ماذا تريد المرأة السعودية، وماذا تطبق الحكومة؟
قصة منع النساء من قيادة السيارات في السعودية لعلها القصة الشهيرة التي يعرفها العالم باجمعه، لان هذه الدولة هي الوحيدة التي تمنع النساء من قيادة السيارات بناء علی فتاوى تصدرها المؤسسة الدينية الوهابية في البلاد، وذلك رغم أن نظام المرور السعودي لا ينص على منع النساء من القيادة. حيث تضطر الكثير من النساء السعوديات الی الحياة خارج السعودية حتی يتمكنّ من قيادة السيارة والتخلص من القيود التي يفرضها النظام السعودي علی المرأة. ويری الكثير من المختصين بشؤون المرأة في العالم العربي أن النساء في السعودية يعانين من الاضطهاد في الكثير من المجالات، مقارنة بما تحظی به المرأة في العالم الإسلامي خاصة في إيران.
حيث يفتي جميع علماء المؤسسة الدينية في السعودية بحرمة قيادة السيارة من قبل المرأة وعلی رأسهم الشيخ «عبد العزيز بن باز» و«صالح الفوزان» و«عبدالعزيز آل الشيخ» و«محمد بن عثيمين»، الذين يعتبرون السماح للمرأة بقيادة السيارة ياتي بالمفاسد الیها. لكن في المقابل فان المرأة في إيران ليس فقط تتمتع بحق قيادة السيارة فحسب، بل انها تحظی بنصيب الاسد في دخول الجامعات، حيث فاقت نسبة النساء في الجامعات خلال الاعوام الماضية، نسبة الـ ٦٠ في المئة مقارنة بنسبة الرجل الذي لا تتجاوز نسبته في الجامعات، الـ ٤٠ في المئة. اضافة الی ذلك فان المرأة في إيران حاضرة في العديد من المجالات القيادية السياسية العلیا، منها نائب رئيس الجمهورية لشؤون العلوم والتكنولوجيا ووزيرة الصحة ونائب رئيس الجمهورية في الشؤون القانونية ونائب شؤون المرأة والأسرة، ورئيس منظمة الحفاظ على البيئة، فضلا عن نشاطها في جميع الإدارات الحكومية وحضورها في البرلمان. حيث أن الدستور الإيراني يساوي بين حقوق المرأة والرجل في العديد من المجالات، ما عدا المجالات التي تمنع النصوص الدينية والآيات القرآنية عن ذلك بشكل صريح كنظام الإرث وتقسيم الارث بين الرجال والنساء.
ويعتقد الكثيرون أن السعودية تخشی من فتح الباب أمام النساء، للقیام بدور نشيط في قضايا المجتمع، علی عكس ما تقوم به إيران، فان طهران سمحت للمرأة بالمشاركة المدنية والسياسية في شتی المجالات خاصة بعد انتصار الثورة الإسلامية عام ١٩٧٩. لكن المرأة السعودية أصبحت تعاني من فتاوى ما تسمی بهيئة «كبار العلماء» رغم اختلاف آراء العديد من الدعاة والمشايخ مع هذه الفتاوى. وعلی سبيل المثال فان الداعية السعودي «عائض القرني» أعلن قبل فترة أن المرأة تستطيع أن تكشف عن وجهها حيث قال: « كشف الوجه جائز وواسع وهي فتوى عند الشافعية والأحناف والمالكية». وفي هذا السياق تعرض الداعية السعودي «أحمد الغامدي» بعد ظهور زوجته دون نقاب في مقابلة تلفزيونية، الی انتقادات لاذعة من قبل علماء الوهابية، حيث قال «عبدالعزيز آل الشيخ» مفتي السعودية مخاطبا الغامدي بعد ظهور زوجته دون نقاب: «رسالتي للشيخ الغامدي أن يتقي الله ويخافه، وأطالبه بأن يتوب إلى الله، وأن يتراجع عن خطئه قبل أن يلقى الله على حالته السيئة».
وفي مقال للكاتبة والصحافية السعودية «منال الیوسف»، نشرته علی موقع «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان»، بعنوان « ماذا يريدون من المرأة السعودية ؟!!»، تنتقد الكاتبة بحدة نظرة علماء المذهب الوهابي تجاه النساء في السعودية، معتبرة أنها نظرة تختلف عن نظرة جميع علماء المسلمين من سائر المذاهب الإسلامية. حيث تقول في بداية هذا المقال: « تعيش المرأة السعودية هذه الأيام، أزمة حقيقية بين ما تريد أن تحققه لذاتها ومجتمعها وأمتها من طموح ومشاركة فاعلة ومؤثرة في رفع معدل إنتاجيتها، وبين ما تريده الفئات الدينية المتشددة في دولتها وخارج نطاق دولتها»، وتضيف «السؤال المطروح الآن هو لماذا كل هذا العنف من العلماء السعوديين(…)» تجاه المرأة السعودية.
وفي هذا السياق تنشر دائما جريدة الرياض الحكومية السعودية العديد من المقالات حول معاناة النساء في السعودية، حیث نشرت العدید من هذه المقالات خاصة زمن الملك السابق (الملك عبدالله) الذي حاول منح المرأة شيئاً من الحرية بعد الانتقادات التي وجهت للسعودية فيما يخص التعامل مع النساء. حيث أن هذه الجريدة تكتب الكثير من معاناة المرأة ومن ضمنها العنف الاسري ضد المرأة ونسبة البطالة العالیة بين النساء في المجتمع السعودي ومشاكل المرأة السعودية التي تحدث بعد الطلاق.
وفي النهاية يجب القول إن المرأة السعودية أصبحت الیوم تحاول الوصول الی حقوقها التي منحتها إياها الشريعة الإسلامية، بعد أن فسرها المذهب الوهابي وفقا لتفسيراته الخاصة، التي تتعارض في الكثير من الاحيان مع سائر المذاهب الإسلامية الاخری سواء كان المذهب السني او الشيعي.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق