سحب الناتو منظومة باتريوت واحلام تركيا التوسعية في مهب الريح… انتصر خيار سوريا السياسي
في العام ٢٠١٣ نشر حلف شمال الأطلسي “الناتو” صواريخ باتريوت على الأراضي التركية عند حدودها مع سوريا، جاءت هذه الخطوة بعد طلب تقدمت به تركيا من حلف الناتو لنشر هذه الصواريخ وذلك في العام ٢٠١٢. وقد شارك في نشر هذه المنظومة كل من أمريكا والمانيا وهولاندا، تركيا اعتبرت أن نشر هذه المنظومة يأتي بسبب الخطر المتمثل باحتمال اطلاق صواريخ من الأراضي السورية اتجاه اراضيها، وقتها وجه الجانب السوري اللوم للحكومة التركية معتبرة أن هذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة السياسة التركية المنتهجة مؤخرا اتجاه سوريا والمرتكزة على عسكرة الوضع وزيادة التوتر على الحدود بينهما.
حلف الناتو يوجه صفعة لتركيا
نشر منظومة الصواريخ وبحسب الإتفاق ينتهي في نهاية اكتوبر من هذا العام وهو يقتضي التجديد بناء على توافق الطرفين، إلا أن هولاندا والمانيا في وقت سابق كانتا قد اعلنتا نيتهما سحب هذه المنظومة من على الاراضي التركية نهاية اكتوبر لتأتي الصفعة القوية والأكبر من الجانب الأمريكي بقراره سحب المنظومة أيضا وبقرار من حلف الناتو هذه المرة. هذا القرار جاء في اعلان مشترك لحكومة البلدين نشرته الخارجية التركية وقد افاد البيان أن السبب وراء هذا القرار هو تقدير حلف الناتو من أن الخطر المفترض قد زال ولا ضرورة لإستمرار بقاء هذه المنظومة على الأراضي التركية، إلا أن البيان الذي نشر يتضمن في محتوياته بعض العبارات التي تكتنز في داخلها الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذه الخطوة.
البيان الذي نشر وبالإضافة الى ما احتواه من عدم التمديد لبقاء هذه المنظومة فإنه تضمن بعض العبارات التالية، “ستسحب هذه الصواريخ من الأراضي وسيتم إعادتها خلال شهر حال لزم الأمر” ” .ستعاد الصواریخ إلى الولايات المتحدة لإجراء عمليات تحديث حساسة تضمن أن تظل الدفاعات الصاروخية الأمريكية قادرة على مواجهة التهديدات العالمية وحماية الحلفاء والشركاء ومن بينهم تركيا” . “واشنطن لا تزال ملتزمة بدعم قدرات الدفاع الجوي التركية بما فيها قدراتها ضد الصواريخ البالستية والتهديدات والمخاطر” . “واشنطن ستواصل العمل عن كثب مع أنقرة بخصوص كيفية دعم القدرات الدفاعية الجوية التركية ضد المخاطر بما في ذلك تهديدات الصواريخ الباليستية” .
أسباب حقيقية
١- السبب الأول والرئيسي يمكن أن يستشف من التصريح الأمريكي الذي اعتبر أن التهديد السوري الذي كانت تدعيه تركيا لم يعد موجودا، هذا ما يعني أن تحولا قد طرأ على رؤية أمريكا للملف السوري وكيفية تعاملها معه، وهو مما لا شك فيه يعني أن الخيار الأمريكي الذي كانت تراه بإسقاط النظام السوري لم يعد مطروحا، وهي في حقيقة الأمر رسالة واضحة إلى سوريا وحلفائها من أن امريكا تقبل بوجود الأسد كرئيس شرعي جاءت به الإنتخابات الديمقراطية وبالتالي فهي مستعدة للتفاوض وايجاد مخرج للأزمة.
٢- سياسة تركيا ضد أكراد العراق وسوريا وحتى تركيا، فعمليات القصف التي تقوم بها الحكومة التركية ضد مقرات حزب العمال الكردستاني هو سبب معتد به ودافع أساسي وراء قرار سحب منظومة صواريخ الباتريوت، هذا وتوصف السياسة التركية التي تتبعها تركيا منذ بدء الأزمة حتى الآن اتجاه الجماعات التكفيرية بأنها مؤججة للتوتر وهو ما بدأ يقلق الجانب الأمريكي بسبب الخطر الذي بدأت تستشعره من جانب هذه الجماعات، كما أن تركيا ومنذ سنوات لم تتخذ أي اجراءات جدية في خصوص ضبط الحدود وتهريب السلاح والعتاد والعناصر لهذه الجماعات، وإن كانت امريكا الداعم الأكبر لهذه الجماعات التكفيرية إلا أنها تريد من تركيا العمل في دعم هذه الجماعات وفق السياسة الأمريكية، وضمن المخطط المرسوم من قبلها، لا كما تعمل تركيا وفق منافع ومصالح قد تتعارض والمصالح الأمريكية في بعض الأماكن والأحيان.
٣- قد يكون هذا القرار فرصة استغلته أمريكا لإعمال ضغوطات أكثر على تركيا بهدف تحصيل بعض المكاسب وهو ما أشير إليه بوضوح في نص البيان، فأمريكا صرحت أنها ستسحب هذه الصواريخ من الأراضي الترکیة وسيتم إعادتها خلال شهر حال لزم الأمر، هذا الأمر الذي قد يلزم لعله مقرون بطبيعة الإستجابة التركية لبعض الطلبات الأمريكية. وأمريكا أشارت إلى أنها ستجري على المنظومة عمليات تحديث حساسة تضمن أن تظل الدفاعات الصاروخية الأمريكية قادرة على مواجهة التهديدات العالمية وحماية الحلفاء والشركاء ومن بينهم تركيا، إذن هي في المبدأ لا تمانع من بقاء هذه المنظومة إذاما وجدت امريكا تغيرا في السياسة التركية.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق