التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

أمريكا تنعى “سوريا الجديدة” 

“سوريا الجديدة” عنوان المشروع الأمريكي التركي الذي أعلنت عنه وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” لتدريب المعارضة السورية المعتدلة. وقد مرّ ما يقارب العامين على إعلان الإدارة الأمريكية عزمها تدريب مقاتلي المعارضة السورية وذلك ضمن برنامج تم الاتفاق عليه مع كل من تركيا والأردن والسعودية لإقامة معسكرات لتدريب المقاتلين على أراضي الدول الثلاث وتقديم الدعم وكامل التسهيلات والإمكانات لنجاح هذا المشروع، حيث تم الإعلان رسمياً عن البدء بنشاطات التدريب في النصف الأول من هذا العام وجاء هذا الإعلان رسمياً على لسان وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو الذي أكد البدء بتدريب مجموعات صغيرة من مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة حسب قوله وذلك ضمن المشروع الذي أعلنت عنه وزارة الدفاع الأمريكية في وقت سابق.

 

ويتضمن المشروع استقبال مقاتلين سوريين في معسكرات تقع خارج الأراضي السورية لتدريبهم وتهيئتهم وإعادتهم مجدداً الى الأراضي السورية لتنفيذ المهام الموكلة إليهم حيث تطوع ما يقارب السبعة آلاف مقاتل في هذا المشروع إذ ينتظرون أن يتم الموافقة عليهم والتأكد من أنهم لاينتمون لمنظمات ارهابية أو مجموعات اسلامية متشددة (حسب رأئهم)، فهذا المشروع يهدف الى تدريب خمسة آلاف مقاتل سنوياً في خطة تمتد لثلاث سنوات.

 

وارسلت امريكا ما يقارب ٤٠٠ مدرب عسكري من قوات النخبة في البحرية الأمريكية “المارينز” الى تركيا وفتحت تركيا المعسكرات وانتهت التحضيرات، فضُخت الملايين من الدولارات لخدمة هدفٍ اعتقدت أمريكا أنه سينتشلها من وحل الأزمة السورية والمهم في الأمر أنها وضعت ثقلها كله لإنجاح هذا المشروع مهما كلف من ثمن، وانطلقت أخيراً صفارات البداية وبدأت التدريبات وبدأ معها الحلم الأمريكي التركي المتجدد.

 

ستون مقاتلٍ سوريّ معارض كانوا نتيجة المخاض الأمريكي التركي بعدما حشدوا كل الطاقات وانفقوا أكثر من ٤٢ مليون دولار امريكي على تدريبهم خلال شهرين وقالوا للعالم بأنهم آتون الى سوريا بجيش يخلص العالم من داعش والرئيس السوري بشار الأسد بنفس الوقت، لقّبوهم بالفرقة ٣٠ وحددوا لهم المهام وأرسلوهم إلى سوريا عبر الحدود التركية السورية وبعد اسبوعين على إطلاقهم داخل الأراضي السورية كان لقائهم مع جبهة النصرة التي خطفت ١٣ مقاتلا منهم وقتلت عدداً آخر، فخرجت أصوات من داخل الإدارة الأمريكية تنعى مشروع وزارة الدفاع وتصفه بالفاشل کما اعتبر المتحدث باسم إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن برنامج وزارة الدفاع “البنتاغون” لتدريب مقاتلي ما تصفها واشنطن بـ “المعارضة المعتدلة” في سوريا “فشل فشلا ذريعا ” ، هذا ما أكدته صحيفة  cbs الأمريكية التي نقلت كلام المتحدث باسم إدارة الرئيس الأمريكي حيث أفادت أيضا بأنه تم اختطاف والقضاء على نصف المقاتلين حتى قبل أن يحتكوا بتنظيم داعش الإرهابي وأوردت بأن هذه الخسائر لحقت بهم نتيجة المعارك مع مقاتلي جبهة النصرة.

 

فشل المشروع الأمريكي في إيجاد قوة معتدلة وقادرة على الصمود في وجه داعش أو الفصائل المسلحة الأخرى يعود لعاملين أساسيين:

اولاً: إن العقيدة التي يقاتل بها مقاتلو تنظيم داعش الإرهابي هي عقيدة تعتمد على التشدد والتطرف إذ لايستطيع من يقاتل من أجل المال ولخدمة المشروع الأمريكي أن يجابه من يتهافتون على ارتداء الأحزمة الناسفة والقيام بعمليات انتحارية هذا من جهة ومن جهة أخرى عندما زرعت أمريكا في نفوس المقاتلين حب المال وسلبت منهم الحس الوطني والقومي جعلتهم أيضاً مجردين من الخصائص التي يتمتع بها الجيش السوري وقوى المقاومة مما جعلهم غير قادرين على مواجهة الجيش السوري وحلفائه أيضاً.

ثانياً: الكم الهائل من المقاتلين المنتسبين الى صفوف داعش والجماعات الإرهابية الأخرى حيث أنها تضم آلاف المقاتلين في صفوفها إذاما قارنا أعدادها بالأعداد الضئيلة التي تعمل أمريكا على تدريبها مما يجعل إمكانية تحقيقها انتصارات على مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي شبه معدومة.

 

بعد هذا الفشل لماذا تصر أمريكا على الاستمرار بمشروع تدريب معارضين سوريين إذاً ؟

تعرف أمريكا جيداً بأنها إذا تخلت عن مشروع تدريب معارضين سوريين فلن يبقى لديها ما تقوله للرأي العام الأمريكي والعالمي عن محاربتها لداعش والجماعات المسلحة الأخرى وستكون بذلك قد اعترفت بأن القوة الوحيدة التي تقاتل الإرهاب في سوريا تتمثل بالجيش السوري وحزب الله اللبناني على الرغم من أنها تدرك تماماً بأنهما الخيار الأمثل للوقوف في وجه تمدد داعش والإرهابيين في المنطقة وأن الحل في سوريا يأتي عن طريق الحوار والجلوس على طاولة الحوار بحضور جميع الأطراف والدول المعنية بالأزمة السورية إلا أنها ليست مضطرة الى تقديم هكذا تنازل واعتراف صريح للحلف الذي تقوده ايران بانتصاره في سوريا ولن تتخلى عن سياساتها الخاطئة التي تعتمد على الازدواجية في المعايير ونشر العنف ورفض الحوار إلا عندما تدفع الثمن كما دفعته سابقاً في افغانستان والعراق.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق