دور مراكز البحوث والفكر في السياسة الخارجية الأميركية
إن كيفية وعملیة تشکیل السياسة الخارجية والدفاعية للولايات المتحدة الأمريكية، تبين أنه خلال الفترة المصیریة وکذلك في ظروف تعرض فیها الأحداث والظواهر الاستراتيجية، تتشکل أو تنشط في داخل أمريكا تيارات ومراکز بحوث نشطة وفاعلة، کي تضبط توجهاتها وفقاً للمصالح التنظيمية والمؤسسية أو التعاطف مع الأطراف الثالثة (المجموعات العرقية، مثل اللوبي الصهيوني أو الشركات الكبيرة مثل لوبي صناعة الأسلحة) ومن خلال التأثیر على السياسة الخارجية والدفاعية الأمريكية، تقود سیاسات هذا البلد.
في أمريكا، هنالك مجموعة من الخبراء وأصحاب الرأي الذین هم أعضاء في مراکز البحوث والفکر في هذا البلد، یؤدون دورهم کأهم الجهات الفاعلة التي تحدد السياسة الخارجية لهذا البلد، والحكومات المختلفة التي تعاقبت علی السلطة في أمريكا، ليس فقط لم تشعر بأي خوف أو قلق، جراء هذا الدور وتحدید هذه السياسات، بل كانت دائماً تقدّر جهود هؤلاء الخبراء وتثني علیهم.
حالياً وفي الظروف الدولية الجديدة والانتقال إلى نظام الأمن الدولي الجديد، الذي تأثر بأحداث ١١ سبتمبر والنمو السريع للعولمة، تكثفت هذه الأنشطة، وفي هذه الاثناء تضاعفت أهمية بعض مؤسسات الفكر والرأي، ووجدت لنفسها دوراً فريداً من نوعه في صیاغة السياسة الخارجية والدفاعية الأميركية وتنفيذها.
ویری العديد من الخبراء والمحللين في مجال هيكلية صنع القرار في أمريكا، أن صنع القرار ونظام السلطة في أمريكا يستند إلی ثلاثة أرکان، وهي:
١. كبار الرأسماليين وجماعات الضغط القوية
٢. مؤسسات الفكر والرأي
٣. المؤسسات الرسمية المتخذة للقرار مثل الحكومة والكونغرس.
وتوجد في امريكا أكثر من ٢٧٠٠ مؤسسة بحثية، ویتمثل دورها في دراسة القضايا الهامة المتعلقة بالسياسات الداخلية والخارجية، إلی جانب تقدیم الاستنتاجات حول موضوع معين، واقتراح استراتيجيات وتوجيهات عملیاتیة.
وعادةً ما تکون هذه المؤسسات ومراکز البحوث مرتبطة بالمدراء التنفيذيين وهيئات صنع القرار، وأحياناً مَن هم أعضاء في مؤسسة فكرية ما، یحضرون في هيئة الإدارة أيضاً، ویشکلون عنصر تأثير على هيكلية صنع القرار في أمريكا.
اليوم، تلعب مراكز البحوث دوراً فعالاً في كل جانب من جوانب الصراعات السياسية، من توعية مواطني الولايات المتحدة حتى تسوية المنازعات السياسية وإعطاء المشورة لرجال الدولة، وكذلك في صياغة السياسة الخارجية لهذا البلد.
والنقطة الهامة جداً فيما يتعلق بالاتجاهات السياسية لمراکز البحوث في الولايات المتحدة، والتي ينبغي الالتفات إلیه، هي أن أغلب هذه المؤسسات الرئیسیة تحمل توجهات التیار المحافظ والمحافظین الجدد. واستناداً إلى بعض الباحثین الأمريكيين البارزين مثل “أندريا ريتش” فإن مؤسسات الفكر والرأي تحمل الاتجاهات المحافظة (اليمينية)، وتعمل في مجالات مثل: “السوق الحرة”، “تقييد الحكومة “، “الحرية الفردية”، “الدفاع القوي” وهلم جرا.
إن مؤسسات الفكر والرأي الأمريكية ومراكز البحوث فیها تعتقد أن عملیة التأثیر لها دورة لا بد منها، بمعنی أن صناع السياسة والقرار السياسي يتأثرون بالرأي العام، والرأي العام تشكله وسائلُ الإعلام وخاصة الصحافة.
وبعیداً عن کل ذلك، یطّلع صناع السياسة ومستشاروهم والرأي العام علی القضايا السياسية ویحصلون على معلومات بشأنها من خلال التغطية الإعلامية. ولهذا السبب فإنه ليس من المستغرب إذاً أن نعلم أن معظم الباحثين يقضون معظم وقتهم في وسائل الإعلام والصحافة، ویقدمون إنجازاتهم البحثية وافكارهم إلی وسائل الإعلام في شكل الكتب والمقالات والتقارير.
مراکز البحوث في أميركا وحسب الوظائف والأداء، يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام مختلفة:
١. المنظمات البحثية: التي تركز بشكل خاص على التحقيقات والبحوث السياسية والأمنية.
٢. منظمات البحث والتنفیذ: التي علاوة على البحوث والتحليلات اللازمة، تقدم التوصيات السياسية أو وضع السياسات أيضاً.
٣. منظمات البحوث الحزبية: التي تركز فقط على القضايا التي تهمها، وتمضي قدماً في تحقیق الأهداف والخطط الخاصة بها.
انتهى
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق