التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, يوليو 3, 2024

انحراف البوصلة؛ زعماء ثلاث دولٍ عربية في ضيافة القيصر 

بالتزامن مع معرض الفضاء والطيران الروسي “ماكس ٢٠١٥” تحولت العاصمة الروسية موسكو إلى قبلة الزعماء العرب، ثلاث زعماءٍ عرب اجتمعوا تحت سقف القيصر الروسي في آن واحد، هذا الحدث لا يمكن أن يكون صدفةً، كما وصفته بعض وسائل الإعلام، ولا يمكن أن يكون هامشاً لـ”ماكس”، فاجتماعٌ نادرٌ كهذا في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة هو الأساس و”ماكس” هو الهامش وإن كان هذا المعرض له دلالات هامة أيضاً لايمكن غض النظر عنها.  

 

«إذعانٌ»

أن يجتمع الثلاثة، الرئيس المصري وملك الأردن وولي عهد الإمارات في الكرملين في أثناء معرض عسكري يجري على الأرض الروسية هو إذعان من هذه الدول بالقدرة الروسية، والاجتماع الثلاثي في موسكو بمثابة اعتراف علني بِهِرَم السياسة الأمريكية في المنطقة، وخاصةً أن الأردن المعروفة بتبعيتها للقرار السعودي والأمريكي فضلت هذه المرة الضيافة الروسية على غيرها، فالحاجة العربية اليوم إلى حكمة روسيا ملموسة أكثر من حاجتهم إلى السياسة الأمريكية التي أثبتت خلال العقد الأخير بأنها ليست لا تريد حل الأزمات فحسب، بل دائماً كانت تقود الأمور إلى الأسوأ دون اكتراثٍ حتى بمصالح حلفائها، ولهذا فإن التوجه إلى روسيا بمثابة تهديدٍ بتخفيض العلاقات مع واشنطن، وذلك لكسب امتيازات أكثر منها وتقليص الضغوط التي تفرضها على هذه الدول، ومن البديهي أن التوجه العربي هذا يلاقي ترحيب الروس الذين يسعون إلى تقليص النفوذ الأمريكي في المنطقة.

 

«الأسد ليس المحور»

لا يشكل الرئيس الأسد محور المحادثات التي تجري بين موسكو وهذه الدول، فالموقف الروسي واضح برفض إبعاد الرئيس السوري عن أي حل يُطرح، ليس لأنه “الأسد”، بل لأنه منتخب من الشعب السوري، ولهذا فإنه لا تغيير في موقف موسكو كما تدعي بعض التقارير، عدا أن الدول العربية الوافدة إلى روسيا لا تملك من القرار شيئاً في ملف الرئيس الأسد الذي لو كان قابلاً للنقاش عند روسيا، فمن البديهي أن أمريكا ستكون هي الطرف المقابل على طاولة النقاش الروسية، أو على الأقل السعودية.

 

«تحولٌ أردني وثباتٌ مصري»

تعتبر زيارة ملك الأردن لروسيا وانضمامه إلى الرئيس المصري وولي العهد الإماراتي هي الأبرز، وذلك لأن موقف الأردن من الأزمة السورية هو الأكثر بعداً عن مواقف المجتمعين، فالموقف المصري يشابه الموقف الروسي ويقاربه، وكذلك فإن الإمارات تُعتبر من الدول المعتدلة في الملف السوري وخاصةً أنها تتبنى معارضة الإرهاب والتنظيمات التكفيرية وتدعو إلى مجابهتها، ما يعني أن زيارة الرئيس المصري لموسكو ثبات في موقف مصر مقابل تحول في الموقف الأردني.

الأردن التي تتبنى المواقف والسياسات السعودية والأمريكية بدأت تشعر، فالاضطرابات التي تدور على الحدود التركية نتيجة تواجد تنظيم داعش الإرهابي باتت تقلق عمان التي تدرك جيداً مدى ضعف جيشها أمام الجيش التركي، ولهذا سارعت إلى بوتين أملاً بعصا سحرية تبدد قلقها.

وتحاول الأردن ومصر والإمارات الوصول إلى خطةٍ تقوي موقفهم تجاه الأزمة السورية، فمحاربة الإرهاب غير ممكنة إذا لم تكن بتحالف قوي، وكل دولة من هذه الدول عاجزة عن التحدث أمام أوباما عن مكافحة الإرهاب الذي يحاول تفكيك المنطقة خدمةً للمصالح الأمريكية، وخاصةً الأردن التي فقدت استقلالية قرارها وأصبحت أي مخالفة للرغبة السعودية أو الأمريكية تعني إشعال البلاد بسبب تواجد الجماعات التكفيرية داخل الأراضي الأردنية، وهذا يعزز الحاجة إلى ائتلافٍ جدي تقوده دولة كبيرة كروسيا لمحاربة الجماعات التكفيرية والإرهابية التي تثير قلق الدول الثلاث.

وتسعى الدول العربية المجتمعة في موسكو للوصول إلى موقف موحد من الأزمة السورية، يكون مدعوماً من الروس ليسهل على هذه الدول تبنيه دون الخوف من الأمريكيين، ولكن هذا أمر ليس سهل المنال وخاصة أن الروس قد لايثقون بسياسات بعض الدول التي كانت طيلة السنوات الماضية مرهونة بواشنطن، كما أن هذه الدول قد تصطدم بالعراقيل الأمريكية في حال أحست واشنطن بأن الطبخة الروسية تكاد تتم.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق