آفة التسييس وخطرها على المطالبات الشعبية في العراق
يعتبر “التسييس” اهم خطر يواجه المطالبات الشعبية المعيشية في العراق في العام الحالي حيث تعمد جهات عديدة الى استغلال هذه المطالبات وتسييسها من اجل حذف المنافسين السياسيين، لكن هناك جهات واطراف سياسية وشعبية في العراق حذرت المستغلين لهذه المطالبات الشعبية والمسيرات الاحتجاجية من مغبة تسييس القضايا.
وعلى سبيل المثال اعلن السيد مقتدى الصدر وقوفه الى جانب “الشعب المظلوم” في اول اسبوع من المسيرات الشعبية لكن الامين العام لعصائب اهل الحق الشيخ قيس الخزعلي حذر من تسييس المظاهرات مؤكدا ان المسيرات هي ملك للشعب وليس الاحزاب، كما قال الامين العام لمنظمة بدر والقيادي في الحشد الشعبي هادي العامري انه يدعم المطالبات الشعبية ويؤكد ضرورة الاصلاح وتقديم الخدمات للشعب لكنه اكد ان هذه التطورات يجب ان لاتمنع العراقيين من مواجهة خطر داعش والجماعات الارهابية.
وكان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، قد أعلن في ٩ آب/ أغسطس الجاري عدة قرارات إصلاحية تمثلت بإلغاء فوري لمناصب كل من نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وتقليص شامل وفوري في عدد الحمايات للمسؤولين في الدولة، بينهم “الرئاسات الثلاث، والوزراء والنواب، والدرجات الخاصة، والمديرون العامون، والمحافظون، وأعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم” وأقرّ البرلمان العراقي في ١١ من الشهر ذاته خلال جلسته الاعتيادية حزمة الإصلاحات الحكومية التي قدمها العبادي .
وقد اعلنت عصائب اهل الحق ان الاصلاحات التي قام بها حيدر العبادي واقرها البرلمان هي خطوة ايجابية لكن هذه الخطوة ماتزال في إطار العناوين وتحتاج إلى تطبيق .
وقال المتحدث باسم الحركة نعيم العبودي في بيان إن “تصويت مجلس النواب على حزمة الإصلاحات خطوة ايجابية بحاجة إلى خطوات تطبيقية مكملة لحملة الحرب على الفساد وإصلاح الأوضاع ” . وأضاف العبودي أن “تصويت البرلمان على الإصلاحات ما يزال في إطار العناوين وبحاجة إلى تطبيق ومدى التزام الأطراف السياسية بالابتعاد عن المحاصصة الطائفية الحزبية “.
لكن العبادي رد من جانبه على هذه التصريحات في ١٢ اغسطس بشكل غير مباشر داعيا القوات المسلحة والحشد الشعبي الى عدم مزاولة النشاطات السياسية، وقال العبادي “لن ندافع عن فاسد أو باطل، وليس هناك مستهدف في عملية الإصلاح ومكافحة الفاسدين، وسنمضي بها بكل قوة، وسنضرب بيد من حديد على الفاسدين”.
وأشار إلى أن “المسيرة لن تكون سهلة وانما مؤلمة والفاسدون لن يسكتوا واصحاب الامتيازات لن يسكتوا، لكننا سنمضي الى آخر المهمة في محاربة الفساد وإصلاح الاوضاع”.
وحذر العبادي من أن “البعض الذي يحاول خلط الاوراق يعمل على زج مطالبات غير واقعية متناقضة في مطالب المتظاهرين لأن هدم المؤسسات لن يخدم البلد”.
ويبدو ان تحذير العبودي وردة فعل حيدر العبادي يعودان الى الواقع السياسي الجاري في الاوساط الشيعية والذي تأثر بنتائج الانتخابات البرلمانية في عام ٢٠١٤ والتطورات التي شهدتها الساحة الشيعية حين تغيير رئيس الوزراء من نوري المالكي الى حيدر العبادي، ويفهم من هذه المواقف ان هناك من يركب موجة المطالب الشعبية ودعوة المرجعية الدينية الى الاصلاحات من اجل حذف اسم نوري المالكي من الساحة السياسية الى الأبد وهذا ما يفسر قيام البعض بوضع اسم المالكي في مقدمة الملفات المختلفة كمتهم أول.
ويبدو ان الادبيات المستخدمة حاليا في الوسط السياسي العراقي تستهدف اسم نوري المالكي لاظهاره وكأنه السبب الرئيسي لكل المشاكل في العراق، وعلى سبيل المثال جاء في التقرير الذي اصدرته لجنة التحقيق في سقوط مدينة الموصل والذي تلاه وزير الاتصالات السابق محمد علاوي ان تنظيم داعش يمتلك المعلومات الخاصة بكل الوزارات العراقية وان هذا هو السبب الرئيسي لدقة عمليات هذا التنظيم ضد الاهداف في داخل العراق، والمح علاوي ان داعش قد اخترق البريد الالكتروني لنوري المالكي ايضا، وهكذا عادت اصابع الاتهام لتوجه الى المالكي مجددا في كل مصائب العراق وقد بدأت القنوات الاعلامية ايضا بشن هجوم منسق وهادف لتشويه سمعة المالكي وباتت هذه القنوات تعلن ليل نهار أن المحتجين العراقيين الذين ينظمون المسيرات العامة يعتبرون المالكي السبب الوحيد للفساد.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق