التحديث الاخير بتاريخ|السبت, يوليو 6, 2024

علاقات إيران مع دول مجلس التعاون ودور الاقتصاد فيها 

تختلف دول مجلس التعاون مع طهران في العديد من ملفات المنطقة، فمن الأزمة السورية التي شكلت شرخاً كبيراً بين الطرفين إلى الملف اللبناني وإلى الأحداث الأخيرة في العراق، ليأتي ملف اليمن ويزيد الفجوة بين الطرفين، ورغم تفاؤل دول مجلس التعاون بتغيّر السياسة الإيرانية بعد فوز الرئيس حسن روحاني، إلا أن موقف طهران بقي ثابتاً من متغيرات المنطقة، وبقيت العلاقة بين الطرفين في حالة جمود دون أي تحسن.

الخلافات السياسية بين إيران ودول مجلس التعاون حول القضايا والأحداث في المنطقة تعتبر العامل الأهم في تضعيف العلاقات وزعزعة الثقة بين الجانبين، وزادت العلاقات سوءاً نتيجة العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران والتي سببت ضعف المبادلات التجارية بين طهران ودول العالم كافة ومن بينها دول مجلس التعاون، وليس قابلاً للإنكار أثرُ الاقتصاد في تحسين العلاقات السياسية بين الدول، والاتحاد الأوروبي خير مثال على ذلك.

ورغم الخلاف السياسي بين إيران ودول مجلس التعاون، إلا أن التفاهم الأخير الذي حصل بين الغرب وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني سيؤدي إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وهذا بدوره سيسمح بفتح الباب أمام بناء علاقات اقتصادية بين طهران ودول مجلس التعاون، ما يمكن أن يزيد الثقة بين الطرفين ويخفف من حدة التوترات السياسية بينهما إذا تم استغلاله بشكل صحيح، ولكن بناء أي علاقات تجارية واقتصادية يحتاج إلى مقومات كثيرة من أهمها أن تكون الدول ذات سيادة بالإضافة إلى حريتها في ممارسة نشاطاتها، ولهذا على دول مجلس التعاون أن تستعيد زمام المبادرة وأن تتخلص من المؤثرات الأمريكية والغربية على قرارها السياسي والاقتصادي.

ومن خلال علاقات اقتصادية جيدة يمكن أن تعبر إيران ودول مجلس التعاون من نفق العلاقات المتوترة، وهذا ما أثبت فاعليته في العلاقات التي تجمع بين الإمارات وإيران، إذ بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين العام الفائت ١٧ مليار دولار، بالإضافة إلى ٢٠٠ رحلة طيران أسبوعياً بين البلدين، وتعود العلاقات الاقتصادية الضخمة هذه إلى اعتماد البلدين استراتيجية غض النظر عن الخلافات السياسية، وهذا ما شكل قاعدة متينة لإنشاء علاقات اقتصادية مميزة بين البلدين، هذه العلاقات بدورها انعكست إيجاباً على العلاقات السياسية التي تجمع الطرفين، فالعلاقات بينهما تجاوزت مرحلة الخلافات السياسية، فرغم النداءات المتتابعة وسعي العديد من الأطراف والدول إلى تأجيج مسألة الجزر الثلاث بهدف زرع التوتر بين البلدين، بقيت علاقات أبو ظبي مع طهران وطيدة ولم تتأثر، على عكس العديد من العواصم الأخرى التي اتخذت مسألة الجزر ذريعةً للتصعيد وبث الفرقة والاختلاف، واللافت أن دولة الإمارات المعنية بهذه المسألة تجاهلت هذا الموضوع وذهبت إلى بناء علاقات جيدة مع طهران.

ولا تنفرد الإمارات بالعلاقات الجيدة مع طهران، فسلطنة عمان هي الأخرى تتمتع بعلاقات وطيدة مع إيران، بل وساهمت بشكل إيجابي في مباحثات الملف النووي الإيراني كما ساعدت في إقناع الغرب بسلمية البرنامج النووي الإيراني، وتملك هذه الدولة ثقة متبادلة مع طهران بالإضافة إلى التقارب السياسي الذي يجمع الطرفين في العديد من ملفات المنطقة وقضاياها، ناهيك عن أن مسقط لا ترى أن طهران تشكل تهديداً لدول الجوار، على عكس بعض دول المنطقة التي تحاول جعل الصواريخ الإيرانية ذريعةً لتوتير العلاقات وتصعيدها.

العلاقات الإيرانية مع كل من الإمارات وسلطنة عمان بالإضافة إلى الانفتاح الاقتصادي الذي ستدخل به طهران بعد رفع العقوبات وغير ذلك من العوامل، يمكن أن تكون نقطة ارتكاز متينة تنطلق منها باقي دول مجلس التعاون لتصحيح مسار علاقاتها مع الجارة طهران، ويمكن أن تلعب الإمارات وعُمان دوراً هاماً في تبديد الشكوك التي تنتاب هذه الدول حول السياسة الإيرانية التي أثبتت خلال السنوات الماضية أنها لا تحمل إلا نوايا السلم والاستقرار للمنطقة، حتى أن الغرب بدأ يثق بطهران وصادق على سلمية برنامجها النووي، فلا مكان للشكوك والظنون بعد الآن.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق