التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, سبتمبر 20, 2024

دخول داريا.. عملية إنتحار أم إنجاز عسكري للمعارضة؟ 

 بعدما تلقت الجماعات المسلحة ضربات قاسية علی يد الجيش السوري والمقاومة اللبنانية في الزبداني خلال الاسابيع الماضية، فقدت خلالها العشرات من عناصرها، حاولت هذه الجماعات عبر دخول مدينة «داريا» الواقعة جنوب مدينة دمشق، تخفيف ضغط الجيش السوري علی مدينة الزبداني الواقعة غرب دمشق، والتي يحاصرها الجيش السوري بالتعاون مع قوات حزب الله. حيث تعتقد الجماعات المسلحة أن تأزيم الاوضاع في داريا سيجبر النظام السوري علی سحب جزء من قواته وآلیاته العسكرية من اطراف الزبداني لارسالها الی داريا، مما سوف يخفف الحصار المفروض علی الزبداني، لكن علی ما يبدو ونظرا لتقدم القوات السورية خلال الأيام الماضية في مدينة داريا، فان الهزيمة ليس فقط من المحتمل أنها ستحلّ بالجماعات المسلحة في الزبداني، بل إنها تلاحقهم في داريا أيضا، فلماذا أقدمت المعارضة علی الانتحار بنفسها بدخولها داریا؟ والتي تعد من أهم المناطق الإستراتیجیة بالنسبة للحکومة السوریة. 

 

وقوع داريا علی حدود مطار المزة العسكري وكذلك قربها من مقر المخابرات الجوية السورية، يكسبها موقعا أمنيا حساسا، بالاضافة الی أنها لا تبعد كثيرا عن المربع الأمني في منطقة كفر سوسة التي تقع بالقرب من العديد من مقرات الأجهزة الأمنية السورية. وفي هذه الأثناء تمكنت القوات السورية خلال الايام الماضية من تطهير العديد من البنايات التي يستقر فيها عناصر الجماعات المسلحة الواقعة شمال غرب داريا وبالتحدید في “حي الجمعيات”، مكبدة العناصر المسلحة خسائر فادحة خلال هذه العمليات. وتتقدم القوات السورية في هذه المنطقة بالرغم من القنابل التي زرعها المسلحون في البنايات وحفرهم العشرات من الأنفاق، مما تؤدي هذه القنابل والأنفاق الی بطء تقدم القوات السورية في تطهير هذه المنطقة. 

 

ويسعی الجيش السوري من خلال عملياته في داريا الی قصف المواقع الخلفية للتنظيمات المتطرفة التي تنشط في هذه المنطقة وعلی رأسها، ما یعرف بـ “الاتحاد الإسلامي لاجناد الشام” و”لواء شهداء الاسلام” وعدد آخر من كتائب الجماعات المتطرفة الاخری. وتاتي هذه العمليات من قبل الجيش السوري لمنع اطلاق القذائف من قبل هذه الجماعات المتواجدة في داريا باتجاه العاصمة دمشق. حيث أصبحت الجماعات المتطرفة مطوقة من قبل الجيش السوري في داريا.  

 

ودخلت الجماعات الإرهابية الی داريا التي تعتبر من مناطق ريف دمشق، في بداية النصف الاول من عام ٢٠١٢ والتي لا تبعد سوی عدة كيلومترات جنوب غرب دمشق العاصمة السورية، حيث تبادلت القوات السورية والجماعات الإرهابية سيطرتها علی داريا منذ ذلك التاريخ حتی الیوم عدة مرات. وتكتسب داريا الكثير من الأهمية بالنسبة الی الحكومة السورية إضافة الی قربها من مطار المزة العسكري، نظرا لقربها من القصر الجمهوري، وكذلك وقوع العديد من السفارات في هذه المنطقة من ضمنها سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومرور الاتوستراد الدولي الذي يوصل دمشق ببيروت ومطار المزة. كما أن وقوع منطقة داريا بين الطرق التي تربط دمشق بالجنوب منها اتوستراد دمشق ـ درعا وكذلك دمشق ـ عمان (العاصمة الأردنية)، جعل هذه المنطقة تكتسب أهمية استراتيجية بامتياز.  

 

إضافة الی النقاط التي تمت الإشارة الیها فان داريا تحتضن مرقد السيدة سكينة بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام، كما أنها تعتبر إحدى المناطق التي يسكنها الشيعة والمهاجرون الافغان واللبنانيون الموالون للنظام السوري. وتحاول المجموعات الإرهابية إنتهاك حرمة هذه المنطقة لاکتسابها أهمیة لدی أتباع أهل البيت علیهم السلام، لجرح مشاعر الشيعة في سوریا والعالم. لكن الوقائع علی الأرض تشير الی أن المجموعات الإرهابية لم تستطع فرض سيطرتها علی داريا بشكل يمكّنها من تبديلها لمقر لعملياتها العسكرية ضد العاصمة السورية والمناطق الإستراتيجية التي تحیط بها، حيث أن الجيش السوري يدرك جيدا أن تحرير الزبداني وتطهيرها بالكامل من الجماعات المسلحة، سيقصم ظهر هذه الجماعات ويفشل زحفهم باتجاه دمشق بشكل نهائي.

دخول الجماعات الإرهابية الی داريا يدل علی أن هذه الجماعات فشلت في التغلغل لداخل العاصمة السورية دمشق، خلال ما يقارب الخمسة أعوام من الحرب علی سوريا، بعد أن تعهدت أنها ستطوي صفحة النظام السوري خلال أيام وعلی أبعد تقدير خلال أسابيع. حيث أن هذه الجماعات ليس فقط فشلت في التغلغل لداخل دمشق بل أنها فشلت حتی من الإقتراب منها، وذلك إن دل علی شيء فانه يدل علی تماسك الجيش السوري وقدرته علی إفشال مخططات الجماعات الإرهابية المدعومة بشكل قوي من قبل تركيا والسعودية وقطر. إذن مادامت بقيت دمشق عصية علی الارهابيين فان النظام السوري باق وجيشه مستمر بتطهير الجبهات الأخری من الجماعات المسلحة، وما دخول داريا من قبل هذه الجماعات إلاّ “عملية إنتحار” غیر محسوبة، تضاف الی رصيد العمليات التي خسرتها المعارضة فی حربها مع الجيش السوري.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق