التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

روسيا والتطورات في العالم العربي 

إن نهج السياسة الخارجية لروسيا تجاه التطورات في العالم العربي، یختلف في بعض الجهات عن النهج السائد في الدول الغربية. ووفقاً لذلك، یجب النظر إلی التغيرات الحاصلة في العالم العربي من وجهة النظر الروسية، کي نحصل علی فهم أوضح لسياسات الحكومة في هذا البلد. وبالتالي، فمن الضروري أن نلتفت إلى عدة قضایا هامة والتي تشكل الأساس للسياسة الخارجية الروسية حیال ما يحدث في العالم العربي: 

 

 

١.    التجربة التاريخية السلبية للروس عن الثورات: على عكس الاتحاد السوفياتي الذي كان مؤيداً للتطورات الثوریة في جميع أنحاء العالم، يبدو أن روسيا في الوقت الحاضر، ونتیجةً لتجربتها التاريخية الفاشلة، لیس لدیها التزام بدعم التطورات الثوریة.

 

وفي الواقع، بالنسبة لروسيا إن عدم الاستقرار السياسي والأمني يشكل اليوم تهديداً أخطر، وموسكو لم تعد ترى في الحركات الثورية أداةً في سياستها الخارجية، لأنها قد جربت العواقب السلبية للتغييرات الثورية.

 

وقد أدت هذه التجربة التاريخية بروسيا إلى أن تتعامل مع الشؤون الدولية كقوة محافظة، وتعتقد أن جميع التغييرات في الوضع الراهن ستکون لها نتائج سلبية، وينبغي ألا ينظر إليها بشکل متسرع. وبالطبع هذا لا يعني تجاهل الساسة الروس للتطورات الجاریة في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا.

 

٢.    الفوضى المسيطر عليها: بالنسبة إلی وجهة النظر الروسیة، إن ما يحدث في العالم العربي تحت عنوان التحولات الثورية، هو تنفيذ واستكمال لنظرية “الفوضى المسيطر عليها” التي أثارتها الإدارة الأمريكية، والتي تقضي بتقسیم الدول الكبيرة إلى وحدات أصغر.

 

وفي الواقع، یعتقد الروس أنه علی المستوى المفاهيمي والنظري، إن فكرة تغییر خريطة الشرق الأوسط واستغلال عدم الاستقرار، مدرجة في إستراتيجية “الفوضى المسيطر عليها” أو “إدارة عدم الاستقرار”. وتکمن طبيعة مفهوم “الفوضى المسيطر عليها” في أنه للإدارة الفعالة للدول أو جميع المناطق لا بد من تدمير الهياكل والأسس السابقة للمجتمع، وخفض طرق الحياة التقليدية مع القيم التقليدية، وخلق الفراغ الايديولوجي في نهایة المطاف.

 

وهذا الأمر سيؤدي إلى الارتباك والغموض في الوعي الاجتماعي، وهكذا یصبح من السهل فرض الهدف على المجتمعات المستهدفة. وفي الحقیقة، من خلال تطبيق نظرية “الفوضى المسيطر عليها”، يتم استبدال الأنظمة السياسية الحالیة بالأنظمة السياسية المؤيدة للغرب.

 

ونظراً لهذا النهج، يمكن القول إن روسيا تقیّم التطورات في العالم العربي بهذه المعايير نفسها، وتعتقد أن الغرب وعبر نشر الفوضى في هذه البلدان، ترید تجزئة او خلق الفوضى المسيطر عليها فيها. ولهذا السبب بالضبط، فالروس يعارضون أي تطورات ثورية في العالم العربي ویدعمون الاستقرار في هذه البلدان.

 

٣.    عدم وضوح المستقبل: یری الروس أن التطورات الثورية في العالم العربي ستؤدي إلى العديد من التغييرات في المنطقة، ويبدو أن عقداً من الزمن سیمضي حتی تجد منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا شكلها النهائي.

 

وفي الوقت نفسه ليس من الواضح أنه في المستقبل، مَن هم الذین سیصلون إلی سدة الحکم، وما هي الأفكار التي یحملونها، وما هي الوجهة التي سوف تتحرك اتجاهها البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية؟ وکذلك فإن التطورات الثورية في الشرق الأوسط قد غیّرت شكل وطبيعة العلاقات بین دول المنطقة، ومع غيرها من الجهات الفاعلة وخاصة القوى الكبرى.

 

٤.    الخوف من انتشار الفكر التكفيري في العالم العربي: یعدّ الخوف من توسیع الأفکار التكفيرية في العالم العربي وتأثيره على المسلمين في روسيا، وخصوصاً في شمال القوقاز، واحدة من التحديات الرئيسية لروسيا حیال هذه التطورات. ذلك أن الروس يرون أن ثمة صلة قوية جداً بين نمو هذه الأفكار في العالم العربي وتعزيز التیارات التکفیریة في منطقة القوقاز الشمالية، لأن هذا الجزء من روسيا هي واحدة من أكثر المناطق غير المستقرة في هذا البلد، وکان دوماً مسرحاً للتطرف والعملیات الإرهابية.

المصدر / الوقت

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق