التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, يوليو 3, 2024

الحرب في شبه الجزيرة الكورية (١).. قراءة تاريخية 

 التوتر الدائم هو السمة الغالبة على شبه الجزيرة الكورية بين شطريها الجنوبي والشمالي رغم اتفاق الهدنة الموقع بينهما منذ عقود، فابان كل مناورة عسكرية مشتركة بين امريكا وكوريا الجنوبية (وهي كثيرة)، يرتفع مستوى التوتر بين الدولتين لتصل الى احتمال الحرب والتهديدات المتبادلة. ولحليفة كوريا الجنوبية (أمريكا) دور كبير في تزكية هذا الصراع، إن لجهة الدعم الكبير الذي تبديه لكوريا الجنوبية او لجهة السياسات العدائية والحصار الاقتصادي الذي تفرضه على كوريا الشمالية. 

 

ومن أجل قراءة الصورة بشكل افضل لا بد من العودة الى تاريخ الحرب بين الكوريتين ودور امريكا في هذه الحرب، بالاضافة الى العلاقات الامريكية – الكورية الجنوبية المميزة، وصولا الى التوترات الاخيرة بين الجانبين، وما تهدف اليه امريكا من تواجدها في تلك المنطقة ومحاولة بث الخلافات. 

 

تاريخ الحرب بين الكوريتين

بقيت شبه الجزيرة الكورية تحت سيطرة اليابان حتى خسارة الاخيرة في الحرب العالمية الثانية. حيث ومع انتهاء الحرب عام ١٩٤٥ م. تم تقسيم شبه الجزيرة ضمن اتفاق بين امريكا والاتحاد السوفيتي الى قسمين يفصل بينهما خط العرض ٣٨ حيث تسيطر امريكا على الجزء الجنوبي والاتحاد السوفيتي على الجزء الشمالي من الجزيرة. (وجدير بالذكر أن الاتفاق شمل اليابان ايضا حيث قسمت بين الطرفين حسب خط العرض ٣٨ ايضا).

كما نص الاتفاق ان تصبح المناطق المسيطر عليها حرة خلال مرحلة اربع سنوات. مرحلة سعى خلالها الروس والامريكان الى تأسيس حكومات موالية لهم ضمانا لنفوذهم في تلك المنطقة، مما كرس الانقسام الايديولوجي والجغرافي الذي أسس لحرب اهلية بين الجارتين فيما بعد. حيث نشأت حكومة شيوعية في الجزء الشمالي وأخرى يمينية في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة.

في أعقاب ذلك، بدأت المناوشات بين الكوريتين وعلى طول الحدود بينهما لتنجر الى حرب شاملة أعلنتها كوريا الشمالية على الجنوبية وبدأتها في ٢٥ حزيران يونيو ١٩٥٠ م حيث تمكنت من احتلال سيول خلال ايام، هذا الامر شکل الذريعة الامريكية للتدخل مجددا وبمشاركة دولية لحماية كوريا الجنوبية حسب تعبيرها. وبالفعل تمكنت امريكا وحلفاؤها من اخراج الكوريين الشماليين من كوريا الجنوبية ووصلوا الى حد احتلال بيونغ يانغ العاصمة مما أدى الى تدخل صيني روسي أوصل الامور الى حالة من المفارقة لا رابح فيها ولا خاسر. وبعد سنوات من الحرب الضارية التي اسقطت ما يزيد عن مليوني قتيل من الكوريتين تم توقيع اتفاق هدنة بين الطرفين وذلك في ٢٧ يوليو تموز ١٩٥٣. لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من المواجهة الاقل سخونة بين البلدين، مرحلة لا زالت مستمرة الى اليوم. 

 

العلاقات الامريكية الكورية الجنوبية المميزة

تعتبر اليوم العلاقة بين الطرفين استراتيجية ويعبر عنها اوباما بالقول “كوريا الجنوبية واحدة من اقرب حلفاء امريكا ومن اعظم اصدقائها”. 

وتحتل منطقة شرق اسيا بشكل عام واليابان وشبه الجزيرة الكورية بشكل خاص موقعاً مهماً في الاستراتيجية الامريكية. وهنا تسعى امريكا الى تعزيز علاقاتها مع الدول التي تدور في محورها ومنذ الحرب العالمية الثانية، اذ تربطها وبخاصة باليابان وكوريا الجنوبية روابط اكثر من مميزة. وتكرس هذه الروابط من اجل تعزيز تواجدها في تلك المنطقة ومنه التواجد العسكري.

واما بالنسبة الى الروابط مع كوريا الجنوبية فهناك تحالف بين الجانبين يعود الى العام ١٩٥٠ بالاضافة الى معاهدة دفاع ثنائية منذ عام ١٩٥٣ م والتي تنص على أن يدافع البلدان عن بعضهما اذاما هوجم احدهما من طرف ثالث، وكان الهدف الرئيسي لهذه المعاهدة حماية كوريا الجنوبية من جارتها الشمالية ولكن تحولت خلال العقود الماضية الى اكثر من ذلك حيث ترى فيها أمريكا حلفا استراتيجيا يؤمن لها التواجد العسكري الدائم في المنطقة. وقد أدت هذه المعاهدة الى تقدم كبير في مجال التعاون العسكري بين الطرفين خلال العقود الماضية. ومن مؤشرات هذا التعاون المناورات العسكرية المستمرة بين الطرفين وبكافة انواع الاسلحة. كما ويوجد ٢٨ الف جندي امريكي في كوريا الجنوبية بشكل دائم. (جدير بالذكر أن عدد الجنود الامريكيين باليابان ٤٧ الفا).

هنا نشير الى انه ومنذ عام ٢٠٠٢ توجد حركة احتجاج كورية جنوبية على التواجد الامريكي على اراضيهم. وأتت هذه الاحتجاجات والتي لا تزال تظهر بين الحين والاخر على اثر مقتل فتاتين كوريتين جنوبيتين في حادثة مفتعلة لعربة امريكية مدرعة. هذا بالاضافة الى حادثة طعن السفير الامريكي في بيونغ يانغ منذ اشهر والتي جاءت من رجل كوري جنوبي، تأكيدا على الكره الشعبي الذي تحظى به امريكا من قبل الكوريين الجنوبيين. مما يؤكد على أن النقمة على امريكا تتعدى الشعب الكوري الشمالي الى الشعب الكوري الجنوبي، واستنادا الى ما ورد من دور تاريخي لامريكا في الحرب بين الشعبين الشقيقين يتأكد أن لهذا الكره جذوراً تمتد الى تلك الحقبة. ويُغذي هذه الحالة من النقمة، الممارسات الامريكية اليوم والتي تتعامل مع كافة الشعوب كاتباع مطيعين وليس حلفاء انداد.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق