المستشفى أدخل الطفل إلى ردهة الطوارئ في الساعة_ 12 ظهرا _وتم تزويده بالأوكسجين فور وصوله وقام الطبيب المقيم بإرساله إلى الطبيب الخفر في قسم العمليات في الطابق الأول حيث تم استدعاء غالبية الأطباء الموجودين للوقوف على حالة الطفل الطارئة ، حينها قام الطبيب الخفر باستخدام جهاز (الناظور) الذي لم يفلح في الوصول إلى (النواة) بفارق _2 سم_ ، فكانت من بين الاقتراحات الأخرى المطروحة من أحد الأطباء إجراء عملية جراحية للطفل ولكن باقي الأطباء الآخرين رفضوا الفكرة لأسباب عجيبة وغريبة ، منها التخوف من المشاكل العشائرية وقضية (الفصل العشائري ) وغيرها !! ، في الوقت الذي تناهى إلى أسماعي أيضا عن وجود طبيب مختص في مركز ميسان لجراحة القلب الذي يقع في مركز مدينة العمارة ، ولكن لم يتم استدعاؤه .. علما بأن حالة سابقة مثل هذه تم معالجتها جراحيا من قبل طبيب لجراحة الأطفال يدعى( أسامة ) ، ولكنهم لم يفعلوها مع الحالة الجديدة ولا نعرف السبب ؟!..
أخيرا تقرر إرسال الطفل (حسين) إلى مستشفى البصرة التعليمي في محافظة البصرة بحجة عدم وجود جهاز لفتح الصدر ولا (ناظور ) ولا طبيب مختص لهذه الحالة ، وإن بقاء الطفل في هذه المستشفى يعني الموت _ حسب قول طبيب الخفر _!!.
وهكذا ، قد تم أبلاغ سيارة الإسعاف ، في الساعة الثانية ظهرا _أي بعد ساعتين من دخوله المستشفى_ وكانوا غير مستعدين ومهيئين أبدا ، فانشغلوا بتهيئة قناني الأوكسجين والتأكد من جهاز التنفس إن كانت بطاريته جاهزة للعمل ، وكل هذا كان وقتا صعبا ومستنزفا من عمر الطفل الذي كان يحتاج إلى الثانية من هذا الوقت الثمين المهدور .. وتمت الاستعدادات للذهاب إلى البصرة بعد حين من الدهر ، باتجاه مستشفى البصرة التعليمي ، وفي الطريق _تحديدا في منطقة (القرنة ) تم إيقاف سيارة الإسعاف في محطة الوقود للتزود بالوقود ، وهذه مخالفة صريحة للقانون والمنطق والعقل ، إذ كيف لإسعاف فوري أن تكون بلا وقود ولديها حالة طارئة لطفل يختنق يحتاج إلى طرفة عين من الزمن لإنعاشه .. ولكن ؟ .. بعد ذلك الوقت المستنزف الطويل تم انطلاق السيارة باتجاه مستشفى البصرة التعليمي حيث تقرر إدخال الطفل في ردهة طواريء المستشفى هناك ، ولكن بعد تحويله من نقالة الإسعاف التي أقلته من ميسان إلى نقالة المستشفى ومن ثم تبديل (الأوكسجين) فارق الطفل الحياة وهو يغص مرتين :
مرةً بالنواة الصغيرة التي سدت مجرى تنفسه ، ومرةً بالإهمال الذي أوصد الحياة إلى الأبد في عينيه البريئتين الجميلتين الغافيتين بكل مرارة وأسف ودموع ، وأوصدت معهما أبواب السعادة في حياة الأبوين المكسورين المنهارين إلى اللحظة.
المهم في الأمر أننا أردنا أن نوصل هذه الرسالة المؤلمة إلى أنظار وزيرة الصحة ،وهي ليست رسالة بقدر ما تكون أنة وجع حقيقي من قبل والد الطفل الذي راح يناجي ولده الجميل الفقيد على حين غرة ..قائلا (( نم قرير العين بني .. فلن يطيب لي مطعم ولا مشرب إلا بعد عرض المقصرين .. والذين أهملوا وتقاعسوا في أداء الواجب المهني والإنساني ، للقضاء العادل بجهود الخيرين والصالحين من أبناء هذا البلد الجريح )) ..
ونحن مع مناجاة ونداء الوالد الكسير الموجوع نسأل السيدة وزيرة الصحة : ماذا لو كان (حسين) ذو العام و7 أشهر من عمره ولدك الوحيد في هذا العالم وفقدتِه بهذه الطريقة وهذا الإهمال .. ماذا كنت ستفعلين ؟
نحن ننتظر الإجابة والإجراءات العاجلة عسى أن تخفف شيئا من مصيبة الفقد والغصة التي نستشعرها مع هذا الأب المفجوع.
طباعة الخبر
ارسال الخبر الى صديق