الهواجس والآمال الايرانية بعد انسحاب القوات الاجنبية من افغانستان
بعد انسحاب القوات الاجنبية من افغانستان والتي احتلت هذا البلد ١٣ عاما تسلمت قوات الشرطة والجيش الافغاني مسؤولية ارساء الامن في افغانستان منذ شهر يناير عام ٢٠١٥ لكن الاوضاع الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بقيت مضطربة كما كانت وهناك تساؤل الان عما كانت تعمل القوات الاجنبية في افغانستان طوال هذه السنين، ومن ناحية اخرى ترك احتلال افغانستان تأثيرا على الدول المجاورة لهذا البلد ومن هذه الدول ايران التي كانت تعارض الاحتلال منذ بدايته، فما تأثير انسحاب القوات الاجنبية من افغانستان على ايران؟ وما هي الفرص والتحديات التي تواجه طهران في هذا المجال؟
ادعت امريكا وحلفاؤها انهم احتلوا افغانستان لمواجهة الارهاب والتطرف بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر لكن اداء امريكا وحلف الناتو وطرق مواجهتهم لارهابيي القاعدة وطالبان قد كشفت عن الاهداف الحقيقية لهؤلاء.
فشل الاوهام والخطط المريبة
بعد مرور ١٣ عاما على احتلال افغانستان ازداد التطرف والمتطرفون قوة وها هم اليوم يحتلون اجزاء كبيرة من العراق وسوريا ويعلنون الخلافة فيها كما اشعل المتطرفون حروبا داخلية في ليبيا والصومال وتسببوا بأزمة في اليمن ووصلت عملياتهم حتى الى الفلبين وهكذا لايمكن القول ان ما جرى كان مكافحة واحتواء للارهاب في افغانستان والعراق.
ان الخسائر الامريكية الكبيرة في افغانستان والعراق وتبعات الحرب كانت كبيرة جدا ولم ير الامريكيون وحلفاؤهم سبيلا امامهم سوى الانسحاب من هذين البلدين وهناك من الخبراء من يقول بأن الهدف الرئيسي من احتلال افغانستان لم يكن ضرب الارهاب وجماعة القاعدة لأن الامريكيين افسحوا المجال لخروج قادة القاعدة وطالبان من افغانستان وباكستان في وقت كانوا قادرين على ملاحقتهم بقوة.
ان مقارنة بسيطة بين اوضاع ومكانة الجماعات المتطرفة والارهابية عند بدء الغزو الامريكي وبين اوضاعهم ومكانتهم في الوقت الحالي سوف تجيب على الكثير من الاسئلة، ان القاعدة وطالبان كانوا قد فقدوا قدرتهم على التحرك بعد بدء الهجوم الامريكي لكنهم وبسبب السياسات الخاطئة أو المتعمدة الامريكية استعادوا القدرة على التحرك وانتقلوا الى منطقة وزيرستان الشمالية في باكستان ومدينة كويتا وبدأوا تحركهم من جديد ودخلوا الحرب ثانية والان فان القاعدة ليس لها حضور فقط في افغانستان وباكستان بل ان الجماعات المنضوية تحتها تتواجد في شمال افريقيا ودول البحر المتوسط والدول الخليجية وصولا الى شرق آسيا كما ان الحال معروف في سوريا والعراق وليبيا واليمن فكيف تريد امريكا ان تدعي بأنها واجهت الارهاب؟
اما فيما يتعلق بمكانة ايران في افغانستان بعد انسحاب القوات الاجنبية من هذا البلد فيجب القول اولا ان علاقات ايران وافغانستان هي علاقات دينية وثقافية وتاريخية عريقة فإيران التي دعمت المجاهدين الافغان ضد الغزو السوفيتي لم تكن تستطيع ان تقبل وجود غزو واحتلال اجنبي آخر لافغانستان وهي كانت تشعر بالقلق من التواجد الطويل الأمد لحلف الناتو في هذا البلد.
ان ايران التي اتخذت موقفا معاديا من طالبان ودعمت تحالف الشمال ضد طالبان قد اتخذت سياسة ودية تجاه الحكومة الافغانية الجديدة التي أتت الى الحكم في كابول بعد انهيار نظام طالبان وقد سعت طهران منذ ذلك الحين الى تعزيز علاقاتها مع كابول في شتى المجالات وساهمت بشكل كبير في عمليات اعادة اعمار افغانستان وطالبت بانسحاب القوات الاجنبية من هذا البلد.
ورغم وجود علاقات دبلوماسية واقتصادية جيدة ومتنامية بين ايران وافغانستان لكن هناك بعض العقبات التي تواجه هذه العلاقات فعلى سبيل المثال تنظر ايران بعين القلق الى استمرار التواجد الطويل الأمد لحلف الناتو في افغانستان وتأثير ذلك على العلاقات الثنائية بين طهران وكابول.
وخلافا لباكستان التي قلصت دعمها لطالبان فقط عندما شعرت بالضغوط المتزايدة عليها دعمت ايران بعض العمليات التي شنت في افغانستان ضد القاعدة وطالبان رغم العداء الموجود بين ايران والناتو كما ان طهران دعمت الحكومة الافغانية المؤقتة تحت اشراف الامم المتحدة في المفاوضات التي جرت في مدينة بون الألمانية في ديسمبر ٢٠٠١ كما سمحت طهران للناتو بادخال المساعدات الانسانية الى افغانستان عبر الاراضي الايرانية.
لقد لعبت ايران دورا محوريا في عملية بناء الحكومة الافغانية واعادة اعمار افغانستان بعد سقوط طالبان لكن التعاون التكتيكي بين الناتو وايران لم يدم طويلا وعندما وصف جورج بوش في عام ٢٠٠٢ ايران بانها في محور الشر، انهار ذلك التعاون التكتيكي ومنذ ذلك الحين تتبع ايران سياسة معقدة ومتعددة الجوانب تجاه افغانستان وتواجد قوات الناتو فيها.
المصدر : الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق