جنوب اليمن: تجري الرياح بما لا تشتهي سفن أصحاب الدبابات
اليمن “السعيد” صفة لطالما كانت ملازمة لاسم هذا البلد الفقير الذي يعاني من مشاكل اقتصادية وأمنية كبيرة جداً تمنعه من التقدم والنهوض، هذه الصفة لم تأت من الفراغ فالموقع الجغرافي الذي يتمتع به اليمن يعتبر من أهم المواقع الاستراتيجية في المنطقة لجهة إشرافه على البحر الأحمر والبحر العربي في آن واحد وإطلاله على مضيق باب المندب الذي له أهمية بالغة الحساسية في المعاملات التجارية والعسكرية، بالإضافة الى الأخبار التي تؤكد وجود احتياطي كبير جدا من النفط الذي يمتد من الجوف فيشمال اليمن الى صحراء الربع الخالي.
يعاني اليمن منذ سنوات من التدخل السعودي الواضح في كافة تفاصيل البلاد إذ يمنعه هذا التدخل من التقدم وتحقيق الأمن والرفاهية لشعبه ويُبقي عليه تحت السيطرة والهيمنة السعودية بالإضافة الى شراء شيوخ العشائر في اليمن ونشر الفكر الوهابي السلفي فيه أيضاً، وخلال الأشهر القليلة الماضية كادت السعودية أن تخسر دورها بالكامل في اليمن على خلفية الإحتجاجات الشعبية المناهضة للرئيس اليمني عبد ربه منصور الذي يعد من حلفاء السعودية وتحركت حرکة أنصار الله والجيش اليمني لتلبية المطالب الشعبية حيث فرضوا سيطرتهم على العاصمة صنعاء وتم توقيع اتفاقية سلام مع الرئيس عبد ربه منصور هادي والتأكيد على ضمان حقوق الشعب اليمني إلا أن الأخير هرب الى السعودية وأعلن من الرياض بأن ما جرى في اليمن هو انقلاب على الدستور ما جعل السعودية تقوم بتشكيل تحالف يضم بعض الدول العربية كمصر والإمارات والبحرين وقطر الى جانب دول كبرى وبتأييد من أغلبية الدول العربية لشن عدوان على شعب اليمن الأعزل وتدمير بنيته التحتية ومقدراته فيما يسمى بعاصفة الحزم.
انتشرت قوات أنصار الله والجيش اليمني في صنعاء وبدأت بالتقدم نحو مناطق جنوب اليمن لتطهيرها من عناصر القاعدة المدعومين من السعودية، وحقق الجيش اليمني وأنصار الله انتصارات عديدة على مقاتلي القاعدة وأنصار الرئيس الفار عبد ربه منصور إلا أن الغزو السعودي لليمن وتكثيف الحملات الجوية التي استهدفت المدنيين والمنشآت الحيوية وعمليات الإنزال التي نفذتها قوات النخبة الإماراتية وقتالهم الى جانب أنصار الرئيس الفار عبد ربه منصور ومسلحي القاعدة بالإضافة الى قوات الحراك الجنوبي التي تلقت وعوداً كثيرة من الغزاة بتلبية مطالبها كافة في حال شاركت الى جانبهم بإبعاد انصار الله والجيش اليمني عن عدن وأدى ذلك كله الى انسحاب أنصار الله والجيش اليمني من عدن الى مناطق جنوبية أخرى.
إتفقت الإمارات والسعودية منذ الساعات الأولى للغزو على تقسيم مناطق النفوذ فيما بينهما حيث أصرت الإمارات بأن تكون لها عدن لما لها من أهمية بالغة تفوق أهمية مدينة دبي من الناحية الاقتصادية والتجارية كما أن السعودية سال لعابها إثر الحديث عن النفط الموجود في شمال اليمن فأرادت لها حصة في ذلك، مما يدل على أن القوات الغازية لم تغز اليمن من أجل مساعدة أهل اليمن وتحسين وضعهم المعيشي ورفاهيتهم بل إنهم يسيرون وراء مصالحهم وأطماعهم وأهوائهم لا لأجل سواد أعين اليمنيين.
وأحست قوات الحراك الجنوبي بأنها خدعت وتم استغلالها لتنفيذ أهداف الإمارات في إخراج أنصار الله والجيش اليمني من عدن فانتفضوا ضد قوات الغزو الإماراتي وسيطروا على مراكز مهمة في عدن على وقع انسحاب انصار الرئيس عبد ربه منصور المدعومة بقوات إماراتية من بعض المواقع في مدينة عدن نتيجة الصدمة.
خروج أنصار الله والجيش اليمني من عدن ترك فراغاً كبيراً أدى الى خلافات على تقاسم مناطق النفوذ فانعدام الهدف والرؤية المشتركة لدى الدول الغازية وسعيها خلف نفوذها أدى الى حصول تصادم فيما بين القوى الحليفة لكل من السعودية والإمارات بالإضافة الى الانقلاب الذي قام به الحراك الجنوبي عليها.
ومع استمرار هذا الوضع في جنوب اليمن وانعدام الأهداف التي من الممكن أن توحد القوى اليمنية في مدن الجنوب يبقى الباب مفتوحاً على صراعٍ من أجل تثبيت النفوذ بين كل من الحراك الجنوبي الذي يريد خروج القوات الغازية وأنصار الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعومة بمقاتلي القاعدة وقوات اللواء محسن الأحمر كما يبقى أفق الحل في جنوب اليمن معدوماً لإنعدام الإمكانية وفشل جهود السعودية والإمارات في توحيد هذه القوى تحت راية فصيل واحد وهدف واحد.
في ظل هذا الوضع المتأزم في مدن جنوب اليمن الى جانب اختلاف المصالح بين القوى الغازية وتعارض أهداف القوى المتواجدة على الأرض ستزيد الحياة صعوبة على أهل الجنوب ويزيد اختلافهم ويعمق الشرخ الموجود بينهم إلا اذا وضع أهل الجنوب يدهم بيد أهل الشمال والجيش اليمني وأنصار الله لإخراج الغزاة من بلدهم والقضاء على القاعدة والسلفيين والتخلص من الهيمنة السعودية والخليجية على بلدهم بشكل كامل عندها سيكون شبح تقسيم اليمن قد ولى الى غير رجعة.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق