التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

استراتيجية أنصارالله لمواجهة الحرب غير المتكافئة 

مع دخول الحرب السعودية شهرها الخامس علی اليمن، تشير الاحصائيات الی أن هذه الدولة وحلفاءها ارتكبوا العديد من المجازر ضد المدنيين في الیمن. وفي هذه الاثناء تحاول السعودية من خلال وسائلها الاعلامية التغطية علی الجرائم التي ارتكبتها في الیمن. وفي المقابل ارتفعت نسبة أنشطة انصارالله في المناطق الحدودية مع السعودية، حيث يتم استهداف القوات السعودية في هذه المناطق بشكل شبه يومي. وفي سياق متصل، اعلنت الامم المتحدة التي فشلت في ايقاف العدوان السعودي علی الیمنيين، أنها أعدت مشروعا لوقف هذا العدوان، لیست واضحة لحد الآن فرص نجاحه في ظل التعنت السعودي. 

 

نحاول من خلال هذا التقرير القاء الضوء علی القصف السعودي ضد المدنيين والفبركة الإعلامية السعودية لتخريب سمعة انصارالله، مع الاشارة الی استراتيجية حركة أنصارالله وحلفاءها لمواجهة هذا العدوان السعودي. 

 

استمرار القصف والحراك السياسي السعودي ضد الیمن

في ظل استمرار صمت الامم المتحدة والقوی الغربية المتشدقة بالدفاع عن حقوق الانسان، فان السعودية مستمرة في قصف الیمنيين. وفي هذه الاثناء تستهدف الطائرات السعودية بشكل يومي مختلف مناطق الیمن، من الشمال مرورا بالوسط وصولا الی الجنوب، دون أن يتمركز القصف علی نقطة معينة، بل انه يستهدف كل مكان. لكن هذا القصف يتمركز بشكل مكثف علی محافظات صعدة في الشمال ومأرب والبيضاء في الوسط وعدن في الجنوب. وبالاضافة الی القصف المكثف، تقوم السعودية بحراك سياسي واسع، تزامنا مع قصفها الجوي، يتمثل هذا الحراك في الحرب الإعلامية المتزامنة مع الحرب العسكرية. حيث تحاول الرياض أن تجعل مدينة عدن خارج نطاق سيطرة انصارالله وحلفائها، لكي تصبح الیمن مجزئة الی قسمين، شمالي وجنوبي كما كانت في السابق. وتعتبر هذه إحدى الاستراتيجيات الرئيسية التي حاولت السعودية إنجازها منذ بدء العدوان. وبموازاة ذلك تسعی الرياض عبر حربها الاعلامية، اتهام حركة أنصارالله، ان هذه الحركة هي السبب في تقسيم الیمن، في حال تمكنت من تقسيمه الی عدة دويلات. 

كما تحاول السعودية تثبيت الحكومة الیمنية المستقيلة في جنوب الیمن واضفاء صفة الشرعية علیها. وتاتي زيارة «خالد بحاح» الی مدينة عدن في هذا السياق، حيث اراد من خلالها الترويج لهذه الفكرة أن هذه المدينة آمنة وتخضع لسيطرة القوات الموالیة لـ «عبدربه منصور هادي»، الرئيس الیمني الهارب الی السعودية. لكن هذه الخطة السعودية سرعان ما واجهت الفشل وكان ذلك بسبب تعرض خالد بحاح الی محاولة اغتيال بعد اقل من نصف ساعة من دخوله مطار عدن، حيث ادت محاولة الاغتيال الی فشل الخطة الاعلامية السعودية التي كانت تهدف للايحاء بان حركة انصارالله لم تعد تسيطر علی مدينة عدن. وتشير الاحصائيات الی أن السعودية استوردت أكثر من ٩٠ مليار دولار من الاسلحة الامريكية بين فترتي اكتوبر ٢٠١٠ حتی اكتوبر ٢٠١٤. وإذاما اردنا مقارنة قدرات انصارالله باعتبارها «حركة» وليست دولة، بالقدرات العسكرية السعودية فان الفارق سيصبح شاسعاً جدا. 

 

آخر الاحصائيات حول المجازر السعودية

من خلال القاء نظرة بسيطة يمكن معرفة أن السعودية ارتكبت خلال عدوانها المستمر علی الیمن جرائم حرب وجريمة منظمة ضد حقوق الانسان، بالاضافة الی أنها عرّضت السلم والامن الدوليين الی الخطر وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، حيث أن هذه المحكمة من المفترض أن تلاحق من يرتكب مثل هذه الجرائم التي ارتكبتها السعودية في اليمن. 

 

استراتيجية انصارالله لمواجهة الحراك السعودي

الف: الانتشار في المناطق الحدودية الملاصقة بالسعودية

في الحقيقة إن حرب السعودية علی الیمن، هي حرب غير متكافئة. حيث تعتبر السعودية إحدى القوی الاقليمية العسكرية الكبری في المنطقة، وذلك بسبب أن هذه الدولة زادت من انفاقها العسكري خلال الفترة بين عامي ٢٠٠٤ حتی ٢٠١٤، بميزان ٢٨٠ في المئة، حيث قفزت هذه الميزانية من ٢٩ دولار سنويا حتی وصلت عام ٢٠١٤ الی ٨١ مليار دولار. واحتلت السعودية خلال العام  الماضي (٢٠١٤) المركز الرابع الافضل عسكريا في العالم بعد امريكا وروسيا والصين. وتشير الاحصائيات الی أن السعودية انفقت خلال الفترة ما بين اكتوبر ٢٠١٠ حتی اكتوبر ٢٠١٤، مبلغاً اجمالياً بلغ اكثر من ٩٠ مليار دولار لشراء واستيراد السلاح من أمريكا فقط (وفق تقرير اصدره موقع اشراف صدر في تاريخ ٢٨/تموز٢٠١٥). وفي المقابل فان قدرات انصارالله التي تعتبر حركة وليست دولة، فهي اقل بكثير مما تملكه الرياض عسكريا. حيث أن حركة انصارالله وحفائها من خلال معرفة الفارق الكبير في مجال القدرات العسكرية مع السعودية، ركزوا جلّ اهتمامهم علی الحاق الضرر بالسعودية في المناطق الحدودية، ولازالوا يستمرون بهذه الاستراتيجية، لذا تم تركيز هجوم انصارالله خلال هذه الفترة علی استهداف المحافظات الحدودية السعودية، حيث اصبحت المحافظات الحدودية السعودية مثل جيزان، الهدف الرئيسي للهجوم الصاروخي من قبل اللجان الشعبية التابعة لانصارالله. حيث بعد كل هجوم لانصارالله والجيش الیمني علی المناطق الحدودية، يضطر جنود الجيش السعودي الی الفرار برفقة دباباتهم خوفا من استهدافهم. وتمكنت حركة انصارالله من أن تدخل الی عمق ١٥ كيلومترا داخل الاراضي السعودية في الفترة الماضية. وتعتبر النقاط الحدودية، إحدى نقاط الضعف لدی الجيش السعودي الذي منعته من خوض حرب برية داخل الیمن. 

ب: مواقف وخطب السيد عبدالملك الحوثي

تعتبر خطب السيد عبدالملك الحوثي إحدى الوسائل لمواجهة الحرب الاعلامية السعودية، ويمكن تلخيص هذه الخطب في المحاور الثلاثة التالية: «مثلث الشر» و«الحرب بالوكالة» و«المقاومة». حيث يعتبر السيد عبدالملك، امريكا والسعودية والكيان الإسرائيلي أضلاع مثلث الحرب او بعبارة اخری «مثلث الشر» ضد الیمن. كما يعتقد قائد جماعة انصارالله ان الحرب السعودية علی الیمن هي حرب بالوكالة من قبل امريكا والكيان الاسرائيلي. وفي إحدى خطاباته في اواخر شهر تموز الماضي قال السيد عبدالملك الحوثي، ان السعودية لا تمتلك مشروعا (في حربها) ضد اليمن، وفي هذه المرة كما كان في السابق فانها تنفذ مشاريع الكيان الإسرائيلي وامريكا. ويعتبر الحوثي ان الوسيلة الوحيدة لمواجهة مثلث الشر والحرب بالوكالة، هي المقاومة لا شيء غير ذلك. حيث اكد السيد عبدالملك مرارا أن المقاومة هي الخيار الاستراتيجي للشعب الیمني واستبدال هذا الخيار بخيار آخر، لم يأت بنتائج سوی الذلة والخضوع أمام الغطرسة الاجنبية والعار وسحق ارادة الشعب. 

إتباع هذه الاستراتيجية من قبل السيد عبدالملك الحوثي، ليس فقط ادت الی افشال مساعي السعودية لإثارة الشعب الیمني ضد انصارالله فحسب، بل ادت الی المزيد من الدعم من قبل الشعب الیمني لهذه الحركة باعتبارها تدافع عن وحدة وسلامة الاراضي الیمنية. حيث شهدنا خلال الأشهر الماضية كيف اعلن الیمنيون دعمهم للجيش الیمني وحركة انصارالله من خلال التظاهرات والاحتجاجات، التي جرت في البلاد، وكذلك لاعلان المناهضة تجاه العدوان السعودي والصمت الدولي إزاء هذا العدوان، وممارسة الحصار علی الیمن من قبل آل سعود، الذين يعتبرهم الكثيرون، انهم العدو الاول للعالم العربي والاسلامي، وكذلك الداعم الرئيسي للكيان الإسرائيلي من أجل الاستمرار في احتلال الاراضي الفلسطينية.

وبشكل ملخص فان الشعب الیمني وقيادة انصارالله يعتبرون الحرب السعودية علی الیمن، حرباً عدوانية وبالوكالة من قبل أعداء الیمن خاصة أمريكا والكيان الاسرائيلي علی حد سواء. 

وفي هذا السياق تعتبر الامم المتحدة أحد اللاعبين البارزين في أزمة الیمن، حيث تحاول هذه المنظمة الدولية أن تجعل من نفسها وسيطا بين القوی المتصارعة، لكن هذه المساعي لم يحالفها الحظ لحد الآن. حيث ارسلت الامم المتحدة «جمال بن عمر» و«اسماعيل ولد الشيخ أحمد» باعتبارهما ممثلين عن هذه المنظمة للعمل علی حل أزمة الیمن. حيث انتقد جمال بن عمر الدبلوماسي التونسي المخضرم، سياسة السعودية بسبب عدوانها علی الیمن قبل اعلان استقالته، وصرح بن عمر آنذاك أنه عندما شنت السعودية الحرب علی الیمنيين، كانت الاطراف الیمنية علی وشك التوصل الی حل دبلوماسي نهائي عبر المفاوضات التي جرت بين هذه الاطراف. وبعد استقالة جمال بن عمر ومجيء اسماعيل ولد الشيخ أحمد، لم تكلل جهود الامم المتحدة لانهاء أزمة الیمن بالنجاح، ويعود السبب في ذلك الی ان السعودية تحاول ان تستبدل هزيمتها العسكرية في الحرب، بنصر في المجال السياسي. 

 

النتيجة:

بدأ العدوان السعودي في الـ ٢٦ من مارس ٢٠١٥ حيث دخل حالیاً شهره الخامس. وفي هذا السياق ركز الجيش الیمني هجومه بالتعاون مع حركة انصارالله علی النقاط الحدودية مع السعودية، عبر اتباع استراتيجية المقاومة لصد الهجوم السعودي. وفي هذه الاثناء صرح السيد عبدالملك الحوثي أن حرب السعودية علی الیمن، هي حرب بالوكالة من قبل امريكا والكيان الاسرائيلي، باعتبار أن الرياض الجهة العميلة لتنفيذ مشاريع واشنطن وتل أبيب في المنطقة. كما ان مواقف معظم الشعب الیمني ضد العدوان السعودي متطابقة مع مواقف قيادة حركة انصارالله. وفي النهاية يمكن الإشارة الی أن الامم المتحدة وبالرغم من الجهود التي تعلن عنها لانهاء الازمة في الیمن، فانها لم تفلح في وقف العدوان السعودي علی هذا البلد، حيث أصبح الاطفال الجزء الرئيسي لضحايا العدوان السعودي، كما أعلنت منظمة الیونيسف لرعایة الاطفال في أحد تقاريرها الاخيرة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق