التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

الى أين تسير تركيا في ظل سياسة أردوغان الداخلية والخارجية؟ 

 هناك حقيقة تقول إنه لايجب ربط مصير الدول والشعوب بشخص الحاكم مهما كانت شخصيته ومهما كان دوره في الحكم. 

 

وتستند هذه الحقيقة الى حقيقة أخرى مفادها أن الدول والشعوب باقية ما بقي الدهر فيما يزول الحاكم مهما طال به الزمن. ويؤكد علماء السياسة والاجتماع ان دور الحاكم في السلطة بدأ يتضاءل شيئاً فشيئاً مع تطور أدوات الحكم ونظم إدارته، مشددين في الوقت نفسه على أن الإيحاء بأن غياب شخص عن القيادة سيذهب بالمشروع القيادي يوحي بحد ذاته بضعف الثقة بنفس هذا المشروع.

 

وتركيا ليست مستثناة من هذه القاعدة. فرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان الذي تمكن في فترات سابقة وتحديداً عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء من دفع عجلة الديمقراطية في البلاد الى الامام بات اليوم يشكل حجرة عثرة في طريق هذه الديمقراطية للأسباب التالية: 

١ – يخشى المراقبون أن يؤدي تمسك أردوغان بكرسي الحكم إلى تكريس قيادة الفرد وتعزيز سيطرته على مرافق الدولة وهذا يشكل خطراً لايمكن الاستهانة به لأنه يؤدي بالانتقال من الولاء للدولة إلى الولاء للفرد.

٢- يخشى الكثيرون من كاريزما أردوغان الطاغية، خصوصاً إذاما أضيف لها الصلاحيات التي يريد استثمارها مع بقائه في السلطة، حيث أشار أردوغان وبوضوح إلى أنه سيستعمل كل صلاحياته في الرئاسة وهي تشمل صلاحيات يمنحها الدستور فعلاً للرئيس، وصلاحيات إضافية تعطى له إثر تعديلات قانونية أو دستورية قادمة. 

٣ – يرى الكثيرون أن ١٢ عاماً من الحكم كافية جداً لأي زعيم كي يقدم رؤيته وكل ما لديه من أفكار. كما تشير الدراسات إلى أن الإبداع لدى القيادات يقل كثيراً بعد عشر سنوات في نفس المنصب، وهذا الأمر ينطبق على أردوغان.

٤ – يرى كثيرون أيضاً في استمرار أردوغان في منصبه إذكاءً لحالة الاستقطاب المتأججة في تركيا منذ أشهر، ويعتقدون كذلك أن محاولة التمديد له فترة اخرى من خلال تعديل الدستور تحمل خطر تغيير القوانين، وهذه سابقة لها إيحاءاتها السلبية.

٥ – يتهم البعض أردوغان بأنه يظهر نزعات شمولية وقد اعتاد القيام بالأمور بطريقته الخاصة من خلال السعي الى تعزيز نفوذه بمزيد من السلطة دون قيود، ما يهدد بتحديات وتحولات داخلية خطيرة قد تواجهها تركيا في المستقبل اذا سارت الأمور على هذا المنوال. 

٦ – يعتقد الخبراء ان استمرار الحكومة التركية في ظل رئاسة أردوغان بافتعال الأزمات في دول المنطقة لاسيما في سوريا والعراق ومحاولة تغيير الوجه السياسي في هذه الدول من خلال دعم الجماعات الارهابية بالتعاون مع أمريكا وقطر والسعودية سيترك آثاراً سلبية على علاقات أنقرة مع الدول المجاورة في المستقبل. 

٧ – عدم تمكن أردوغان وحزبه (العدالة والتنمية) من حل القضية الكردية الشائكة والتي اشتعلت من جديد من الداخل ستكون له انعكاسات لاتحمد عقباها على مستقبل تركيا دون أدى شك.

٨- تعاني السیاسة الخارجیة الترکیة الحالیة من تناقضات أساسیة تسببت بایجاد أوهام وطموحات غیر منطقیة في إطار ما يسمى “إحياء أمجاد الامبراطورية العثمانية” والتخطيط للزحف على أراضي الدول المجاورة وانتهاك سيادتها وزعزعة استقرارها وهو ما تسبب أيضاً بأضرار كبيرة انعكست نتائجها على علاقة انقرة بهذه الدول. 

وعن أحلامه بإعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية، انتشرت مؤخراً صورة لأردوغان في استقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع مجموعة من الجنود مرتدين زي الخلافة العثمانية، وهو المشهد الذي تكرر أيضاً لدى استقبال أردوغان لنظيره الأذربيجاني إلهام علييف وأثار استهجان الإعلام المحلي والأجنبي، فيما وصفه البعض بـ “جنون العظمة”. 

وفي نفس السياق، ظهر اقتراح شعار جديد للجمهورية التركية، وهو نفسه شعار الدولة العثمانية المعروف بـ “طغراء” والذي تم إلغاؤه بعد سقوط الخلافة.

ثم جاءت الحملة الشديدة ضد أردوغان على خلفية بنائه قصراً جديداً بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، بسبب كبر حجمه، وفخامته المفرطة، ورأى فيه البعض محاكاة لقصور الدولة العثمانية وسلاطينها.

٩ – يُتهم أردوغان بمحاولة فرض سيطرته على جهاز القضاء في تركيا عبر تشريع قوانين في البرلمان ليتحول هذا الجهاز الى سوط يجلد به كل من يتجرأ وينتقد الفساد الذي اخذ يستشري بين رجالات حزبه “العدالة والتنمية”.

ومن التجسيدات العملية لهيمنة أردوغان على السلطة القضائية، الحظر الذي اصدرته محكمة تركية على وسائل الاعلام من التطرق الى اعمال لجنة تحقيق برلمانية تنظر في قضايا فساد متهم فيها عدد من الوزراء في حكومة أردوغان السابقة.

١٠ – ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في إحدى تقاريرها بأن تركيا شهدت في عهد رئاسة أردوغان تراجعاً مقلقاً في مجال حقوق الإنسان، متهمة الحكومة بإظهار المزيد من عدم التسامح تجاه معارضيها السياسيين والاحتجاجات في الشارع، والانتقادات في الصحف. وأكد التقرير أن الحكومة التركية لا تتردد في التدخل في إجراءات القضاء، عندما تتعرض مصالحها للخطر، في إشارة إلى حملة تطهير شملت آلاف من عناصر الشرطة والقضاة المتهمين بـ”التآمر” على الدولة.

من خلال ما تقدم ولأسباب أخرى لا يسع المجال لذكرها يمكن التوصل الى نتيجة مفادها بأن أردوغان وحزب “العدالة والتنمية” أثبتا طيلة السنوات الماضية أن أنقرة لم تعمل لصالح الأمن والاستقرار في المنطقة وهذه حقيقة باتت تدركها دول وشعوب المنطقة بشكل جيد، ولهذا أخذت ومنذ زمن بعيد تطالب بضرورة التصدي لهذه السياسة للقضاء على آثارها أو تطويق وتحجيم تداعياتها السلبية على الأقل قبل فوات الأوان.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق