التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

امريكا اللاتينية وثورات كيسنجر الجديدة 

 في وقت ينزل البرازيليون فيه الى الشوارع للاحتجاج على سوء ادارة الرئيسة ديلما روسيف ويطالبون بتنحيتها عن السلطة يتداعى الى الأذهان صور ومشاهد الاحتجاجات والأزمات التي اشعلها وزير الخارجية الامريكي في السبعينيات من القرن الماضي في امريكا اللاتينية. 

 

وتقول التقارير الاعلامية الغربية ان ٧١ بالمئة من الشعب البرازيلي يعتقدون بأن اداء روسيف كان سيئا خلال فترتها الرئاسية الثانية بسبب حدوث ازمات مالية واكتشاف حالات فساد بين مسؤولين حكوميين كبار وتواطؤ هؤلاء المسؤولين في عدة ملفات فساد مع شركة بتروبراس النفطية. 

  

وفي وقت تنظم الاحتجاجات في البرازيل وبعض الدول الاخرى في امريكا اللاتينية حذر وزير الداخلية البوليفي السابق هوغو مولديز ان اليمينيين في واشنطن يحاولون ايجاد ثورات وانقلابات ناعمة في امريكا اللاتينية، واضاف مولديز ان استراتيجية الامبريالية هي زعزعة الامن والاستقرار في الدول التقدمية في هذه المنطقة ليس عبر العنف بل عبر احتجاجات ضد الفساد وتلوث البيئة وما شابه ذلك من اجل زعزعة الامن الداخلي.  

 

واشار مولديز الى محاولات ضرب الاستقرار في البرازيل والاكوادور والسلفادور وفنزويلا وقال ان هدف هذه المحاولات هو السعي لاظهار الحكومات اليسارية في هذه الدول كحكومات فاشلة. 

 

وكانت اكثر حكومات دول امريكا اللاتينية قد اتخذت سياسات معادية للامبريالية الغربية خلال الفترة الماضية واقتربت من روسيا والصين وايران وبعض الدول الثورية الاخرى في العالم وابتعدت عن واشنطن والكيان الاسرائيلي الى ان وصل الامر بأن يعلن الكونغرس الامريكي بأن فقدان واشنطن لمكانتها في امريكا اللاتينية يعتبر من أهم التحديات كما قال مسؤولون اسرائيليون ايضا ان امريكا اللاتينية تشكل تحديا يجب التصدي له.  

  

وقد بدأت امريكا اتخاذ خطوات جدية في هذا المجال منذ عام ٢٠٠٩ مثل الانقلاب في هندوراس والتدخل في الانتخابات المكسيكية للحؤول دون وصول المؤيدين لوحدة أمريكا اللاتينية الى السلطة، وفي عام ٢٠١٢ ايضا حدث انقلاب امريكي في باراغواي وبدأت التدخلات الامريكية منذ ذلك الوقت بالتصاعد في امريكا اللاتينية وقد قامت الاكوادور بطرد الامريكيين بسبب تدخلاتهم العسكرية والامنية ومن جهتهم قام الامريكيون ايضا بصنع حركات معارضة في فنزويلا خاصة بعد وفاة هوغو تشافز كما اشعلوا الخلافات الحدودية بين بوليفيا وشيلي ويضاف الى هذا كله التحركات التي قامت بها بريطانيا في جزر مالفيناس الارجنتينية المحتلة وتأثير ذلك على الانتخابات القادمة في الارجنتين حيث تسعى التيارات اليمينية المتطرفة التي تحظى بالدعم الامريكي الى زعزعة الاستقرار الاجتماعي وترجيح كفة المرشحين المؤيدين للغرب في الانتخابات. 

 

ان ما يجري حاليا في امريكا اللاتينية تشبه ما جرى في تلك المنطقة في السبعينيات من القرن الماضي حيث نفذ هنري كيسنجر استراتيجية خلق الأزمات الاجتماعية والاستفادة من طبقة العمال لاستعادة مكانة واشنطن في تلك المنطقة لكن انقلابات كيسنجر لاتقتصر فقط على امريكا اللاتينية بل اننا نشاهد الآن تنفيذ خطط كيسنجر في منطقة غرب آسيا للقضاء على معارضي واشنطن بالاستفادة من تنظيم داعش الارهابي وادوات أخرى كان كيسنجر قد استخدمها ايضا في السابق والآن يريد استخدامها من جديد. 

   

وتحاول واشنطن اخفاء خططها التي تريد تنفيذها في امريكا اللاتينية خلف سياسات تتخذها في الظاهر مثل تحسين العلاقات مع كوبا ففي حين تدعي واشنطن بأنها تريد اعادة العلاقات مع كوبا الثورية نرى بأنها تخلق الازمات في كل مناطق امريكا اللاتينية وان الهدف الامريكي من وراء هذه الخطوة هو الايحاء لشعوب تلك المنطقة بأن واشنطن لم تعد تقف ضد شعوب امريكا اللاتينية وان دول امريكا اللاتينية تستطيع الحصول على مكاسب اكبر اذا قامت بتحسين علاقاتها مع واشنطن. 

 

ويعتقد المراقبون ان واشنطن ستنقلب على كوبا ايضا وستستغل قضاياها الاجتماعية للانقضاض على هذا البلد من الداخل فواشنطن قد وضعت على أجندتها تصفية كل من يعارضها وان سياستها تجاه كوبا ترمي الان الى التحضير لمرحلة ما بعد فيدل كاسترو.  

 

ان امريكا تحاول ايجاد ثورات مخملية كما جرى في عامي ٢٠٠٥ و٢٠٠٦ في اوكرانيا وجورجيا عبر خلق ازمات سياسية واجتماعية وتنظيم انتخابات لاحداث تغيير في هيكلية أنظمة دول امريكا اللاتينية واعادة السيطرة الامريكية على هذه الدول في وقت نرى ان واشنطن تتكلم في العلن عن الديمقراطية وحقوق الانسان من أجل التستر على أجندتها الخطيرة.

المصدر : الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق