التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

لماذا أصبحت موسكو قبلة العرب، ما عدا السعودية؟ 

 رغم التحالفات القوية التي تربط العديد من الدول العربية بامريكا، خاصة مصر والامارات والاردن، رأينا في الايام الاخيرة العديد من المحاولات من قبل هذه الدول بهدف الاقتراب من روسيا، عبر الزيارات التي جرت من قبل مسؤولي الدول العربية لموسکو، والتي تم توقيع العديد من الإتفاقات التجارية والعسکرية خلالها. حيث فتحت هذه السياسة من قبل الدول العربية الباب علی مصراعيه باتجاه العديد من التحليلات، هنالك من يقول إن الدول العربية يئست من الدور الأمريكي في المنطقة، وفي المقابل يقول البعض الآخر، إن مثل هذه المحاولات من قبل العواصم العربية للاقتراب من موسكو تاتي للتاثير علیها، لتغيير موقف موسكو تجاه سوريا. فما هي حقيقة زيارات القادة العرب الی أرض الدب القطبي؟ 

 

في هذه الاثناء شهدنا خلال الایام الماضية، زيارة الرئيس «عبدالفتاح السيسي» الرئيس المصري لروسيا، التقی خلالها بالرئيس «فلاديمير بوتين»، حيث أكد السيسي خلال الزيارة علی أهمية الحل السياسي لانهاء الازمة في سوريا وفقا لمخرجات مؤتمر جنيف١. وفي المقابل دعا بوتين الی تشكيل تحالف دولي موسّع من خلال مشاركة الدول الفعالة الإقليمية والقوی الدولية بالاضافة الی سوريا، لمواجهة التيارات المتطرفة وعلی رأسها تنظيم داعش الإرهابي. 

 

وفي هذا السياق تناولت المحادثات بين الجانبين موضوع تعزيز العلاقات العسكرية، ومواصلة تصدير المعدات العسكرية الروسية لمصر. بالاضافة الی هذا تباحث الرئيسان الروسي والمصري حول موضوع إنشاء محطة نووية في منطقة «الضبعة» للاغراض السلمية. فضلا عن أن محادثات جرت بين السيسي وبوتين لانشاء منطقة صناعية روسية في منطقة قناة السويس المصرية. هذه الملفات المتعددة التي تناولتها زيارة السيسي لموسكو تدل علی أن القاهرة عازمة علی تاسيس علاقة استراتيجية مع روسيا، مما سيؤدي الی تطابق كبير في الموقفين الروسي والمصري للعمل علی حل الأزمة السورية في المستقبل القريب. 

 

ورأی بعض المتابعين ظهور «وليد المعلم» وزير الخارجية السوري علی قنوات التلفزيون الرسمي المصري وهو أمر لم نعتاده منذ سنوات، علی أنه ليونة جديدة في المواقف المصرية تجاه النظام السوري، فضلا عن التصريحات الإعلامية التي صدرت عن الرئيس «بشار الاسد» والتي قال خلالها، «نريد من مصر أن تلعب دور الدولة الهامة الفاعلة الشقيقة التي تساعد بقية الدول العربية انطلاقا من تاريخها العريق»، حيث أنها ايضا تدل علی عودة الامل لسوريا فيما يخص تغيير الموقف المصري ايجابيا تجاه دمشق. 

 

واضافة الی زيارة السيسي لمصر فقد شهدنا العديد من الزيارات للملوك والرؤساء العرب لروسيا خلال الفترة الاخيرة، كان من ضمنها زيارة «عبدالله الثاني» ملك الاردن. حيث توضح المؤشرات بروز تغير ملحوظ في مواقف الاردن تجاه النظام السوري، ونسمع الكثير من الكلام من قبل المسؤولين الاردنيين إزاء ضرورة توحيد الجهود العربية والدولية لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي. بالاضافة الی ذلك اكدت مصادر مصرية مطلعة أن بوتين وعبدالله الثاني تباحثا خلال زيارة الاخير الی روسيا، «الأزمة السورية وسبل حلها خلال الفترة المقبلة». 

 

ويحدث هذا الاقتراب الروسي العربي باعتقاد الكثير، إثر تقليص النشاط الأمريكي في المنطقة مقارنة بالعقود الماضية خاصة خلال حقبة رئاسة «باراك اوباما»، مما ادی ذلك الی زحف الدول العربية باتجاه موسكو، بأمل التوصل الی حلول وسطية لانهاء أزمات المنطقة. وفي المقابل تحاول روسيا بعد الضعف الذي أصاب حضورها خلال العقدين الماضيين في المنطقة، إثر انهيار الاتحاد السوفيتي، تحاول العودة مجددا لمنطقة الشرق الاوسط، للعب دور جوهري في هذه المنطقة، وينعكس ذلك في دور موسكو الرئيسي لانهاء الأزمة السورية. 

 

وبالاضافة الی زيارة السيسي وعبدالله الثاني الی روسيا خلال الايام الاخيرة، كانت هنالك زيارة عربية مهمة اخری جرت من قبل ولي عهد أبوظبي الشيخ «محمد بن زايد» الی روسيا. حيث أكد مراقبون أن الإمارات بالرغم من انزعاج السعودية باتت تقود تحالفا عربيا يتشكل من عمان والقاهرة بالاضافة الی أبوظبي، يروج لحل الأزمة السورية سياسيا، ويقوم الحل علی مبدأ “بقاء الأسد” في السلطة. إضافة الی ذلك جرت خلال الفترة الاخيرة تنسيقات رفيعة بين موسكو وأبوظبي في مجال منتدی الدول المصدرة للغاز، بين شركتي «روس نفط» و«كريسنت بتروليوم» الروسية والإماراتية، لتطوير حقول نفط في منطقة الشارقة. لكن في مقابل هذه المساعي العربية الروسية لانهاء الازمة السورية نری امتعاضاً شديداً من قبل السعودية، حيث صرح «عادل الجبير» وزير الخارجية السعودي بعد هذه الزيارات العربية لروسيا، أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من الحل في سوريا. 

 

اذن هذا التعاون الجديد بين روسيا وثلاثة من أهم الدول العربية وهي مصر والامارات والاردن، فضلا عن أنه يستطيع العمل علی تجفيف جذور الارهاب في المنطقة خاصة مواجهة داعش، بامكانه ايضا حل الازمة السورية، وذلك من خلال اضعاف المحور القطري السعودي الداعم للحرب علی دمشق، خاصة اذا امتزجت هذه المساعي العربية الروسية، بالمساعي الإيرانية لحل ازمات المنطقة، فان نهايتها ستكلل بالنجاح. وبناء علی هذا فانه يمكن القول إن المحور العربي الروسي الجديد، ياتي لمواجهة المحور القطري السعودي المتعنت والذي يدعو لدعم الارهاب في سوريا ويصر علی اسقاط الاسد.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق