التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

اللقاء المصري الروسي في قراءةٍ تحليلية: الشراكة في مكافحة الإرهاب أولوية 

 تعيش المنطقة حالةً مما يُسمى مرحلة إعادة خلط الأوراق على الأصعدة كافة لا سيما السياسية. لكن مسألة مكافحة الإرهاب القديمة الجديدة عادت الى الواجهة وبالتحديد بعد الإنجاز الإيراني والإتفاق النووي بين الغرب وطهران. وهو الأمر الذي جعل روسيا تدفع بقوة نحو ضرورة العمل على إنشاء حلفٍ ضد الإرهاب الذي يهدد المنطقة كافة. ولأن الإتفاق النووي أعاد ترتيب الأولويات لدى كافة الأطراف، لا سيما روسيا، تسعى موسكو للعمل جدياً من أجل إيجاد آليةٍ بين الدول لمكافحة إرهاب التنظيمات التكفيرية لا سيما فيما يخص الأزمة السورية ودول الشرق الأوسط. وهو الأمر الذي بدا مؤخراً في اللقاء الذي جمع الرئيسين المصري والروسي في موسكو. فماذا في مجريات اللقاء؟ وما هي أبرز دلالاته التحليلية؟

 

أولاً: تقرير حول اللقاء المصري الروسي

في لقاء هو الرابع بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى زيادة التعاون مع روسيا في مجال مكافحة الإرهاب، خصوصاً في الشرق الأوسط، وذلك خلال لقاء جمعه في موسكو مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء في ٢٦ آب. وبُعَيد لقائه بوتين في الكرملين، أعلن السيسي أن “الشعب المصري ينظر بأمل الى آفاق تطوير العلاقات بين البلدين في المجال الإقتصادي، وكذلك في مجال مكافحة الإرهاب”، بحسب بيان صادر عن الرئاسة الروسية. وأضاف أنه يجب في المقام الأول مكافحة الإرهاب “في تلك المنطقة التي تواجه مشاكل كبيرة تتعلق بالإرهاب والتطرف”. من جهته، أشار الرئيس الروسي الى “الدور الأساسي” لمصر في مكافحة الارهاب في المنطقة. وأكد بوتين على اقتراحه في “تشكيل جبهة واسعة لمحاربة الإرهاب” بمشاركة دول عدة في المنطقة، بما في ذلك سوريا. وأوضح تعليقاً على محادثاته مع السيسي قائلاً: “تم التشديد على الأهمية المبدئية لتشكيل جبهة واسعة لمحاربة الإرهاب بمشاركة اللاعبين الدوليين الأساسيين ودول المنطقة، بما فيها سوريا”، مضيفاً: “لدينا مواقف متطابقة فيما يخص ضرورة تكثيف مكافحة الإرهاب الدولي”.

 

ثانياً: القراءة التحليلية 

لا بد من تحليل نتائج اللقاء مع الأخذ بعين الإعتبار الظروف الحالية للمنطقة وبالتحديد الوضع الراهن للأزمة السورية الى جانب الإلتفات الى مكانة روسيا الدولية، كما الى المكانة التي تتمتع بها مصر على الصعيد الإقليمي. وهنا نقول التالي:

– دخلت منطقة الشرق الوسط والعالم مرحلةً سياسيةً جديدة بعد توقيع الإتفاق النووي مع طهران. وهو الأمر الذي جعل دولةً كروسيا تتمتع بمركزٍ عالمي، الى الدفع بقوة للعمل على أصعدة عديدة كانت وما زالت تعتبرها أولوية، وبالتحديد مسألة مكافحة الإرهاب. وهنا نقول إن موضوع إشراك سوريا ليس من الأمور التي تحتاج الى دليل لتبيين أهميته، لمجرد أن دمشق معنية بالموضوع أساساً. لكن مسألة إشراك مصر يجب الوقوف عندها وقراءة دلالاتها.

– فموسكو والقاهرة تعملان منذ سنتين على تعزيز علاقاتهما في مختلف المجالات وهو ما بدأ في تشرين الثاني من العام ٢٠١٣ حين اجتمع الطرفان لإستحداث صيغة جديدة للتفاوض، بمشاركة وزراء الخارجية والدفاع في البلدين. وعقبها قام الرئيس السيسي بأول زيارة له إلى موسكو للمشاركة في لقاء في شباط عام ٢٠١٤ بصفته وزير الدفاع المصري حينها. أما اليوم فيُعتبر ملف مكافحة الإرهاب أولويةً بالنسبة لمصر بعد أن أصبحت ضحيته، خصوصاً بعد سلسلة الهجمات الإرهابية في سيناء والتي شنها ما يسمى بتنظيم “ولاية سيناء” الموالي لتنظيم داعش الإرهابي. 

– لذلك فإن تصريحات بوتين تُعطي مزيداً من القوة السياسية لمسألة ضرورة إشراك مصر الى جانب أنها تساهم في تثبيت الشرعية الإقليمية والدولية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي يحارب الجماعات الإرهابية في البلاد. وهو ما ينزع محاولة بعض الدول إعطاء الشرعية لتنظيم داعش الإرهابي، وبالتحديد تركيا والسعودية الى جانب أمريكا والغرب. 

– وهنا لا بد من الإشارة الى أن الخلاف القائم بين مصر وهذه الدول ظهر اليوم الى العلن بعد أن كان قائماً لكن بطريقة سرية، وبالتحديد فيما يخص القراءة المختلفة لمصر في التعاطي مع الأزمة السورية والنظام السوري. فالتقارب بين الشعبين السوري والمصري لا سيما على الصعيدين السياسي والنخبوي، هو من الأمور التي يمكن ملاحظتها، في ظل وجود شعورٍ متبادل فيما يتعلق بالمعاناة من الإرهاب التكفيري. وهو ما يخالف الوضع القائم بين مصر وتركيا على الصعيد السياسي والنخبوي تحديداً. مما جعل القيادة المصرية مؤخراً، تُعيد الإعتبار لممثل الدولة السورية في الجامعة العربية، خصوصاً بعد أن ثَبُت للجميع المكانة والإحترام الذي تتمتع به دمشق في الإتحادات العالمية.

لا شك أن مسألة مكافحة الإرهاب من المسائل التي تعني كافة الدول اليوم بعد أن دخل الإرهاب بيوت الجميع. لكن اللقاء المصري الروسي، أعاد الإعتبار للطروحات الروسية الإيرانية تحديداً حول هذا الموضوع. كما أن التقارب المصري الروسي فيما يخص هذا الملف الى جانب وجود المصالح المشتركة يُعتبر من نقاط القوة التي ستساهم في ترسيخ واقعٍ لمحاربة الإرهاب يعود بالمصلحة على المنطقة كافة، ويقوم على أساس مشاركة الجميع لا سيما سوريا ومصر. 

 المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق