التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

امريكا وسعيها للتعويض عن العجز امام ايران 

كان الامريكيون يسيطرون لعقود على غرب آسيا وشمال افريقيا وهي المنطقة الاسلامية لكن هذه السيطرة بدأت بالانهيار منذ انتصار الثورة الاسلامية في ايران في عام ١٩٧٩ وقد عجز الامريكيون منذ انتصار هذه الثورة عن انهاء الصراعات التي حدثت في هذه المنطقة والتي كانت ايران طرفا فيها، بشكل يؤمن مصالح واشنطن.

 

ولقد سعى الامريكيون الى حشد العديد من الدول الى جانبهم في مواجهتهم مع ايران لكن هذه الوحدة لم تدم طويلا وكانت تنهار في اغلب الاحيان، وفي الآونة الاخيرة قال وزير الخارجية الامريكي جون كيري ردا على المعارضين الامريكيين للاتفاق النووي مع ايران “ان رفض هذا الاتفاق سيجعل حتى الحلفاء التقليديين لامريكا لايتقيدون بالعقوبات المفروضة على ايران وسنخسر تأييدهم للخيار العسكري ضد ايران”. 

 

واعترف المسؤولون الامريكيون مرارا بأن ايران قد ازدادت قوة يوما بعد يوم ووجدت لها حلفاء جدد فعندما بدأت انصارالله تحركها في اليمن قال الرئيس الامريكي في الكونغرس “ان دائرة النفوذ الايراني اصبحت من المحيط الهندي حتى البحر الابيض المتوسط”، وعندما سئل هنري كيسنجر عن قوة داعش قال ان قوة داعش هي زائلة واننا نواجه قوة أخرى دائمية وهي تكبر باستمرار (في اشارة الى ايران).

 

وقد عجز الامريكيون حتى عن مواجهة حركة حماس وان المبعوث الامريكي الى فلسطين قد استقال من منصبه بعد العجز عن ثني الفلسطينيين عن مواقفهم واعترف بهزيمته.

 

وفشل الامريكيون في جعل حلفائهم يعتقدون بأن الخطط الامريكية في المنطقة تؤمن مصالح هؤلاء ولذلك نرى ان التحالف الامريكي في افغانستان قد انهار وسحبت العديد من الدول قواتها من هناك، وفي الملف السوري ايضا عجز الامريكيون في جعل حلفائهم الاقليميين يعتقدون بأن الخطط الامريكية في سوريا ستحقق اهدافهم ولذلك نرى ان الامريكيين الذين كانوا يريدون ايجاد منطقة عازلة داخل الاراضي السورية عادوا وتراجعوا عن هذه الخطة، ولذلك يمكن القول بالفم الملآن ان الامريكيين هم عاجزون عن اعادة بناء قوتهم في المنطقة دون التغلب على المصدر الرئيسي الذي يهدد مصالحهم وهو ايران. 

 

ورغم ان هناك من يقول بأن الاهتمام الامريكي قد تحول من غرب آسيا وشمال افريقيا نحو شرق آسيا والصين لكن المؤشرات العسكرية والسياسية لاتشير الى مثل هذا الامر فالقوة الاقتصادية الصينية قد تخطت القوة الامريكية منذ عقود وكما يقول الامريكيون انفسهم بأن امريكا ستصبح رابع قوة اقتصادية في العالم في عام ٢٠٣٠ ولذلك يجب القول ان امريكا التي تريد الاحتفاظ بلقب القوة العظمى تحتاج الى حفظ مكانتها في غرب آسيا وشمال افريقيا ولذلك نرى ان هذه الدولة تعمل على تعزيز القدرات العسكرية لحلفائها في هذه المنطقة بصفقات اسلحة كبيرة.

 

ومن جهة أخرى يسعى الامريكيون الى ايجاد نوع من التطبيع في العلاقات مع ايران بعد اتفاق فيينا النووي وقد طلب كيري مرارا من وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الموافقة على فتح مكتب لرعاية المصالح الامريكية في ايران، وبدورهم قام الاوروبيون ايضا بتسريع وتيرة زيارة مسؤوليهم الى طهران بغرض الايحاء بأن هناك عودة اوروبية الى الاجواء السياسية والثقافية الايرانية فيما فسرت بعض الاوساط في ايران هذه الزيارات بأن لها اهداف اقتصادية.  

 

ويعتقد الامريكيون انهم قد يستطيعون ايجاد شرخ في المجتمع الايراني حول موضوع العلاقات مع الغرب كما انهم يريدون الايحاء للشعب الايراني بأن هناك اجواء ايجابية فيما يتعلق بعودة العلاقات بين البلدين ومن خلال هذه الخديعة يتوهم الامريكيون بأنهم يستطيعون اعادة فرض قواعد اللعبة لصالحهم وسلب الايرانيين هويتهم وحريتهم واستقلالهم والتأثير على المواقف المستقلة لايران.    

 

ان الامريكيين الذين يحرصون على وجود خط للاتصال مع الايرانيين يعمدون من جانب آخر الى مضاعفة ضغوطهم على حلفاء ايران في اليمن وسوريا ولبنان كما انهم يقولون بأن عقوباتهم على الحرس الثوري ستظل سارية المفعول وبالاضافة الى ذلك نرى ان الامريكيين يريدون تقسيم العراق الى مناطق كردية وسنية وشيعية وفي فلسطين ايضا نشاهد ازدياد الضغوط على فصائل المقاومة والشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع وربط مسألة اعادة اعمار غزة بالتنازل عن المقاومة والاعتراف بشرعية الكيان الإسرائيلي.

 

ان ما يسمى بالسعي الامريكي لتطبيع العلاقات مع ايران يجري بالتزامن مع السعي للقضاء على حلفاء ايران الاستراتيجيين في المنطقة وضرب العمق الاستراتيجي لايران في المنطقة ومن السذاجة ان يعتقد البعض بان الايرانيين لايدركون هذه اللعبة المفضوحة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق