تركيا: انتخابات مبكرة لعبور السلطان على جثث الأكراد
سياسة الصفر مشاكل والصفر أعداء لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لم يعد لها ترجمة فعلية على أرض الواقع بعد أن تحولت إلى صفر أصدقاء سواء في الخارج من ناحية دول الجوار أو في الداخل من ناحية الأحزاب التي تتنافس فيما بينها للوصول الى سدة الحكم في تركيا، بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في تركيا وخسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم للأكثرية الساحقة من مقاعد البرلمان ودخول الأكراد بقوة ولأول مرة في بناء مستقبل تركيا السياسي بفوز حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد بما يقارب ٧٩ مقعداً في البرلمان مما وضع حزب العدالة والتنمية ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان في وضع لا يحسدان عليه لجهة رفض زعيم حزب الشعوب الديمقراطي “صلاح الدين دميرتاش” التحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم لتشكيل الحكومة وكان لافتاً مبادرة زعيم حزب الشعوب الديمقراطي بعد إعلان نتائج الانتخابات الى القول بأن استبدال النظام البرلماني الحاكم في تركيا بنظام رئاسي أصبح من الماضي.
دخلت تركيا في وضع معقد بعد إعلان رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو فشل المفاوضات مع كل من حزب الحركة القومية وحزب الشعب الجمهوري لتشكيل حكومة ائتلافية وأنهم لم يستطيعوا التوصل الى صيغة معينة لتشكيل الحكومة لجهة وجود خلافات عميقة فيما بينهم وأكد أن احتمال إجراء انتخابات مبكرة ازداد وبقوة.
وخرج أردوغان يوم الجمعة ٢١ أغسطس/آب ليعلن عن الخيار المحبب لقلبه ولحزب العدالة والتنمية ألا وهو إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في البلاد وذلك في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث انتقد زعيم حزب الشعب التركي رئيس الوزراء أحمد داوود أغلو واتهمه بعدم السعي بشكل جدي لتشكيل حكومة ائتلافية تجمع الأحزاب الأربعة، حيث أكدت المصادر بأن عدم رغبة رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو تشكيل الحكومة بعد فشل المفاوضات وأيضا امتناع رئيس الجمهورية تسمية رئيس حزب الشعب الجمهوري “كمال كيليتيشدار أوغلو” لتشكيل الحكومة أديا الى الإعلان عن انتخابات برلمانية مبكرة كما يريد حزب العدالة والتنمية الحاكم دون مشاورة بقية الأحزاب الأمر الذي أدى الى موجة انتقادات شديدة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية من جهة أحزاب معارضة وناشطين معارضين لسياسة أردوغان وحزب العدالة والتنمية.
فما هي أهداف أردوغان من الإعلان عن موعد لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة؟؟
الهدف الأول: القيام بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة خلال الوضع الأمني الذي تشهده البلاد على خلفية انتهاء عملية السلام بين الحكومة التركية والأكراد واستهداف الجيش التركي لمعاقل حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي التركية وفي كل من سوريا والعراق أدى الى تعاطف شرائح من الشعب التركي مع خيار قتال الأكراد حيث يريد أردوغان استغلال هذا الوضع لصالح حزبه واستدرار عواطف الشعب التركي لإستخدامها في الانتخابات المبكرة من أجل منع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي من الدخول للبرلمان وبذلك يكون قد قضى على الحزب الذي أدى الى خسارته وحزبه للأكثرية الساحقة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
الهدف الثاني: إخراج حزب الشعوب الديمقراطي الكردي من البرلمان وإبعاده أيضاً عن المشاركة في تشكيل السياسة التركية وتحييده عن المشاركة في الخارطة السياسية التركية يفسح المجال أمام أردوغان للحصول على الأكثرية الساحقة في البرلمان والتي يسعى خلفها من أجل تحقيق حلمه القديم وهو العمل على تغيير النظام الحاكم في تركيا من نظامٍ برلماني الى نظام رئاسي.
يتجلى هدف أردوغان في المرحلة الحالية بالمحافظة على وضعه الحالي كرئيس للجمهورية وأيضا بالمحافظة على الصلاحيات التي سحبها من رئيس الوزراء ونسبها لرئيس الجمهورية والعمل على جعلها قانونية ليتمكن فيما بعد من الوصول إلى الهدف الرئيسي والذي يتجلى بتعديل الدستور وتبديل النظام البرلماني الحاكم الى آخر رئاسي وبذلك يكون قد سيطر على جميع نقاط قوة تركيا الجديدة التي يسعى لإيجادها.
جاءت الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة لتؤكد وبشكل قاطع بأن أردوغان لم يعد يستطيع التصرف بأمور البلاد كما يشاء هو وحزبه وأن تركيا الديمقراطية ترسخت وتعمقت بشكل أكبر نتيجة نجاح حزب الشعوب الديمقراطي المعارض في الوصول للبرلمان والمشاركة في الحياة السياسية وأن الحكومة التركية والبرلمان لم يعودا حكراً على حزب العدالة والتنمية الحاكم، فإذا تمت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي دعا اليها أردوغان ليستطيع من خلالها الجلوس على كرسي رئاسة الجمهورية التي يتمتع فيها بالصلاحيات كافة وذلك بعد تعديل الدستور وتبديل نظام الحكم الى رئاسي سيكون أردوغان قد نسف كافة أشكال الديمقراطية والتعددية في تركيا والأهم من ذلك يظهر للعالم مدى تفاهة حزب العدالة والتنمية الذي تفاخر طوال العقد الأخير بأنه أول من أرسى أولى قواعد الديمقراطية في تركيا وأنه من سعى الى تحقيق العدل والتنمية في البلاد، إلا أنه وبهذه الحركة يكون قد قضى على مستقبله الديمقراطي ويكون قد أنتج دكتاتوراً وقلده جميع مفاتيح قوة تركيا واختزل تركيا العظمى بشخص الرئيس رجب طيب أردوغان.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق