التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

مارشال الأوروبي ومارشال اليمني فروقات جوهرية… مساعدة أم مؤامرة؟ 

جاءت الحرب العالمية الثانية بين الدول الغربية لتخلّف دماراً هائلاً في البنى التحتيّة للدول المشاركة، فدمرت آلاف المصانع والمستشفيات والمنشآت الإقتصادية، فهي إلى جانب ما خلفته من قتلى وجرحى ومعوقين، أضعفت إقتصاد هذه الدول، وبعض الدول الأوروبية كفرنسا والمانيا وبريطانيا وغيرها والتي كانت من ضمن الدول المشاركة في الحرب اعلنت مشروعاً لإعادة إعمار أوروبا وأطلقت عليه “مشروع مارشال الأوروبي”، واليوم تعمل بعض الدول على إعادة طرح المشروع في خصوص اليمن مطلقة عليه مشروع مارشال اليمني بهدف مساعدة اليمن في رفع الآثار المدمرة التي تخلفها إعتداءات قوى العدوان على الإقتصاد اليمني، والذي يراد له سريان المفعول حال تم التوافق عليه بعد توقف العدوان، وفي هذا الطرح تعمل دبلوماسية دول مجلس التعاون على طرح نفسها أنها المؤيدة والراعية للمشروع، إلا أن ثمة فروقات جوهرية بين مارشال الأوروبي ومارشال اليمني، فما هي الفروقات؟ وما هي الأهداف التي تقف خلف هذا الطرح؟ 

 

فروقات جوهرية

مارشال الأوروبي والذي طُرح بعد الحرب العالمية الثانية لإعادة إعمار أوروبا يُعاد طرحه اليوم من قبل بعض الدول وبتأييد خليجي، إلا أن الفارق بينهما كبير، فمارشال الأوروبي جاء ليعيد إعمار الدول الأوروبية، تلك الدول التي كانت شريكة في الحرب لتصارع فيما بينها على سباق التسلح وكسب امتيازات وإلى ما هنالك من أسباب ودوافع ولّدت الحرب العالمية الثانية، أما مارشال اليمني فهو بهدف إعمار بلدٍ أُعتدي عليه، فقوى العدوان السعودي شنت عدواناً على اليمن منذ خمسة اشهر ولا زال مستمرا مخلفاً دماراً هائلاً للبنى الإقتصادية لهذا البلد، والفارق الثاني ان مارشال الأوروبي جاء بعد توقف الحرب بين الدول المشاركة، وبعد أن أدركت هذه الدول أنه لا بد من مساهمة من قبلهم جميعا لرفع آثار الحرب، اما مارشال اليمني فهو يأتي من الدول نفسها التي تقتل الشعب اليمني وتدمر إقتصاده، وهي اطلقت مشروعها بالتزامن مع وابل من القصف العنيف للإقتصاد اليمني في الأيام القليلة الماضية، وهي تلمح في حديثها إلى أن العدوان لا زال في منتصف الطريق ومن الممكن أن يطول لعدة سنوات، والأمر الجوهري الآخر في الحديث عن مارشال اليمني أنه يأتي متناقضا ومخطط قوى العدوان التي عملت على منع سفن المساعدات الإيرانية، ووقفت بوجه كل الطروحات الداعية للحل السياسي. 

 

مارشال اليمني مشروع مساعدة أم مؤامرة؟

١- هناك العديد من خلفيات للطرح الأخير والذي أُطلِق عليه مارشال اليمني، ابرزها ان قوى العدوان السعودي ترى في عدوانها الذي تشنه على اليمن وبعد مضي خمسة اشهر انه مزيد من التورط، فهي لم تستطع تحقيق أي هدفٍ من أهدافها غير المعلنة والمرتكزة على ضرب أي إمكانية للشعب اليمني تجعله صاحب صنع القرار، فالعائلة الحاكمة في السعودية ومن يقف ورائها من قوى الغرب الإستعماري لا تريد للشعب اليمني حرية القرار والمصير لما يحتله هذا البلد من موقع جغرافي اقتصادي تجاري. بل كل ما حققه العدوان حتى الان زعزعة لوضع العائلة الحاكمة ونقمة شعبية محلية ودولية، والتراجع في النمو الإقتصادي، ولذلك ترى العائلة الحاكمة أن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة من جهة واستمرار العدوان من جهة أخرى يكمن في الضغط على الشعب والقوى اليمنية الفاعلة بوعدها بإعادة الإعمار والتنمية الإقتصادية للبلد في محاولة لتحصيل المكاسب التي لم تستطع تحصيلها في عدوانها. والجدير بالذكر أن قوى العدوان يتحتم عليها دفع كافة التعويضات للشعب اليمني هذا فضلاً عن أن العائلة الحاكمة وكل من تعاون معها لا بد أن تحاكمهم العدالة وأن يكون للأمم المتحدة دور في ذلك.

٢- العمل على بناء هيكلية اقتصادية يمنية تكون تابعة للإرادة الخارجية وبالتالي عدم السماح لليمن التحرر من الإرادة الخارجية، كما ووضعت شروط على اليمن مقابل أي مشروع اقتصادي تنموي تكون فيه السيطرة للإرادة الخارجية، وإخضاع المرافق اليمنية والموانئ لآلية عمل يكون فيها حق الشعب اليمني مسلوباً.

٣- مشروع مارشال اليمني الإقتصادي يلزم منه تشكيل لجان وهيئات لإجراء دراسات قبل التنفيذ، ومن ثم تشكيل عمل تنسيقي لهذه اللجان والإشراف المباشر من قبلها على سير الأمور، هذه اللجان يراد لها ان تكون يد قوى العدوان النافذة التي تعمل على التدخل الفعلي وتوجيه الأمور لما فيه خدمة لإرادة قوى العدوان ومصالح الدول الغربية الإستعمارية، وهذا ما يعني الوجه الآخر للعدوان المستمر.

٤- المجازر التي خلّفها العدوان السعودي والمتآمرون معهم قلّب الرأي العام الشعبي المحلي والدولي، وحرّك مؤسسات حقوق الإنسان إلى حدٍّ ما، ووضع القوى المعتدية في موقع المجرم الذي لم يترك مجالا للخطوط الحُمر، وجعل هذه القوى موضع المنعزل، وعليه تريد قوى العدوان السعودي إظهار حسن نوايا من خلال طرح مشروعها التآمري الجديد بهدف خداع الرأي العام الشعبي.

٥- هذا المشروع والواضح النوايا التآمرية لن يقبل به الشعب اليمني، فضلاً عن أن الشعب اليمني واللجان الشعبية سترفض قطعاً اي دعم من قوى اعتدت عليها ودمرت بلدها وقطعت عنها خطوط إمداد المساعدات الإنسانية وخربت عليها الحلول السياسية، وحولت مدن اليمن إلى خراب ودمار بل ولا زالت مستمرة بعدوانها. وبذلك ترمي قوى العدوان السعودي إلى وضع الجيش اليمني واللجان الشعبية المساندة له موضع الرافض لمشاريع التنمية الإقتصادية.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق