التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

“إسرائيل” أعجز من أن تهاجم إيران 

من الواضح ان “اسرائيل” تعرف جيدا انه لا يمكنها ان تقوم بفعل عجزت عنه امريكا، كما تعرف جيدا انها لا يمكن ان تبقى كما هي، لو اقدمت على اي عمل صبياني ضد ايران، لذلك اضطرت ان تلجأ الى مسرحيات بائسة، وآخرها مسرحية تسريبات وزير حربها، و”قرارها” شأن هجوم ضد ايران.

 

من نافلة القول، ان الاتفاق النووي الذي توصلت اليه القوى الكبرى وعلى رأسها امريكا مع ايران، والذي اثار وما زال يثير ضجة سياسية واعلامية في امريكا و”اسرائيل”، كان الخيار الوحيد الذي تملكه الادارة الامريكية، للتعامل مع البرنامج النووي الايراني السلمي، فلو كان هناك من خيار اخر على الطاولة الامريكية، يمكن ان يحرم ايران من حقوقها النووية، لما ترددت امريكا حتى للحظة واحدة في استخدامه.

ان كل ما يردده مسؤولو الادارة الامريكية وعلى راسهم الرئيس الامريكي بارك اوباما، حول الخيارات الاخرى الموجودة على الطاولة، ومن بينها الخيار العسكري، ليس الا تصريحات للاستهلاك الداخلي، ومحاولة لحفظ “هيبة” امريكا في العالم، والتي اهتزت كثيرا بعد ان ثبت عجزها في وقف عجلة التقنية النووية الايرانية، التي امتلك العلماء الايرانيون ناصيتها، رغم الحظر الامريكي الغربي الشامل.

الرئيس الامريكي باراك اوباما اعترف اكثر من مرة، من انه كان يتمنى ان يفكك اخر مسمار في البرنامج النووي الايراني، ولكن مثل هذا الامر شيء غير واقعي. فالرجل يعرف اكثر من غيره قدرات بلاده، ويعرف ايضا قدرات ايران، وهو ما جعله يميز جيدا بين الواقع والخيال.

ان ما نشهده من جدل سياسي في الكونغرس الامريكي بين المعارضين المؤيدين للاتفاق النووي، لا يعدو الا ان يكون مشهدا من مشاهد مسرحية، تم الاعداد لها بعناية في دهاليز السياسة الامريكية، من الاجل الاحياء بوجود خيارات اخرى تملكها الولايات المتحدة، لتفكيك البرنامج النووي الايراني، لم يلجأ اليها الرئيس باراك اوباما، او ان الموافقة ستكون عسيرة وغير مرغوب فيها، ولكن حقائق الامور تؤكد ان الامريكيين سيوافقون على الاتفاق، لانهم ببساطة لا يملكون خيارا اخر.

 

اما “اسرائيل” ربيبة امريكا، فكانت الاعلى صوتا، حتى من الكونغرس الامريكي، في معارضتها للاتفاق، واستخدم مهرجها نتنياهو كل ما في جعبته، لاقناع الحليف الامريكي بعدم الهرولة لعقد اتفاق نووي مع ايران، وعندما اعيته الحيلة في افشال الاتفاق، تم تسريب تسجيلات صوتيه لوزير الحرب “الاسرائيلي” السابق ايهود باراك، يكشف فيها انه اتفق ثلاث مرات مع نتنياهو، على شن هجمات على المنشآت النووية الايرانية، الا ان رئيس الأركان حينها غابي أشكنازي، رفض الفكرة من الاساس، بسبب عدم قدرة “الجيش الاسرائيلي” على شن مثل هذا الهجوم.

من الواضح ان “اسرائيل” تعرف جيدا انه لا يمكنها ان تقوم بفعل عجزت عنه امريكا، كما تعرف جيدا انها لا يمكن ان تبقى كما هي، لو اقدمت على اي عمل صبياني ضد ايران، لذلك اضطرت ان تلجأ الى مسرحيات بائسة، وآخرها مسرحية تسريبات وزير حربها، و”قرارها” شأن هجوم ضد ايران.

من المؤكد ان “اسرائيل” تتمنى تدمير البرنامج النووي الايراني، ولكن من المؤكد ايضا ان هذا الامر سيبقى والى الابد في دائرة “الامنيات”، ولن يصل مطلقا الى حد “القرار”، كما تحاول التسريبات الايحاء بذلك، لذا فالامر برمته ليس الا محاولة لممارسة نوع من الضغوط على الحليف الامريكي لمنعه من تقديم تنازلات اكثر لايران في المجال النووي والمجالات الاخرى، من خلال الايحاء ان هناك في “اسرائيل” من يفكر بجدية بشن هجوم على ايران، وهي محاولة تشبه لعبة “امسكونا” كما وصفها المعلق الأمني “الاسرائيلي يوسي كيلمان في صحيفة “معاريف”.

النجاحات الكبرى التي حققتها ايران والمتمثلة في الاتفاق النووي، والاعتراف الاممي ببرنامجها النووي، ورفع الحظر الظالم المفروض عليها، وعجز “اسرائيل” و صقور امريكا وكل اللوبيات الصهيونية في امريكا والغرب عن فعل اي شيء، يعود الفضل الاول والاخير فيها الى قوة الردع التي تمتلكها ايران، والتي جعلت منها عصية على الاعداء مهما تجبروا وتكبروا.

بات من الواضح، انه لولا القدرات العسكرية الردعية الهائلة التي تمتلكها ايران، والتي تزداد يوما بعد يوم، لما جلس وزراء خارجية اكبر قوى العالم تسليحا واقتصادا، الى طاولة واحدة مع ممثل ايران كأنداد، في مشهد لن يتكرر في التاريخ كثيرا، فالتجربة التاريخية اثبتت ان القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية لم تعصم الشعوب والدول من ظلم الظالمين، فهذه غزة وسوريا واليمن والعراق وليبيا وغيرها من دول العالم الاخرى، هل حالت هذه القوانين الدولية دون احتلالها وتدميرها وقصفها وزرع الفتن فيها ومحاصرتها وتجويعها وتشريد شعوبها؟، بل على العكس تماما، تحولت الامم المتحدة، في حالات عديد، الى عصا غليظة بيد الظالمين لانتهاك سيادة الشعوب واذلالها.

تاريخ الشعوب مع المستعمرين والطامعين، والبلطجة الاسرائيلية، والعنجهية الامريكية، والحرب التي فرضها النظام الصدامي على الجمهورية الاسلامية في ايران، ودعم الغرب والشرق والرجعية العربية لدكتاتور بغداد، والتهديدات الامريكية “الاسرائيلية” شبه اليومية، كانت كافية لتدفع بالشعب الايراني الى تلمس اسباب القوة، التي تحول دون تكرار تلك المآسي، لاسيما وهو يرى كيف يدوس الاقوياء على القانون الدولي والانسانية والقيم والاخلاق، عندما تصطدم بمصالحهم غير المشروعة.

ماجد الحاتمي

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق