الاهتمام الداعشي بليبيا.. توزيع للجبهات وبوابة لاوروبا!
خلال الاشهر القليلة الماضية تمكن تنظيم داعش الارهابي فرع ليبيا من تثبيت حكم التنظيم على المناطق التي يسيطر عليها مما يؤكد، وقد انتشرت مؤخرا تغريدات ودعوات كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لصفحات وافراد يدورون في فلك التنظيم، يؤكد أهمية شمال افريقيا بشكل عام وليبيا بشكل خاص للتنظيم الارهابي لجهة كونها المنطلق الى روما والفاتيكان والى استعادة الاندلس. وقد ركزت هذه التغريدات والتصريحات على دعوة المتطرفين للانضمام الى التنظيم في ليبيا تمهيدا لدخول اوروبا من البوابة الليبية. وهذا يؤكد أن التنظيم الارهابي في طور تعديل استراتيجيته التوسعية باتجاه شمال افريقيا.
التنظيم الذي يحتل أجزاء كبيرة من سوريا والعراق ويعتبر المناطق التي يحتلها خلافته الاسلامية (المزعومة)، ما فتأ يدعو أنصاره الى الهجرة الى ربوع بلاد الخلافة التي ترحب بالمسلمين الذين يتوقون الى حكم الاسلام. هذا في وقت بدأت تبرز دعوات الى التوجه الى ليبيا لنصرة التنظيم وتثبيت حكمه هناك في مؤشر واضح على أن التنظيم بدأ بالنمو على مسارين بدل مسار واحد، الاول في سوريا والعراق والثاني في ليبيا وشمال افريقيا بشكل عام.
أهداف التنظيم من التواجد في «ليبيا»
وبالعودة الى أهداف التنظيم من التواجد في ليبيا، فلهذا البلد عدة خصوصيات ومنها أن تلك الدولة المتوسطية تتميز بقرب كبير من القارة الاوروبية متمثلة بايطاليا. وهنا من الجدير بالذكر أن احصائيات الامم المتحدة تشير الى أن اكثر من ٣٠٠ الف مهاجر غير شرعي قد عبروا المتوسط خلال العام الحالي فقط بالاضافة الى اضعاف هذا العدد في السنوات القليلة الماضية. في دليل واضح على الضعف الاوروبي في مواجهة هذه الحالة من الهجرة الكبيرة باتجاه اوروبا. ومن المؤكد أن التنظيم اذاما اراد مهاجمة اوروبا عبر مجموعات مقاتلة فهناك القدرة اللوجستية والعسكرية. خاصة أن التنظيم يسيطر على مناطق شاسعة في ليبيا ولديه من المقدرات المادية ما يتعدى مليار دولار سنويا حسبما يؤكد متابعون من منظمات اوروبية.
بالاضافة الى أن الوضع في ليبيا الآن غير مستقر حيث تتنازع حاليا الجهات والمنظمات المختلفة السيطرة على الاراضي الليبية. وكثيرة هي المجموعات التي حملت السلاح بغية تحقيق أهدافها والسيطرة على الارض. والبنية الليبية السكانية التقليدية وسطوة القبائل على اجزاء كبيرة منها جعل الامور اكثر تعقيدا. بالاضافة الى الاضطرابات الناشئة من عدم وجود حكومة مركزية جعلت ليبيا مسرحا للمجموعات الارهابية المختلفة التي لا حسيب لها ولا رقيب.
وأمام هذا الواقع تأتي الاطماع الداعشية والتي تبلورت اخيرا على شكل شبه خلافة جديدة محافظتها سرت الليبية. خاصة أن التنظيم قد اكتسب تجربة وقوي عضده خلال السنوات الاخيرة من المواجهة في سوريا والعراق مما سهل عليه تنفيذ مخططاته في ليبيا مع وجود بيئة أكثر مساعدة له من سوريا والعراق.
وضع التنظيم وسياساته في «ليبيا»
كثف التنظيم حضوره الاعلامي والمادي بشكل ملحوظ منذ اعلان «مجلس شورى شباب الاسلام» في مدينة درنة مبايعته للتنظيم في تشرين الاول اكتوبر الماضي. وللتنظيم بصمات واضحة في كل من سرت وبنغازي وطرابلس واجزاء من جنوب ليبيا الذي تسكنه العشائر الليبية المختلفة.
وبدأ التنظيم العمل في ليبيا منذ سقوط حكم معمر القذافي بشكل هادئ وبالخفاء. وواجه بداية الامر القاعدة التي ارادت تنحيته ولم تتمكن. ومن ثم من خلال قيام التنظيم باستيعاب شبكة «أنصار الشريعة في ليبيا» في صفوفه، وبعد تمكنه من اقناعها بمبايعة ابي بكر البغدادي اواخر خريف ٢٠١٤ تمكن من ايجاد ارضية صلبة له للبناء عليها. حيث أن مدينة سرت بالاضافة الى مدينة بنغازي ينشط فيها «انصار الشريعة» منذ صيف ٢٠١٣ م. وتظهر جميع المعطيات أن مبايعة «انصار الشريعة» للتنظيم كانت نقطة التحول التي غيرت مجرى الامور باتجاه التواجد القوي للتنظيم على الاراضي الليبية بعد الفشل الذي مني به في مدينة درنة. حيث تعتبر سرت اليوم العاصمة الآمنة والغنية للتنظيم على غرار الرقة والموصل في كل من سوريا والعراق.
ومن اللافت أن ممارسات التنظيم اتسمت ببعض الليونة في المناطق الليبية كما في برقة وتخللت أنشطته توزيع منشورات طبية في برقة وتقديم المساعدة العامة للمحتاجين والحلوى والهدايا للأطفال في بنغازي. أما الأنشطة العدوانية في برقة فقد شملت إعدام صحفيين وتهجير مخالفين له وكأن السياسة المعتمدة هي العصا والجزرة.
ويؤكد محللون انه ستكون من نتائج هذا التوسع للتنظيم توسع المواجهة له من قبل التحالف الدولي وعلى رأسه امريكا وهذا بالواقع هدف من أهداف التنظيم. الذي يهدف من خلال توسيع رقعة انتشاره الى الشمال الافريقي التخفيف من الضغط على مركزيته في العراق وسوريا عبر فتح جبهات جديدة. ولربما فتح جبهات اخرى مستقبلا باتجاه القارة الاوروبية عبر البحر المتوسط وهذا ما ستظهره أحداث الايام المقبلة.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق