التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, يوليو 1, 2024

موقف ايران من إصلاحات العبادي: دعم أم مكافحة؟ 

 بدأ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالمرحلة التنفيذية من الإصلاحات التي جاءت بناءً على توصية المرجعية الدينية، وحازت على موافقة البرلمان العراقي بالإجماع، وكذلك مباركة عراقية وإقليمية ودولية، بإعتبار أن العراق يعيش تدهوراً في شتّى المجالات. 

لم يستثن العبادي الجسم القضائي كونه “مصفاة الفساد”، بل عمد إلى إجراء سلسلة اصلاحات جذرية تتلائم مع خطته التي يبدو أنها ستشمل كافّة القطاعات في البلاد سواءً أمنية، سياسية أو إقتصادية، مما يجعل تحديات رئيس الوزراء العراقي في منتهى الصعوبة نظراً لوجود مافيات كبيرة في البلد، وطبقة سياسية قد تعرقل أي قرار يؤثر على مصالحها الحزبية والإقتصادية. 

التحدي الحقيقي الذي يواجه حيدر العبادي هو مدى الدعم الداخلي الذي قد يمكّنه من القيام بتغييرات جوهرية وعدم الاكتفاء باتخاذ قرارات شكلية كما يعتقد الكثيرون، فرغم مسارعة كافّة الأطراف السياسية إلى تأييد مطالب الإصلاح، إلا أن هذا الأمر لا يعني عدم وجود العديد من المُعَرقلين الداخليين، ولكن لا يمكنهم الجهر بذلك تارةً بسبب حيثيات الموضوع التي تجعلهم في قبال الشعب العراقي، وأخرى حتى لاتبدو أنها ضد توجيهات المرجعية الدينية وبالتالي تكون خارج السرب.

في الحديث عن المُعَرقلين، ظهرت على الساحة الإعلامية العديد من الإتهامات لعواصم مجاورة لبغداد أبرزها طهران، ما يدفعنا للتساؤل عن صحتها، فهل طهران تسعى لعرقلة هذه الإصلاحات بإعتبار أنها تملك علاقات قويّة مع العديد من الأحزاب السياسية الرئيسية في العراق؟ أم أنها إدعاءات مغرضة تهدف لتشوية سمعة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في وجه الشعب العراقي بأسره خاصةً أنها من طلائع الدول (إن لم تكن الدولة الوحيدة) التي دعمت العراق على كافّة الصعد في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي؟ فهل في صالح إيران أن يبقى العراق على حاله، أم أن الإصلاحات تصب في صالح طهران، كما بغداد؟

 

الرؤية الإيرانية

نجحت طهران من خلال مواقفها المبدئية وعلاقاتها المبنية على أساس الإحترام المتبادل إزاء جيرانها، في ترسيخ علاقات متينة جعلتها موضعاً للسهام من كافّة الأعداء أو المنافسين الإقليميين والدوليين. وعند مطالعة الموقف الإيراني من العراق يتضح أن رؤية طهران تجاه بغداد تقوم على الدعم الكامل للأخيرة من منطلق الجار القوي الذي يشكل سنداً قوياً لها، وأنه في حال تدمير العراق سيكون بوابةً أساسية لأي مشروع يستهدف إيران، بإعتبار أن العراق يطل على العديد من الدول التي لا تربطها علاقات جيّدة مع طهران، أو بالأحرى سيئة. كذلك تستفيد طهران من العراق القوي بإعتباره يشكل ممراً إستراتيجياً لمحور المقاومة نحو سوريا ومنها إلى لبنان، ولأن الجميع بات يدرك حالياً أن مشروع تنظيم داعش الإرهابي هو ظلامي غير قابل للحياة.

الغريب أن هذه الإدعاءات كانت مخالفة تماماً في الفترة القريبة الماضية، حيث كانت الوسائل الإعلامية نفسها التي إتهمت إيران بتهديد العبادي ومنعه من الإصلاحات، تطالعنا صباحاً ومساءً بأخبار دعم إيراني للعبادي من منطلق طائفي، وتقويته مقابل الأكراد والسنة، أو أن طهران تبذل قصارى جهدها للتدخل في الشؤون العراقية وتقوية حكومة العبادي الشيعي، كما يدعون، فماذا حصل اليوم لماذا تغيّر كلامهم؟ هل تغيّر موقف طهران، أم أنهم يميلون مع كل ريح لتصويب سهامهم تجاه جارة بغداد؟

يحاول هؤلاء الإستفادة من الأوضاع الصعبة التي يعاني منها العراق على كافّة الصعد، لتصويب سهامهم تجاه طهران التي لم تعد أقوى شريك لبغداد على المستوى الرسمي فحسب، بل على المستوى الشعبي أيضاً، خاصةً بعد أزمة الإرهاب الاخيرة التي أماطت اللثام للعراقيين كافّة عن الصديق الحقيقي، وكذلك العدو الرئيسي. بإختصار يريدون ضرب العلاقات الإستراتيجية بين البلدين عبر بوابة الإصلاحات.

لطالما أكدت الجمهورية الإسلامية رؤيتها الواضحة تجاه العراق، كما أنها أعلنت مؤخراً دعمها الكامل لخطوات العبادي ومشروع الإصلاحات، وكذلك حق العراقيين في الوصول إلى كافة مطالبهم التي تعود عليهم بالرخاء الإقتصادي والأمني. 

 

إذاً يبدو أن الإصلاحات تخدم طهران، تماماً كما تخدم بغداد، لأنها تريد عراقاً قوياً يمنع الأعداء من جعله بوابة لمهاجمة طهران كما كان أحد أبرز أهداف إحتلاله عام ٢٠٠٣، فضلاً عن المكاسب الإقتصادية الجمّة التي قد تحصل عليها ايران اذاما نجح العبادي في تحقيق رخاء إقتصادي وإستقرار أمني، ولكن التحدي الأكبر حالياً لإصلاحات رئيس الوزراء تكمن في الداخل العراقي وبين الكتل السياسية العراقية التي ستقرّر مصير الإصلاحات عبر إستقبالها لقرارات العبادي أو عرقلتها، فهل سينجح رئيس الوزراء بالعبور داخل حقل ألغام الفرقاء السياسيين في العراق؟ فلننتظر ونراقب.

المصدر : الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق