التحديث الاخير بتاريخ|السبت, يونيو 29, 2024

خلفيات عودة العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية وسوريا 

بعد ان كانت العديد من الدول العربية وقفت ضد النظام السوري في الأزمة الدائرة في سوريا وسحبت سفرائها من دمشق ودعمت ما يسمى بالمعارضة والحركات الارهابية عاودت بعض هذه الدول اتصالاتها مجددا في الآونة الاخيرة مع الحكومة السورية وتم الاعلان عن نية وقرار بعض الدول العربية لفتح سفاراتها في دمشق، فما كانت اهداف هذه القطيعة مع دمشق وما هي اسباب هذه العودة مجددا نحو سوريا في وقت لم تنته الأزمة في هذا البلد والاوضاع مستمرة كما هي؟  

  

كانت سوريا من دول محور الممانعة والمقاومة في المنطقة وان اسقاط نظامها كان من ضمن اهداف المحور العربي الغربي بهدف كسر المعادلة الاقليمية القائمة في المنطقة خدمة للاهداف الامريكية وقد تم ارسال الجماعات الارهابية التكفيرية الى داخل سوريا لتحقيق هذا الهدف وتم قطع العلاقات مع دمشق وفصلها من الجامعة العربية وكان هؤلاء يظنون ان اسقاط النظام في سوريا لن يستغرق وقتا طويلا وسيكون الامر على غرار ليبيا وقد لعبت السعودية وقطر وباقي دول مجلس التعاون باستثناء عمان دورا محوريا في هذا العداء كما اتخذت مصر ابان حكم الاخوان موقفا مماثلا من سوريا لكن الرياح لم تجر كما اشتهته سفن هؤلاء وصمد النظام والحكومة في سوريا ونرى الآن بان تونس قد كانت مقدامة في اعادة العلاقات مع سوريا وهناك بوادر ظهرت من قبل الكويت والامارات ايضا. 

 

ويمكن ان تلعب الخلافات العربية وحالة التنافس الموجودة بين الدول العربية دورا في هذا الاتجاه كما ان السياسات الخاطئة والخاسرة للسعودية قد دفعت بعض الدول العربية الى مراجعة حساباتها، ويضاف الى هذا النجاح الدبلوماسي الذي تحققه روسيا في المنطقة وتراجع امريكا وسياساتها في المنطقة. 

     

وكانت الدول العربية الرجعية وتركيا قد دعت في السابق حتى الى التدخل العسكري المباشر في سوريا لكن عجز الجماعات التكفيرية الارهابية عن تحقيق اهدافها في سوريا ومقاومة الشعب السوري والحكومة السورية قد قلبت الموازين كما ان الجرائم التي ارتكبها الارهابيون وتوسيع دائرة هذه الجرائم قد دفع الدول العربية نحو الاستشعار بالخطر ولذلك نرى ان بعض العرب اختاروا الان تغيير سياساتهم تجاه سوريا وباتوا يتحدثون عن اعادة العلاقات معها. 

  

وكانت السعودية في السابق تتخذ مواقف عدائية من الاخوان المسلمين على غرار الكويت والامارات لكن مجيء الملك السعودي الجديد الى الحكم وسياسته في الاقتراب من الاخوان لم ترق للكويت والامارات وكذلك مصر وهناك حديث يدور الان حول انتهاء زمن المحور الاماراتي السعودي المصري ويمكن ان نعتبر بأن هذا الأمر سيؤثر على موضوع عودة العلاقات بين بعض الدول العربية وسوريا. 

 

ويعتقد المحللون ان من اهم اسباب تغيير مواقف بعض الدول العربية وذهابها نحو استئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا هو الدبلوماسية الروسية الناجحة في المنطقة وتراجع الدبلوماسية والدور الامريكي في المنطقة، فالدبلوماسية الروسية النشطة في هذا المجال قد بدأت مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى مصر كما قام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعقد لقاء مع نظيره الامريكي جون كيري والسعودي عادل الجبير في الدوحة كما قابل لافروف مرة اخرى كيري في اندونيسيا وناقش معه الملف السوري ومن ثم قامت طائرة روسية بنقل رئيس مكتب الامن القومي السوري علي مملوك الى الرياض حيث اجتمع مملوك مع وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان الذي كان قد زار موسكو قبل هذا اللقاء بأيام. 

    

وهناك ايضا خطة روسية لتشكيل ائتلاف اقليمي ضد الارهاب يضم السعودية وتركيا والاردن وسوريا وهذا يدل على وجود ارادة روسية جدية لحل الازمة السورية عن طريق الحل الدبلوماسي وفي هذا السياق يمكن تفسير قيام بعض الدول العربية مثل الكويت والامارات في الاقتراب من سوريا.  

   

وعلى الرغم مما ذكرناه آنفا ينبغي القول بأنه لايمكن النظر بعين الايجابية الى عودة العلاقات الدبلوماسية بين العرب وسوريا لأن بعض الدول العربية تتخذ سياسات تكتيكية ومرحلية فالاقتراب السعودي من الاخوان المسلمين هو خطوة تكتيكية وليست استراتيجية وان انتهاء الأزمة اليمنية سيقضي على فلسفة وجود محور سني كان الرياض تريد تشكيله في المنطقة وهذا الامر سيؤدي الى اقتراب الامارت والكويت من السعودية مرة أخرى وستفقد عودة العلاقات مع سوريا بريقها. 

 

ان السعودية كانت تحتاج الى الدور الروسي في الامم المتحدة من اجل استمرار العدوان على اليمن واذا زادت امريكا من مناوراتها السياسية في المنطقة واعادت الثقل لدورها بالمنطقة فمن المحتمل ان نشهد مرة اخرى ابتعاد الرياض عن موسكو وهذا سيؤدي الى عودة الدول العربية الى سياساتهم المعادية لسوريا.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق