التحديث الاخير بتاريخ|السبت, يونيو 29, 2024

رؤية ايران للعلاقات مع دول مجلس التعاون والتفاوض مع ال ٥+١… اختلافات جوهرية 

منذ ان انتصرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على نظام الشاه البائد وضعت في سلم أولوياتها شعار الوحدة والتكاتف والتعاون مع الجميع لا سيما دول الجوار. وبعد أن انتصرت الدبلوماسية الإيرانية في مفاوضاتها مع مجموعة الدول ٥+١، وبخلاف سياسة الكثير من الدول التي تستثمر انتصارها في منهجية استعلائية، نرى ايران ومنذ الأيام الأولى للإعلان عن التوافق الذي شرَّع للشعب الإيراني حقه في الإستفادة من الطاقة النووية المستفاد منها في كافة المجالات العلمية، وجدنا الخارجية الإيرانية ومن خلال وزيرها محمد جواد ظريف قد بدأت بجملة زيارات شملت الكويت وقطر ولبنان وسوريا والعراق وغيرها الكثير. 

 

سياسة ايران الإنفتاحية يقابلها تشويش اعلامي

إذن أولويات السياسة الخارجية الإيرانية قامت على السعي لإنشاء علاقات إستراتيجية وتعاون متين مع دول المنطقة قبل الإنتصار الذي حققته في سياستها الدبلوماسية كما بعده، في المقابل فإن الأطراف الدولية والإقليمية التي قامت على نشر روح الشقاق والتباعد بين دول وشعوب المنطقة هي قبل الإتفاق كما بعده تعمل على إفشال أي جهود للتقارب في المنطقة، كما أن القلق الأكبر لهذه الدول هو أن تبرز ايران في منطقتنا وهي صاحبة مبدأ الحريات والإنتخابات وإشراك الشعب في تقرير المصير. ولهذه الأسباب وفي أجواء الحديث عن مساعٍ ايرانية لفتح علاقات أوسع مع جيرانها، لجأت بعض الحكومات ومن خلال وسائل اعلامها إلى تسليط الضوء على موضوع توسيع دائرة العلاقات والتباحث والتعاون بين ايران ودول مجلس التعاون على انها مشابهة للمفاوضات التي جرت بين ايران ومجموعة الدول ٥+١ في الآونة الأخيرة. 

 

أهداف حملة التشويش الإعلامي

مما لا شك فيه أن الفوارق بينهما جوهرية وأساسية، والحديث الإعلامي عن التشابه بينهما ما هو إلا حملة مغرضة يراد منها النيل من إنتصار ايران الأخير من جهة، وإضعاف موقف ايران المحاور والمنفتح من موقع المنتصر من جهة أخرى، فمن خلال الحديث عن تشابه بين تفاوض ايران مع مجموعة الدول ٥+١ والسياسة الإنفتاحية لديها مع الدول المجاورة يراد القول إن التحاور مع الأخيرة هو لمعالجة قضايا معينة عالقة بينهما وبالتالي ضرورة حلحلتها تقتضي الجلوس على طاولة واحدة هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تبدلاً طرأ على السياسة الإيرانية دفعها لسلوك مسلك آخر بدأ بالتفاوض دوليا مع مجموعة الدول ٥+١ ولأنه نجح فسيتبعه تفاوض اقليمي مع دول مجلس التعاون. وعلى الرغم من حاجة بعض هذه الدول إلى هكذا تلاقي إلا أنها ضخت الجو الإعلامي الأخير بهدف حرف الأنظار عن موقف ايران الحواري الإنفتاحي وللتغطية على مواقفها السابقة الرافضة للحوار مع ايران. 

 

فروقات جوهرية

١- الفارق الأول والجوهري بينهما يستخلص من العنوان الذي تطرحه ايران، فإيران في مسألتها مع مجموعة الدول ٥+١ طرحت عنوان التفاوض، فقد كان هناك ملف عالق بين الطرفين تمثل بحق ايران الإستفادة من الطاقة النووية التي تكتنز فوائد علمية وتكنولوجية كبيرة من جهة ورفع الحصار الذي فرضته هذه الدول على ايران من جهة ثانية فيما حاجة الدول الست التي فاوضت ايران كانت بتسليمها أن ايران دولة أثبتت أنها مفتاح الحل وجدير الإستفادة منها في مشروع جاد لحلحلة القضايا، وإعمال برنامج سلمي يمكن فيه القضاء على أوجه الخطر في المنطقة بل والعالم. فيما العنوان المطروح بين ايران ودول مجلس التعاون هو تفعيل العلاقات وتمتين روح المودة والتلاقي بينهما، هذا التلاقي الذي هو حاجة ملحة وضرورة اساسية.

٢- لا يُرى من المنظور والرؤية الإيرانية أن هناك من اختلاف بينها وبين دول المنطقة المجاورة، فهي ترى في دول المنطقة اصدقاء تجمع فيما بينهم كل المشتركات الضرورية وحتى غير الضرورية لبناء علاقات وثيقة وحوارات بناءة، هذه العلاقات التي من شأنها أن تبني أمة مسلمة قوية يمكنها مواجهة كل التحديات والمخاطر، وإفشال كل المخططات التي تعترض سبيل تطورها وازدهارها. فيما التفاوض بين ايران ومجموعة ال ٥+١ اتخذ ملفا واحدا ليس إلا، اما الإختلافات في الرؤى بينهما فكبيرة جدا إلى الحد الذي تعتبر فيه امريكا أن سياستها العدائية لشعوب المنطقة والمتمثلة بدعمها للكيان الإسرائيلي بعد الإتفاق كما قبله، وترى ايران أن سياستها الداعمة لمحور المقاومة هو من ضمن الأولويات الثابتة التي لا تتزلزل. 

٣- ترى ايران أن العلاقات بينها وبين دول الجوار كفيلة أيضا بالقضاء على الأعداء المشتركين، فدول العالم العربي والإسلامي كما جمهورية ايران الإسلامية يتفقون على أن عدو المنطقة متمثل بالكيان الإسرائيلي الذي احتل أرض فلسطين، وشبيهته الجماعات التكفيرية التي تعمل خدمة لنفس المشروع الذي من اجله وجد الكيان الإسرائيلي، هذان العدوان اللذان ترى فيهما الدول العربية وإيران خطرا على المنطقة خاصة بعد التحديات الأخيرة التي واجهت الدول العربية من اعمال إرهابية تبنتها الجماعات التكفيرية. إذن علاقات التعاون والتنسيق بين ايران ودول مجلس التعاون على مسافة بعيدة جدا وفروقات جوهرية منها عن تلك المفاوضات التي جرت بينها ومجموعة ال ٥+١.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق